ترشيح الشيخ وفتّوح لمواقع بالمنظمة: مآخذ شخصية أم جوهرية؟

من اجتماع اللجنة المركزية
من اجتماع اللجنة المركزية

تجمع مصادر سياسية في أحاديثها لـ "زوايا" على أن تسمية مركزية حركة "فتح" للعضو فيها حسين الشيخ، مرشحها لعضوية منظمة التحرير الفلسطينية، لم يكن مفاجئاً كما روجت له البعض؛ ذلك أن القرار كان يجب أن يُتخذ العام الماضي، لكنه تأجل بفعل الإحتقان الداخلي الفلسطيني الذي نشأ بعد تأجيل الإنتخابات العامة، وما تلاه من تعقّد بعد قتل الناشط المعارض نزار بنات.

وأكدت المصادر أنه تم العمل على موضوع الشيخ منذ مدة، وضمن نقاشات فتحاوية داخلية؛ كي يمر بسلاسة وبإجماع داخل اللجنة المركزية.

لكن، ماذا يعني هذا القرار بشأن الشيخ؟..هل هو تعزيز أكبر لتيار عباس في السلطة لخلافته بعد مغادرته الحكم لأي سبب طارئ؟، أم أنه إجراء لا بد منه لتعيين خليفة للراحل صائب عريقات، كي يحل الشيخ مكانه في أمانة سر المنظمة؟

المحامي والوزير المقدسي الأسبق زياد أبو زياد قال لموقع "زوايا" إن معارضته تنصب على الشكل وليس الجوهر فيما يخص قرارات مركزية "فتح" الأخيرة بتعيين الشيخ وفتوح.

وتابع: "أولاً، دعنا نتفق على أن فتح هي حزب رئيس على الساحة الفلسطينية، ومنظمة التحرير هي الإطار الذي يحوي كافة الفصائل الوطنية..أنا أفهم أن فتح تقوم بإختيار مرشحيها للجنة التنفيذية أو رئاسة المجلس الوطني، لكنها لا تنتخب؛ لأن مهمة المجلس الوطني هي انتخاب اللجنة التنفيذية والوطني".

وأضاف أبو زيّاد أنه بالرغم من أن فتح هي الحزب الأكبر وستمرر ما تريد بالمنظمة، إلا أن هذا لا يمنع أن يكون هناك احترام للديمقراطية ولفصائل المنظمة والتعامل بين الفصائل والقوى داخل المنظمة.. مشيراً إلى أنه لا يحق لفصيل أن يحسم أن فلاناً هو عضو لجنة تنفيذية أو رئيسا للمجلس الوطني، وإنما هو يرشح ثم يتم انتخابهم داخل مؤسسات منظمة التحرير، مع إدراكنا بأن مرشح فتح سينجح، لأن لها الأكثرية ب"الوطني" و"المركزي".

اقرأ أيضاً: مركز خالد الحسن لعلاج السرطان حضر على الورق وغاب عن الواقع

وشدد أبو زيّاد على أنّ عدم المرور بالمراحل المؤسسية في التعيينات، هي انعكاس لعدم احترام للمأسسة والديمقراطية وهيبة منظمة التحرير ولكرامة الشعب الفلسطيني وكل الفصائل والقوى. فيجب أن نقول: "فتح رشحت أحد أعضائها، وليس عينت أو انتخبت، والمنطلق هو احترام للمؤسساتية وشركاء فتح بالمنظمة".

غياب "التشريعي" هو ما يخلق بلبلة حول خلافة عباس

وما إذا كان قرار مركزية "فتح" بشأن تعيين حسين الشيخ وروحي فتوح مرتبطاً بترتيبات خلافة عباس، يعتقد القيادي في "فتح" زياد أبو زيّاد أن خلافة عباس يجب ألا تشغل بال الأخرين، رغم وجود مشكلة قانونية الآن.

وتابع: "لمّا كان لدينا تشريعي ونظام أساسي مطبق، لم يكن قلق بشأن خلافة الرئيس الراحل ياسر عرفات؛ لأنّ القانون الأساس ينص على أنه في حال غياب الرئيس وعدم قدرته على القيام بمهامه يقوم رئيس المجلس التشريعي بتولي الموقع لفترة انتقالية قدرها مئة يوم، ثم تجري انتخابات ديمقراطية لإنتخاب رئيس السلطة، وهذا ما حصل عند وفاة عرفات وانتخاب محمود عباس خلفاً له".

لذا، أكد أبو زيّاد أنه يدور الحديث عن خلافة عباس في هذه الأثناء؛ لأنه لا يوجد مجلس تشريعي، داعياً عباس إلى أن يبادر في أسرع وقت ممكن لإعادة الديمقراطية والمؤسساتية للبلد عبر الانتخابات ليكون لدينا نظام و"سيستيم"، يتم من خلاله ملء فراغ رئيس السلطة في أية لحظة وفق القانون الأساس. وشدد على أن عدم وجود "تشريعي" هو الذي يخلق بلبلة حول خلافة عباس.

"تركز المناصب بيد شخص أو إثنين أو ثلاثة..خطأ"

ونوه أبو زيّاد إلى ملاحظة أخرى تتطلب "رحابة صدر واسع" من صُناع القرار في "فتح" والسلطة، كما قال..وتتثمل هذه الملاحظة بتركز كل المناصب بيد شخص أو إثنين وثلاثة، معتبراً أن هذا "خطأ".

وأضاف: "دائماً يقولون إن سلسلة الجبال لها عدة قمم، وحركة فتح عريقة وعريضة وفيها كفاءات كثيرة وقيادات..لماذا يحصل شخص على ثلاثة أو أربعة مناصب، بينما هناك أشخاص آخرون في "فتح" هم كفؤ لملء المناصب".

وتساءل ابو زيّاد ايضاً: لماذا لا يتم توزيع المناصب بين القيادات الموجودة بفتح؛ لأنها حركة كبيرة وغنية وثرية وفيها كفاءات. واستدرك قائلاً: "أما تهميش كل الكفاءات وحصر الأمور بعدد قليل جدا من الأشخاص، لا أعتقد أن هذا لمصلحة فتح".

وختم زياد أبو زيّاد، وقد انتخب عضوًا في المجلس التشريعي الأسبق بعد الانتخابات العامة الفلسطينية عام 1996، حديثه بأنّ طريقة بث مركزية "فتح" الخبر حول تعيين حسين الشيخ باللجنة التنفيذية وروحي فتح رئيسا ل"الوطني"، يضر بفتح والمنظمة والجميع. مع إشادته ب"خبرة روحي فتوح الواسعة" في رئاسة المجالس، خاصة وأنه كان رئيسا للتشريعي وقبله أميناً للمجلس في عهد الراحل ياسر عرفات، لكن أبو زياد تحفظ على طريقة نشر الخبر بشأن التعيين.

"نحترم إرادة فتح الداخلية بتنسيب مرشحيها..و يجب انتخابهم بمؤسسات المنظمة"

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية د.رمزي رباح إن الجبهة وبقية فصائل المنظمة تتعامل مع خبر تعيينات "فتح" بخصوص حسين الشيخ وروحي فتوح، على أساس أنها شأن داخلي بالحركة، وتقرر الهيئات القيادية بالحركة بشأن عضويتها باللجنة التنفيذية؛ ذلك لأن لـ "فتح" ثلاثة أعضاء بالتنفيذية، وواحد لكل من الفصائل المتبقية، والباقي مستقلين يجري التوافق على تسميتهم.

وأوضح رباح لموقع "زوايا" أن الديمقراطية تحترم خيار فتح بهذا الشأن، لكن المرشحين يجب أن يخضعوا للنقاش والإنتخاب في أروقة منظمة التحرير، بالرغم من تمتع فتح بتمثيل واسع بالمنظمة، وأضاف أن هناك أنظمة وقوانين تحكم الأمر، ويتم الإحتكام لها.

اقرأ أيضاً: سياسات السلطة عززت هيمنة "إسرائيل" اقتصادياً.. والحل بيد الشباب

لذا، أكد رباح أن ما قامت به مركزية فتح هو تنسيب تقدمه فتح، والاخيرة تمتلك حضورا وازنا ووافيا بالمركزي، وقد تنتخب لجنة تنفيذية جديدة من المركزي، وليس فقط انتخاب الشيخ خلفاً للراحل صائب عريقات.

وبالنسبة لرئاسة المجلس الوطني، بين رباح أنه بالإضافة لتنسيب "فتح" لروحي فتوح لهذا الموقع، فإنه يحق للفصائل الأخرى والمستقلين أن يتقدموا للترشيح أيضاً، لكن غالبا تجري الأمور بالتوافق وعلى قاعدة الشراكة بالهيئات وحجم كل فصيل، حسب رباح.

ولكن، هل يلتئم المجلس المركزي في السادس من الشهر المقبل فقط لإتمام تعيين الشيخ وفتوح؟

يقول رمزي رباح إن هناك موضوعان أكثر أهمية من التعيين، وهما بحث الموضوع السياسي ووضع قرارات الإجماع السابقة موضع التنفيذ فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل، ووقف التزامات أوسلو التي فرضت على السلطة في الوقت الذي تتملص منه دولة الإحتلال. وأكد أن لدى الجبهة الديمقراطية رؤية حول هذا الأمر، وستتقدم بها في الدورة القادمة للمركزي.

وأما الموضوع الثاني الذي يجب أن يناقشه "المركزي" هو ترتيب البيت الداخلي وتحقيق المصالحة، لأنه لا يمكن الذهاب لإستراتيجية مواجهة شاملة مع الاحتلال ومستوطنيه، دونما وحدة فلسطينية وتقوية الصف الوطني..منوهاً إلى ورقة لدى الجبهة حلو سبل تجاوز الإنقسام واعتماد ائتلاف وشراكة بالمنظمة والسلطة والحكومة، لحين إجراء الإنتخابات العامة ضمن سقف زمني لا يتجاوز العام.

"لا قيمة للتعينات..ولا تهم الشعب"

أما رئيس مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية د.عمر الحسن، فقد قلل من قيمة التعيينات التي أقدمت عليها حركة فتح بالأيام الأخيرة، معرباً عن اعتقاده بأنها تغييرات لا تقنع الشعب الفلسطيني، وهي ليست في مصلحته أو ضده؛ لأنها "لا تسمن ولا تغني من جوع"، حسب تعبيره.

وبيّن الحسن في حديث خاص لـ "زوايا" أن الشعب الفلسطيني يعاني من جمود سياسي وعدم تقدم في كل شيء، ولا أمل لدى الناس بأي مبادرات من السلطة للخروج من حالة الجمود السياسي والإقتصادي والاجتماعي.

"تعيينات تفتقر للكفاءة..ونحن ذاهبون لمصير قاتم"

من ناحيته، أعرب المستشار لمؤسسة "فريدريش ناومان" الألمانية بالقدس لشؤون التنمية السياسية د.سليمان ابو دية عن أسفه لهذه التعيينات من قبل حركة "فتح" دون أن تُبنى على معيار الكفاءة والخبرة. كما أسف لعدم وصول الشخصيات الفاعلة لهكذا مواقع.

وأكد أبو دية في حديث لموقع "زوايا" أن من يتقلد موقع أمانة سر منظمة التحرير يجب أن يتمتع بحنكة سياسية وتجربة عميقة وعلاقات دولية، بينما يفتقر المُعينان من "فتح" للتاريخ الطويل من العمل السياسي، وفق قوله.

وحذر أبو دية من أن هذه الطريقة من التعيين تزيد الفجوة مع الفصائل وستدفع بعض الفصائل لمقاطعة المجلس المركزي الذي سيلتئم الشهر المقبل. كما أنّ إجراء هكذا تعيينات في وقت مفصلي وصعب فلسطينياً دون عقد انتخابات هو أمر يُؤسف له. ونبه من "أننا ذاهبون لمصير قاتم"

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo