"المركزي"..إختبار حقيقي لوحدة مكونات منظمة التحرير؟

من اجتماعات المجلس المركزي سابقاً
من اجتماعات المجلس المركزي سابقاً

استبق اجتماع المجلس المركزي لمنظمة "التحرير" إعلان من ثلاثة فصائل عن مقاطعتها للإجتماع، من منطلق أن الدعوة لعقده تمت "دون توافق وطني"، عدا عن حاجته للتحضير الجيد.

والفصائل الثلاثة التي أعلنت مقاطعتها لإجتماع المركزي هي "​​​​الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، و"الجبهة الشعبية-القيادة العامة" (مقرها سوريا)، و"طلائع حزب التحرير الشعبية-قوات الصاعقة سابقا".

وبغض النظر عن اعتبار حركة "فتح" الفصيل الأكبر بمنظمة التحرير، وتراجع حجم الكثير من الفصائل اليسارية في الشارع الفلسطيني، إلا أن أي إعلان عن مقاطعة المركزي، من شأنه أن يعطي انطباعاً أن هذا الإجتماع سيعمق الشرذمة بين فصائل المنظمة بدلاً من توحيدها، خلافاً للعنوان الأول للإجتماع المرتقب، ألا وهو توحيد فصائل المنظمة حول برنامج سياسي ووطني موحد.

وهنا، يبرز تساؤل ومفاده: هل يُعد اجتماع "المركزي" اختباراً لوحدة مكونات منظمة التحرير، أم انقسامها وتبعثرها؟

يقول رئيس قائمة " الحرية والكرامة" للإنتخابات التشريعية د. امجد شهاب، لموقع "زوايا"، إن القائمة أصدرت بياناً رحبت فيه بمقاطعة الجبهة الشعبية لإجتماع "المركزي" المرتقب في السادس من الشهر المقبل؛ لعدة أسباب، أبرزها أن "المركزي" ينعقد في ظروف صعبة وله أهداف معينة وهو ترسيخ مرشحين بناء على مصلحة شخصية ضيقة لا عامة، فضلاً عن "هيمنة فصيل بعينه وتيار واحد بما يخالف الميثاق الوطني المنبثق عن منظمة التحرير".

اقرأ أيضاً: الوكالات الإخبارية الأجنبية.. تحيزٌ واضح لرواية الاحتلال.. الأسباب والعوامل

وأضاف شهاب أنه كان المفروض أن يتم انتخاب المجلس الوطني العام الماضي بعد الإنتخابات التشريعية والرئاسية، لكن تم إلغاؤها بحجة "الرفض الإسرائيلي" لإجراء الإنتخابات في القدس. وأشار إلى أنه كان يمكن إجراء انتخابات إلكترونية، وهذه الآلية مطروحة في العالم كله.

"المركزي اختبار لعدم تمثيله الشارع الفلسطيني"

وتابع أمجد شهاب بأن اجتماع المجلس المركزي بمثابة اختبار حقيقي لعدم تمثيله لكل الأطياف في الشارع الفلسطيني، مشيراً إلى أنه لم تجرِ انتخابات حقيقية في منظمة التحرير قائم على الإنتخاب المباشر من الشعب الفلسطيني على مدار 57 عاماً، وإنما ما يجري هو تعيين وتوافق بين الفصائل المنضوية فقط. وهو ما أدى إلى جعل مؤسسات منظمة التحرير "متهالكة وضعيفة وفي موت سريري ولا تؤدي دورها"، على حد قوله.

وأوضح أن تعيين أعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني يتم خلافاً للبند السابع في ميثاق منظمة التحرير والذي ينص على التصويت المباشر من قبل الشعب.

ويرى شهاب أنه تتم اليوم محاولة لعقد اجتماع المركزي لـ "ترسيخ ترشيح أشخاص يرفضهم معظم الشعب الفلسطيني، لا سيما أنها تأتي للتهيئة لتعيين أمين سر للمنظمة ب"طريقة غير ديمقراطية". وهذا يعني أن ما يجري هو ترشيح لا انتخاب. واعتبر شهاب أن هذا دليلاً على أن منظمة التحرير تأخذ شرعيتها من الخارج وليس من الشعب، وهو ما أضعف مؤسسات منظمة التحرير؛ لأنها قائمة على "تعيينات غير مهنية وبعيداً عن الميثاق الوطني".

"يجب التوافق على قضايا..لجعل المركزي خطوة إلى الأمام"

من جانبه، قال نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم إن الجبهة لا زالت تدرس ب"جدية كبيرة" موضوع مشاركتها باجتماع المركزي، سواء داخل أروقة الجبهة الديمقراطية أو حوارات الأخيرة مع حركة فتح وغيرها من فصائل منظمة التحرير.

وأضاف عبد الكريم لموقع "زوايا": "نحن نعتقد أن هناك عددا من القضايا التي يجب التوافق عليها فيما يتعلق بمخرجات اللجنة السياسية والتنظيمية للدفع بخطوات إلى الأمام لمعالجة الوضع الفلسطيني بدلا من أن تكون خطوات للوراء.. وعلى ضوء نتائج الحوارات ستقرر الجبهة، خلال أيام، مسألة المشاركة.

وشدد على ان الجبهة الديمقراطية تمنت لو تم التحضير لمجلس وطني لدورة استثنائية لتكون بمثابة دورة توحيدية للصف الوطني ككل في سياق عملية متكاملة لإنهاء الإنقسام، وللتأكيد على قرارات سابقة قد صدرت عن "الوطني" و"المركزي" بشأن التحلل من العلاقة مع إسرائيل.

وحول مقاطعة ثلاثة فصائل لإجتماع المركزي، عبر قيس عبد الكريم عن أسفه بأن "نجد أنفسنا أمام هذا الوضع..لكن الجبهة الشعبية-القيادة العامة والصاعقة رغم وجودهما في المنظمة، فإنهما لا يشاركنا في اجتماعات المنظمة منذ مدة طويلة. كما أن الرفاق بالجبهة الشعبية سبق وأن قاطعوا دورة المجلس الوطني قبل أربع سنوات".

واعتبر عبد الكريم أنه كان من الواجب نقاش ماذا يجب ان يناقش "المركزي" بدلاً من "أن نجد أنفسنا" نناقش مقاطعة بعض الفصائل لإجتماع "المركزي".

عبد الكريم: مؤسسات المنظمة في وضع لا يسر صديقاً ولا يغيظ عدواً

وبشأن ما إذا كان اجتماع "المركزي" المرتقب بمثابة اختبار لوحدة مكونات منظمة التحرير أم تبعثرها وانقسامها، اكد عبد الكريم أن "وضع مؤسسات منظمة التحرير لا يسر صديقا ولا يغيظ عدواً"، مشيراً إلى الحاجة الماسة لإعادة بناء شاملة وضخ دماء يافعة في عروق منظمة "التحرير" وخلخلة مؤسساتها المتكلسة وإعادة ترميمها، لكن عبد الكريم قال إن هذه عملية طويلة وتراكمية، ويمكن أن يتم التقدم نحوها.

اقرأ أيضاً: ترشيح الشيخ وفتّوح لمواقع بالمنظمة: مآخذ شخصية أم جوهرية؟

وتابع: "باعتقادنا ان الأسلوب الجذري والمجدي لبناء المنظمة والسلطة هو العودة للشعب الذي هو مصدر الشرعية. وحتى ذلك الحين، ينبغي بذل بكل جهد لتفعيل مؤسسات المنظمة بدلا من تعطيلها، حسب عبد الكريم.

ويعني هذا، أن عبد الكريم بالرغم من إقراره بترهل مؤسسات منظمة التحرير، إلا أنه يرى إمكانية لتصحيح المسار وإعادة الإعتبار للمنظمة، وأن القصة لم تنتهِ بعد.

أبو يوسف: تباينات الفصائل تحت خيمة المنظمة

بدوره، رأى أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير" واصل أبو يوسف، أنه مهما كانت هناك تعارضات دائمة في مواقف فصائل منظمة التحرير، إلا أن هناك إصرار من جميع هذه الفصائل بأن تكون اجتهادات وخلافات داخل خيمة منظمة التحرير، تحت عنوان وحدتها أمام التمسك بالمنظمة وحضور اجتماعاتها.

وقال واصل أبو يوسف لموقع "زوايا" أن اجتماع المركزي المرتقب هو استحقاق على صعيد انعقاد "المركزي"، ومما هو واضح حتى الآن، أن جميع فصائل المنظمة ستشارك بالاجتماع، باستثناء "الجبهة الشعبية"، وهو استمرار لعدم حضورها في السنوات الأخيرة. وأكد أن أحد أهداف "المركزي" هو الحفاظ على استمرارية المنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، إلى جانب مراجعة القرارات السابقة التي تحدد العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي.

ورأى أبو يوسف أن اجتماع المركزي يمثل منبراً لحوار داخلي بين فصائل منظمة التحرير، على أمل أن ينتقل لاحقاً إلى حوار مع "الكل الوطني". لذا، حاول أبو يوسف أن يؤكد أن أي شيء لن يجعل وحدة مكونات المنظمة على المحك، بغض النظر عن تباين وجهات النظر حيال الكثير من المواضيع.

"لا وجود للمنظمة..لأنّ السلطة ابتلعتها بعد أوسلو"

الواقع، أن هناك من يرى أنه لا وجود لمنظمة التحرير أساساً حتى يتم الحديث عن وحدة مكوناتها، وهو الموقف الذي يتبناه أستاذ في برنامَجيّ الماجستير في الديمقراطية وحقوق الإنسان المركزي د.جورج جقمان؛ إذ يقول لـ "زوايا" إنه من ناحية فعلية لا وجود للمنظمة لأن السلطة ابتلعت المنظمة بعد اتفاق أوسلو وأخذت مكانها.

وحول مدى قدرة "المركزي" على توحيد مكونات منظمة التحرير، رأى جقمان أن الشرخ يكبر بين الفصائل، كون الإطار الجامع المتمثل بمنظمة التحرير هو غير موجود إلا بالاسم، مشيرا إلى أن المطالبة لاعادة بناء منظمة التحرير قديم، ولكن لا نية لإعادة بنائها.

وشدد على أن اجتماع "المركزي" المرتقب ليس اجتماعا صحيحا من ناحية إجرائية، خاصة أن كثيرين يظنون بأن الهدف هو جعل المركزي يعمل بدلا عن "الوطني" وإلغاء الأخير، ثم استخدام "المركزي" لأغراض أخرى بينها أن يكون بديلاً عن المجلس التشريعي أيضاً

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo