والنظام العالمي لم يكن عادلاً

دراسة: "إسرائيل" استثنت الفلسطينيين من لقاحات "كورونا"

لقاح كورونا
لقاح كورونا

كشفت ورقة سياسية أن النظام العالمي مارس التمييز العنصري بين الفلسطينيين والإسرائيليين خلال جائحة كورونا وخاصة مع بداية حملات التطعيم في العالم.

وأوضحت الورقة التي أعدتها الباحثة "هند بطة" حول توزيع اللقاحات في فلسطين ونشرتها مؤسسة "مرصد للسياسات الاجتماعية والاقتصادية" أنه رغم العديد من التصريحات من منظمة الصحة العالمية وغيرها من منظمات اﳌﺠتمع الدولي، حول مسؤولية "إسرائيل" كقوة محتلة في توفير اللقاحات للفلسطينيين، إلا أن النظام العالمي استمر بإمداد إسرائيل بكميات اللقاح اللازمة، وكانت إسرائيل قادرة أن تكون أول الدول التي تبدأ بإعطاء مواطنيها الجرعة الثالثة من اللقاح.

وتصدّرت "إسرائيل" قائمة الدول التي تمكنت من تأمين حصتها من لقاحات فيروس كورونا، إذ بدأت عملية التطعيم فيها منذ كانون أول 2020، حيث استهلك الاحتلال حوالي 15 مليون جرعة من الإنتاج العالمي، في حين لما يتجاوز استهلاك الفلسطينيين 2 مليون جرعة حتى الآن.

وأكدت الباحثة أن النظام العالمي بشكله الحالي عمق الأزمة ولم يقدم حلولاً جذرية لها، ما انعكس على قدرة الدول النامية والفقيرة على تأمين اللقاحات، مقابل الدول الغنية التي استطاعت من خلال الاتفاقيات الثنائية أن تؤمن حصتها من اللقاح.

وأضافت أنه وعلى الرغم من وجود مبادرة مثل "كوفاكس" لمساعدة الدول الفقيرة على الحصول على اللقاح إلا أن هذه المبادرة لم تستطع إيجاد حلول لقضايا براءات

الاختراع، والحدود التي تفرضها اتفاقيات التجارة العالمية والتي لم ينتج عنها سوى تكديس أرباح شركات صناعة الأدوية الخاصة.

وبينت الورقة البحثية أن السلطة الفلسطينية حاولت توفير اللقاحات وتجهيز مراكز الحجر الصحي والتواصل مع الشارع خلال الجائحة، إلا أن القيود المفروضة على السلطة إلى جانب إمكانياتها المحدودة شكلت عائقاً أمامها.

وكشفت الجائحة عن قصور في تطبيق سياسات حماية اجتماعية متكاملة من قبل السلطة، ما انعكس بشكل كبير على معدلات الفقر والبطالة، ورفع نسبة المتضررين، كما كشفت الجائحة عن أوجه تمييز وضعف شفافية السلطة الفلسطينية ووزارة الصحة خاصة في حملات التطعيم وطرق إدارتها.

اقرأ أيضاً: النقب .. بين خدعة التحريش وقانون العنزة السوداء

حيث اتضح سوء إدارة السلطة الفلسطينية للجائحة من خلال صفقة اللقاحات التي عقدتها وزارة الصحة الفلسطينية مع وزارة الصحة الإسرائيلية لتبادل اللقاحات، والتي تم من خلالها قبول جرعات تنتهي في أقل من أسبوعين وتم تبرير ذلك بالحاجة الملحة للجرعات، إلا أن هذه الصفقة شابها العديد من الأخطاء على المستوى الصحي والمستوى السياسي.

وبحسب الورقة البحثية عملت إسرائيل على تطعيم مواطنيها بمن فيهم المستوطنين في الضفة الغربية والفلسطينيين المقيميين في القدس الشرقية، وقد استثنت من هذه العملية 5 ملايين فلسطينيي يعيشون تحت الاحتلال.

وغابت اللغة العربية مقابل العبرية التي لا يتقنها معظم سكان القدس الشرقية عن مواقع الصحة التي تخاطب المواطنين مثل موقع نجمة داوود الحمراء، بالإضافة إلى غيابها عن الوثائق الرسمية مثل شهادات التطعيم وغيرها.

هذا ولم تعمل الحكومة الاسرائيلية على إنشاء مراكز تطعيم في الأحياء الفلسطينية في مدينة القدس مثل كفر عقب ومخيم شعفاط، بالإضافة إلى تأخير افتتاح مراكز لإجراء فحص كورونا، وحرمان أكثر من 40000 مقدسي من الخدمات الصحية لوزارة الصحة الإسرائيلية بحجة إقامتهم خارج حدود بلدية الاحتلال المصطنعة في القدس.

في المقابل باشرت فلسطين في حملة التطعيم في شهر شباط 2021 بإعطاء الجرعات بصورة متقطعة، وقد ترافق ذلك مع تأجيل في تسليم الدفعات من مبادرة كوفاكس، حيث صرحت وزيرة الصحة مي الكيلة في شهر شباط أنه كان من المفترض تسلم الدفعة الأولى من اللقاح خلال النصف الثاني من الشهر إلا أن كوفاكس أجلت التسليم لشهر أيار، وخفضت عدد الجرعات المتفق عليها، وفسرت وزيرة الصحة ذلك بأن موضوع اللقاحات متعلق بالأمن القومي للدول، فالدول المنتجة تمنح اللقاحات لمواطنيها وحلفائها، وبالأخص "إسرائيل" التي تعتبر حليف استراتيجي للعديد من الدول.

وطالبت الورقة البحثية بضرورة وجود ضغط من مؤسسات ومنظمات اﳌﺠتمع الدولي على دولة الاحتلال من أجل الإيفاء بالتزاماتها المفروضة عليها بموجب القوانين والمعاهدات الدولية، خاصة فيما يتعلق بالحق في الصحة، وإعادة النظر في تطبيق اتفاقية التجارة العالمية على تبادل الأدوية واللقاحات.

ودعت إلى التركيز على قطاع غزة كمكان تتكثف فيه الانتهاكات التي مارسها الاحتلال خلال الجائحة، وكمظهر واضح لتشابك السياسي مع الصحي، وضرورة نقاشهما بشكل تقاطعي خاصة في الحالة الفلسطينية.

وأثبتت الدراسة فشل مبادرة كوفاكس في وضع حد للأزمة العالمية لتوزيع اللقاحات والعمل على توزيعها بشكل عادل بين الدول، مما يشير إلى ضرورة إعادة النظر في أهداف هذه المبادرة، حيث لا يكفي إدارة عمليات التوزيع بين الدول التي بقيت رهناً لإرادة الدول المصنعة للقاح، بل هناك حاجة لنقاش عالمي حول شروط التصنيع والتوزيع واحتكار الشركات الكبرى لتكنولوجيا اللقاح، بالإضافة إلى ضرورة النظر إلى أزمة اللقاحات كواحدة من بين مجموعة من الأزمات العالمية الناتجة عن طبيعة النظام العالمي المهيمن.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo