سياسات السلطة عززت هيمنة "إسرائيل" اقتصادياً.. والحل بيد الشباب

الشباب الفلسطيني
الشباب الفلسطيني

طالبت ورقة تحليل بتعزيز دور الشباب الفلسطيني للحد من التبعية الاقتصادية لـ"إسرائيل"، ووقف إخضاع فلسطين إلى إرادة وهيمنة الاحتلال اقتصادياً.

وأظهرت الورقة التي أعدها برنامج تعزيز المشاركة المدنية والديمقراطية للشباب الفلسطيني المنفذ من المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية مسارات، علاقة غير متكافئة ترتكز على سيطرة "إسرائيل" على الموارد الاقتصادية الفلسطينية كافة، وتحويل المجتمع الفلسطيني إلى مجتمع استهلاكي غير منتج، وأحد أكبر الأسواق لترويج البضائع الإسرائيلية، ومورد للأيدي العاملة الأجنبية.

وتطرقت الورقة إلى جذور التبعية الاقتصادية الفلسطينية لـ"إسرائيل"، والتي مرت بثلاث مراحل، الأولى: تعود إلى ما قبل العام 1991، والتي عمد الاحتلال من خلالها لتعطيل التنمية الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني عن طريق زيادة توجه الفلسطينيين للعمل في السوق الإسرائيلية، وفرض ضرائب على التجار، ومنع قيام الكثير من الصناعات، ومحاربة القطاع الزراعي، والسيطرة على الموارد المائية والطاقة والاستيراد والتصدير.

أما المرحلة الثانية والتي امتدت من العام 1991- 1993، فشهدت قيام القطاع الخاص الفلسطيني بوضع خطة تنموية للحد من تبعية الاقتصاد الفلسطيني لـ"إسرائيل"، عبر إيجاد بيئة استثمارية مناسبة، والاستثمار في مختلف المجالات كالمصارف، وشركات التأمين، والصناعة، والتجارة، والمشاريع السياحية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

فيما شملت المرحلة الثالثة تأسيس منظومة السيطرة الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني من خلال بروتوكول باريس الملحق الاقتصادي لاتفاق أوسلو، الذي كان من نتائجه: استغلال أموال المقاصة، وتقييد صلاحيات السلطة في إمكانية إصدار النقد، والقيود على الواردات والصادرات وحركة اليد العاملة، وسلب سيادة السلطة على المعابر وعلى منطقة (ج) ومواردها الطبيعية، وفرض أسعار تقارب نظيرتها الإسرائيلية.

أعقب ذلك حدوث الانقسام الفلسطيني عام 2007، الذي أدى إلى إضعاف العلاقات الاقتصادية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، نتيجة وجود إدارتين تتباين فيهما مصادر الموارد المالية وأوجه الإنفاق، وكان التأثير أكثر وضوحاً في قطاع غزة بسبب تعرضه للحصار الاقتصادي، والاعتداءات المدمرة التي شنتها الآلة العسكرية الإسرائيلية.

اقرأ/ي أيضاً: مركز خالد الحسن لعلاج السرطان حضر على الورق وغاب عن الواقع

وكشفت الورقة عن محاولات السلطة الفلسطينية للحد من تلك الهيمنة والتبعية عبر إصدار قرارات تقيد دخول المنتجات الإسرائيلية إلى السوق الفلسطيني، إضافة إلى وقف استيراد العجول الإسرائيلية ضمن خططها للانفكاك الاقتصادي والتجاري عن "إسرائيل" في عديد القطاعات، ودعم المزارعين الفلسطينيين، كما أصدر الرئيس محمود عباس عام 2010 قرارا بحظر ومكافحة منتجات المستوطنات.

ورغم هذه المحاولات، رأت الورقة أن سياسات السلطة الفلسطينية الاقتصادية والمالية التي اتبعتها منذ قيامها، وما تلا ذلك من توقيعها على بروتوكول باريس الاقتصادي، كان لها دوراً كبيراً في تكريس هيمنة التبعية الاقتصادية، بعد أن فقدت السلطة السيادة على أراضيها ومواردها الطبيعية والمالية، وأيضاً فقدانها السيطرة على المعابر والحدود، ما شكّل عائقاً أمام إحداث تنمية اقتصادية.

واتبعت السلطة الفلسطينية سياسة تصدير القوى العاملة الفلسطينية إلى السوق الإسرائيلي، ظناً منها أنها تساهم في تخفيض نسبة البطالة، وسرعان ما اتضح أن هذه السياسة كانت بمثابة تأجيل للأزمة، كما اعتمدت في معظم مواردها المالية على ما يُسمى بأموال المقاصة، وهي أداة الابتزاز والضغط التي يمتلكها الاحتلال للضغط على سياسات السلطة وفرض عقوبات عليها.

وأوضحت الورقة أن سياسة الاحتلال وضعت السلطة الفلسطينية في دور المتلقي، بكونه المتحكم في إدارة المعابر، ومن يملك وسائل الضغط، ويتحكم بالعوائد وكيفية تحويلها إلى السلطة الفلسطينية، كما يستطيع تغيير نسبة الجمارك المفروضة على السلع المختلفة بما يخدم منتجاته.

وطرحت الورقة عدة بدائل لتقديم سياسيات وآليات من شأنها الحد من التبعية الاقتصادية للاحتلال، وتدعيم دور الشباب في هذا الإطار، وتقوم على تعزيز الفكر التعاوني الشبابي بين الفلسطينيين واستغلاله في بناء اقتصاد إنتاجي مقاوم، وتعزيز الروح الوطنية لدى النخب الاقتصادية، وتوجيه قدراتهم الفكرية والمادية للمساهمة في تطوير وتعزيز الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى ممارسة ضغط دولي وشعبي نحو تعديل بروتوكول باريس الاقتصادي.

ولتحقيق تلك البدائل، طالبت الورقة برفع درجة وعي الشباب بجدوى المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية واستبدالها بالمنتجات الوطني المحلي، وتوعية الشباب بأهمية ترشيد وضبط العادات الاستهلاكية، وتحويل المجتمع من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج.

ودعت في الوقت ذاته إلى تعزيز ثقة النخب الاقتصادية في برامج الحكومة التنموية وقدراتها، وفي جدية سعيها إلى الحد من التبعية الاقتصادية والنهوض بالاقتصاد الوطني، واتخاذ إجراءات محفزة للنخب الاقتصادية، وتوفير مناخ استثماري مناسب يعمل على جذب وتشجيع الاستثمار.

كما طالبت بوضع برنامج وطني للحد من التبعية الاقتصادية، وتحديد خارطة طريق واضحة وشاملة، بالاشتراك مع النخب الاقتصادية، وفتح مجال للرأي العام للمشاركة بالمقترحات لضمان إيجاد حلول فعالة من أجل تحقيق المهام المنوطة بالحكومة.

وحثت الورقة على تقديم تسهيلات مدروسة وامتيازات وإعفاءات ضريبية للنخب الاقتصادية، شريطة إسهامها في نهضة الاقتصاد الوطني، وسيرها وفق الخطط الحكومية، إضافة إلى منح إعفاءات ضريبية للمنتجات الوطنية، وبخاصة التي تواجه منافسة من المستوردات الأجنبية، أو فرض قيود جمركية على المنتجات المستوردة، وبخاصة التي لها بدائل وطنية.

ولمواجهة "بروتوكول باريس الاقتصادي"، دعت ورقة التحليل إلى تشكيل دبلوماسية إعلامية شعبية لتعديل البروتوكول، وتبنّي استراتيجية اقتصادية وطنية واضحة تقوم على إعادة هيكلة الاقتصاد، وإعادة توزيع عادل للموازنة، بالتزامن مع فتح قناة حوار بين الدبلوماسيين والسفراء مع الشباب الفلسطيني وخبراء الاقتصاد، للتوافق على رؤية موحدة لتعديل بنود البروتوكول، والاستثمار في المشاريع الاقتصادية الوطنية التي تعزز صمود الفلسطيني على أرضه.

المصدر : متابعة -زوايا
atyaf logo