التشريعي والانقسام الفلسطيني وعامل الزمن

حكومة غزة
حكومة غزة

ان من اهم أدوار الحكومات مطلقا هو خلق البنى القانونية والتشريعية المتجانسة التي تزبد من توافق الامة وتجانسها حتى في ظل التباينات العرقية او الدينية او الفكرية السياسية التي تتخللها، وذلك أيضا من خلال المنظومات التعليمية والثقافية والعدالة والامن والاقتصادية التجارية وغيرها وما ينظمها من أسس قانونية وتشريعية وهو ما يخلق بناء مؤسسي وقانوني رصين يقود الامة نحو اهدافها  وهو ما يترتب عليه لاحقا تصاعد مضطرد في الابداع وفعالية القطاع الخاص والنمو الاقتصادي في ظل الشكل المقبول من عدالة توزيع الدخل والثروة وتوفر الحقوق الإنسانية الأساسية.

كما ان هذا العمل خصوصا في الدول الناشئة يعتبر الأساس وذات الأولوية وتراكميا لكافة الحكومات المتعاقبة التي تنبثق عن المجالس والبرلمانات المنتخبة والتي يجب ان يتم انتخابها دوريا لضمان الحياد السياسي وللتأكيد على صدقية التمثيل للامة والمجتمع واراءه وتوجهاته.

في فلسطين استمر عمل المجلس التشريعي بعد احداث الانقسام الفلسطيني الى ان قام الرئيس عباس بحله الا انه استمر بالعمل في قطاع غزة وبكامل الفعاليات وكل الصلاحيات ومنها الاستمرار في اصدار القوانين والتشريعات حيث اقر العشرات من القوانيين منها ستة قوانين بشكل نهائي العام الماضي.

وقد بينت الدائرة الإعلامية للمجلس التشريعي في تقرير لها على صفحة المجلس أن التشريع وسن القوانين المهمة الأولى التي يضطلع بها المجلس التشريعي، حيث قام خلال العام الماضي بالعمل على سن 25 قانوناً مختلفاً، سن منها 6 قوانين بشكل نهائي بعد أن تم إقرارها بالقراءة الثانية، من بينها، قانون التصديقات، تعديلات قانون البلديات وقانون معدل لقانون الأسرى والمحررين، وقانون التنفيذ الشرعي، وهي تنسري في قطاع غزة فقط في مختلف الجوانب. ومن جهة أخرى استمر الرئيس عباس بإصدار قرارات بقانون بحسب ما يخوله القانون وهي تسري في الضفة الغربية وتشمل الجوانب الادارية والمالية والقضائية وغيرها.

اقرأ أيضاً: خطر يتهدد مواشي غزة والانقسام "يزيد الطين بِلة"!

وبهذا وبكل اسف باتت المنظومات الفلسطينية الإدارية والمالية والضريبية والانفاقية والقضائية والبلدية وغيرها تتباين تدريجيا وعبر الزمن، وبات التباين المؤسسي والقانوني متفاقما مما ترتب عليه تباينا حادا عبر الزمن في حجم البنى التحتية المادية من طرق وأنظمة تصريف وتزويد المياه والطاقة ودعم الجهاز الحكومي والقضائي وتسهيل الاعمال التجارية ودعم القطاعات الاقتصادية الزراعية والصناعية والطاقة الاستيعابية لتوفير السلع وتخزينها والتصدير وكذلك البنى الاجتماعية من صحة وتعليم أساسي وجامعي وغير ذلك.

ان هذا يترتب عليه المساهمة في تعزيز فروقات الدخل الفردية ودعم مستويات التعليم والصحة المعززة للأفراد وتراجع حالات البقاء والصمود الاقتصادي للشركات وحفظ الحقوق التجارية ومستويات الإنتاج والامن الغذائي وبالتالي معدلات البطالة والفقر.

ومن ناحية أخرى فان تباين العوامل المؤسسية والقانونية بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتفاقمها يعمل بشكل مغاير لإيجاد نواة اقتصادية حقيقية للدولة الفلسطينية المستقبلية وهو ما ينكص فيه الفلسطينيون على اعقابهم في طريق التحرير.

ان استمرار أداء عمل المنظومة التشريعية المجتزأة في هذه الحالة الاضطرارية والمريرة من تاريخ شعبنا يجب ان يقتصر على الأداء الرقابي والحماية الاقتصادية والاجتماعية في ظل ما هو قائم من تشريعات التي لم تكن فاعلة أي العملية التشريعية طوال فترة الاحتلال، وعدم المساهمة في زيادة الهوة بين المنطقتين المنفصلتين من بواقي هذا الوطن.

ومن هنا يثور السؤال حول الدور الرقابي لجهاز تشريعي احادي اللون السياسي وحول دوره الحمائي ويكفي التدليل على ذلك بنوع وشكل ومقدار المسائلة المتحققة على جرائم النصب والاحتيال منها الالكتروني والمتعلق بما يعرف التسويق الهرمي وغيرها التي تفشت خلال العقد الماضي في قطاع غزة واستنزفت وتستنزف مدخرات الغزيين وهل من رقابة حقيقية فعلا على القائمين الاقتصاديين والقانونيين على منع مثل هذه الجرائم والحيلولة دون وقوعها. ان عدم وجود مثل هذه الاشكال من المسائلة والمحاسبة يدلل على ضرورة الدورية في الانتخاب لضمان الفعالية الحقيقية لمثل هذه المجالس النيابية وضمان فعالية أدائها وحيادها السياسي.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo