النقب .. بين خدعة التحريش وقانون العنزة السوداء

تهجير اهالي النقب
تهجير اهالي النقب

تحت حجة تحريش "تشجير" النقب، بدأت سلطات الاحتلال مؤخرا إجراءاتها القمعية لترحيل فلسطينيي النقب من أراضيهم، وبناء شوارع وسكك حديدية وتجمعات استيطانية في قراهم غير المعترف بها من قبل سلطات الاحتلال، مما دفع أهالي النقب للهبة في وجه الإجراءات الإسرائيلية.

نكبة مستمرة

ووفق هند سليمان التي تسكن النقب، فإن مخطط تهجير أهالي النقب ليس جديدا، فالنكبة في النقب مستمرة منذ عام 1948، وفي عام 2011 حاول الاحتلال تطبيق مخطط "برافر" وهو قانون إسرائيلي لتهجير عشرات القرى الفلسطينية في النقب وتجميعهم في ما يسمى "بلديات التركيز"، لكن هبة أهالي النقب وفلسطينيي الداخل المحتل حينها، انتصرت على المخطط وتم تجميده.

وأكدت سليمان في حديثها لـ "زوايا" أن ما يحدث اليوم في النقب هو إعادة تفعيل مخطط "برافر" لكن بأدوات وشكل جديد، من خلال تحويله إلى مخططات صغيرة تستفرد بقرى النقب واحدة تلوى الأخرى وليس مجتمعة.

"برافر" بشكل جديد

وأوضحت أن ما يسمى شارع "عابر إسرائيل" الذي كان ضمن مخطط "برافر"، سيحول مدينة بئر السبع الى "متروبولين" بئر السبع، وهي شركة نقل إسرائيلية تضم عددا كبيرا من خطوط النقل في دولة الاحتلال، بالتالي تتحول مدينة بئر السبع إلى شوارع سريعة تربط مستوطنات جبال الخليل بالنقب، بالإضافة الى بناء سكة حديد، لتشجيع المستوطنين على السكن في النقب لتخفيف الضغط على منطقة المركز "وسط فلسطين المحتلة".

اقرأ أيضاً: ما حقيقة وتداعيات وقف السلطة عمل لجان توثق جرائم الاحتلال؟

وبيّنت أن مخطط الشارع الذي يمر من النقب "عابر إسرائيل" يمر من منطقة كثافة سكنية عالية، وقد بُشر العمل به وتم إنجاز جزء منه والتهم مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية والرعوية في النقب، ولم يصل حتى الآن القرى لكن مخطط التهجير يسعى لترحيل الأهالي من قراهم واستكمال الشارع.

وقالت إن مخطط "التحريش" ليس ملائما لبيئة ودرجة الحرارة المرتفعة في النقب لأنه يتضمن أشجارا حرجية سريعة الاشتعال والحرائق، كما انها تقتل الأعشاب التي تنبت في النقب، بالتالي ينهي المراعي، لكن سلطات الاحتلال تتحجج بهذا المخطط لتهجير البدو من أراضيهم وتقليص المساحة التي يعيشون فيها.

قانون "تطهير البدو"

وأضافت سليمان: مساحة النقب تبلغ 12 مليون دونم، لكن البدو الذين يشكلون 350 ألف نسمة يعيشون على نسبة 3% من هذه المساحة، ومع ذلك يحاصرهم الاحتلال ويضيّق عليهم ويحاول ترحيلهم منها.

وأشارت إلى أن الترحيل لا يستهدف فقط القرى التي تتضمن مخطط "التحريش"، وإنما 36 قرية غير معترف بها من قبل سلطات الاحتلال، أي القرى التي لا تقدم سلطات الاحتلال لها أي خدمات، وفي نفس الوقت تجبر سكانها على دفع الضرائب.

وأوضحت أن الاحتلال أنشاء مديرية "توطين البدو" التي يطلق عليها الأهالي اسم مديرية "تطهير البدو" التي تختص في كل قضايا النقب، فمن ترضى عنه تمنحه الخدمات ومن لا ترضى عنه تحرمه منها، بعكس بعض المناطق الأخرى في الداخل المحتل التي تأخذ خدماتها من كل وزارة حسب تخصصها.

"العنزة السوداء"

كما أصدر الاحتلال، سابقا ما يسمى قانون "العنزة السوداء"، والذي يمنع بدو النقب الذين يعتمدون بشكل أساسي في حياتهم على تربية الماشية خاصة "العنزة السوداء"، لأنها تنجب كثيرا ويستخدم شعرها في نسيج بيوت الشعر، لذلك اصدر الاحتلال قانونا يمنع تربيتها بحجة أنها مضرة بالبيئة، لكن حقيقة الهدف وراء القانون، منع نسيج بيوت الشعر لإجبار البدو على الرحيل وعدم الثبات في المنطقة، لكن بدو فلسطين التفوا على القانون وقاموا ببناء منازل من الاسمنت والحجر بدل بيوت الشعر، الأمر الذي كان بمثابة "انقلاب السحر على الساحر"، وتمكن البدو من تثبيت وجودهم في قراهم المهددة بالهدم والترحيل.

وحول مزاعم الاحتلال بأن البدو رُحل غير ثابتين في منطقة معينة، فندت هند سليمان تلك المزاعم، مؤكدة أن البدو سابقا، كانوا يتنقلون ضمن حدود القبيلة ولا يهاجرون من منطقة الى أخرى، إلا ضمن اتفاق مع القبائل الأخرى في مواسم معينة.

وأكدت أن قضية النقب هي قضية مرتبطة بكل القضايا الفلسطينية، وهي ليست منفصلة عما يجري في القدس وسائر الضفة، لذلك أهالي النقب مثلهم مثل غيرهم من الفلسطينيين يتصدون للهجمة الإسرائيلية، وهم أكثر وعيا اليوم في نشر ما يجري بحقهم من انتهاكات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

حكم عسكري مستمر

أما رأفت عياش الناشط من النقب، فاعتبر في حديثه لـ"زوايا" أن ما يجري في النقب ما هو إلا حلقة من مسلسل مستمر، لم يتوقف منذ النكبة لتهجير عرب النقب والتضييق عليهم بشكل مستمر، الذين لا يزالون يعيشون فعليا تحت الحكم العسكري من الناحية الإجرائية والنفسية.

وقال إن سياسة الاحتلال، أدت لطفح الكيل بأهالي النقب، وهبتهم في وجه مخططات وإجراءات الاحتلال لتهجيرهم وهدم قراهم، بحجة أنها "غير معترف بها". مؤكدا أن صمودهم هو خط الدفاع الأولى عن سائر باقي الأراضي التي يخطط الاحتلال لتهجير سكانها.

وأوضح أن الحديث يدور حول محاولة تشجير "تحريش" أراضي لعائلة الأطرش في قرية سعوة "غير المعترف بها من قبل سلطات الاحتلال"، وهي جزء من مخطط يتبع أراضي أكبر لقرى وعائلة في المكان. مؤكدا أن ما يسمى "الصندوق القومي الإسرائيلي" يحاول تشجير الأراضي لفرض امر واقع في المحاكم الإسرائيلية على الأرض.

الفلسطينيون مطالبون بالهبة

وشدد أن الأهالي يرفضون هذه الإجراءات والمخططات، ويتصدون بأجسادهم للجرافات كما فعلوا سابقا. مؤكدا ما يجري بشكل مستمر بحق قرية "العراقيب" التي هدمت عشرات المرات، يتم تطبيقه اليوم على باقي القرى في النقب.

وأشار إلى أن مخطط "برافر" الذي كان جارفا لكل قرى النقب، وتم تجميده بعد نضال طويل ضده، يعاد تفعيله اليوم بأدوات وحجج جديدة للاستيلاء على 800 ألف دونم من قرى النقب "غير المعترف بها من قبل سلطات الاحتلال".

ورأى الناشط عيّاش أن التعويل اليوم هو على الهبة الشعبية في النقب وصمود الأهالي وبقائهم في منازلهم رغم إجبارهم على دفع الغرامات الباهظة وهدم منازلهم. مطالبا الفلسطينيين في كافة مناطق توجدهم بالتفاعل ونصرة أهالي النقب، لأن قضية النقب جزء من قضايا النقب في سائر الوطن.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo