مركز خالد الحسن لعلاج السرطان حضر على الورق وغاب عن الواقع

وضع حجر الاساس لإنشاء مركز خالد الحسن لعلاج السرطان
وضع حجر الاساس لإنشاء مركز خالد الحسن لعلاج السرطان

أثارت قضية توقف مشروع إنشاء مركز خالد الحسن للسرطان وزراعة النخاع في بلدة سردا قرب رام الله ، الذي انطلق في شهر حزيران 2016، حالة من السخرية والغضب في آن واحد من قبل المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ما بين الانتقاد والتساؤل عن مصير المركز الصحي الذي من شأنه أن يخفف آلام مرضى السرطان في فلسطين، حيث أحضر النشطاء على صور وتصاميم المركز الذي من المفترض أن يكون قائماً ويقدم خدماته للمرضى، إلا أن اكتفاء وزارة الصحة بالتعليق في بيان مقتضب على سبب توقف إنشاء المشروع جاء بسبب نقص التمويل، علماً أن المشرف على تنفيذ المشروع هو المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار، بتكليف مباشر من الرئيس محمود عباس.

يشار إلى أن الرئيس عباس وضع في شهر حزيران من العام 2016 حجر الأساس لمركز خالد الحسن لعلاج أمراض السرطان في مدينة رام الله. معلنا بدء العمل لإنشاء أكبر صرح طبي في فلسطين بمشروع هو الأول على نطاق المنطقة وهو من المشاريع النادرة على مستوى العالم، مكلفاً المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار" بتنفيذ المشروع والإشراف عليه.

ورصد المجلس الاقتصادي الفلسطيني الميزانيات للعمل بتكلفة إجمالية 140 مليون دولار، لا تشمل تكاليف المعدات الطبية، وشرع في المرحلة الأولى بالحفريات، وإعداد التصاميم، التي أصبحت جاهزة بأحدث المواصفات العالمية، حيث يتكون المستشفى من 15 طابقاً بينهم أربعة طوابق تحت الأرض، على مساحة إجمالية 100 ألف متر مربع تتسع لحوالي 208 سريراً، وهي عبارة عن مبنى المستشفى والمرافق الطبية التابعة له، لكن العمل لم يتقدم منذ المرحلة الأولى وحتى الآن دون كشف حقيقة ما حدث للرأي العام الذي ينتظر هذا المركز الطبي بفارغ الصبر.

اقرأ أيضاً: القضاء الفلسطيني "يختنق" بمئات آلاف القضايا

بيان وزارة الصحة لم يشف غليل المواطنين المتسائلين عن مصير المركز الطبي، ومن يقف خلف توقف إتمام بنائه، خاصة أن الوزارة قالت أن الأموال محفوظة في حساب بنكي خاص، والوزارة والحكومة تعملان على جلب الدعم لبناء المركز، دون الكشف عن المبلغ المتوفر من الإجمالي المطلوب.

وتؤكد وزارة الصحة أن علاج مرضى السرطان هو على رأس أولوياتها ضمن خطتها لتوطين الخدمات الطبية في فلسطين. 

الكاتب الصحفي عصمت منصور كتب منتقداً توقف مشروع إنشاء المركز الصحي للسرطان في تغريدة على حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي :"ما يظهر من قضية مستشفى خالد الحسن هو رأس الجبل الجليدي فقط. وكل المؤشرات تدلل على أن خلف هذا المشفى قضية فساد من العيار الثقيل، سواء من حيث حجمها أو الاسماء المتورطة فيها. مطالباً بلجنة تحقيق مستقلة وذات صلاحيات وليس بيانات تافهة من وزارة الصحة. على حد تعبيره.

بدوره قال الكاتب الصحفي ماجد العاروري في حديث لموقع "زوايا"، إن للجمهور الحق الكامل في معرفة الحقيقة بكل التفاصيل المتعلقة بمستشفى خالد للسرطان. 

وأضاف أن حجم المعلومات التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن مستشفى خالد الحسن للسرطان، والردود المقتضبة الواردة من بعض الجهات الرسمية، وصمت جهات أخرى عن إبداء رأيها يجعل من موضوع كشف حقيقة مستشفى خالد للسرطان أولوية للجمهور، فالحقيقة هي المطلب وهي التي تبين إن كان هناك أي شبهات فساد أو سوء إدارة أو قصور في متابعة ملف المستشفى، وبناء على الحقيقة تتحدد مطالب المساءلة والملاحقة. 

وأكد العاروري بأن الحقيقة لا يمكن الكشف عنها إلا من خلال تشكيل لجنة تحقيق مستقلة بعيدة عن كل الأطراف ذات العلاقة خاصة مجلس الوزراء ووزارة الصحة، ويجب أن تستمع هذه اللجنة إلى شهادات كل الأطراف ذوي العلاقة، وأن تُمنح صلاحية الوصول إلى كل المعلومات المطلوبة، بدءًا من التبرع بالأرض، ومرورا بما آلت إليه هذه الاراضي لغاية اليوم، والاطلاع على الحسابات البنكية، والمنشآت التي تم بناؤها على الارض المقررة للمستشفى، وشفافية العطاءات. 

وأضاف العاروري أنه من السابق لأوانه اتهام أية جهة دون إعلان الحقيقة، لكن في المقابل من حق الجمهور أن يطلع على الحقيقة كاملة، معرباً عن ظنه أنه يقع على عاتق كل المؤسسات ذات العلاقة كشف التفاصيل المتوفرة لديها بهذا الشأن، خاصة هيئة مكافحة الفساد وديوان الرقابة المالية والادارية. 

وأردف العاروري، بأن المسؤولية أيضاً تقع على عاتق الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومؤسسة أمان بالشراكة مع باقي مؤسسات المجتمع المدني المباشرة بتشكيل فريق موحد لتقصي الحقائق بشأن مستشفى خالد للسرطان وإعلان الحقيقة من وجهة نظرها للجمهور. 

ودعا وسائل الاعلام أن تتولى متابعة هذا الملف بطريقة مهنية حيادية، وأن تستضيف وتُسائل كل الأطراف ذات العلاقة بالمستشفى، وأن تبدي كل هذه الاطراف استعدادها للخضوع لمساءلة الجمهور بشأن القضية. 

في هذا الغضون أوضح رئيس الوزراء محمد اشتية بعض التفاصيل ومآلات الأمور المتعلقة بالمشفى حيث أكد بأن فكرة إنشاء المشفى جاءت من أجل توطين الخدمة الصحية، مشيراً إلى أن الرئيس محمود عباس شكل مجلس أمناء برئاسة المرحوم الطيب عبد الرحيم، وكُلفت "بكدار" بتحضير المخططات الهندسية، التي طرحت بمسابقة هندسية فاز فيها ائتلاف من مكتب هندسي فلسطيني وأردني وبريطاني متخصص بتصميم المخططات. وأنجزت المخططات لمشفى تكلفة بنائه 160 مليون دولار. 

اقرأ أيضاً:  هل من إستراتيجية واضحة للسلطة تجاه غزة؟

وتابع اشتية في مستهل جلسة الحكومة الاثنين الماضي بأن مجلس الأمناء عمل على تشجيع المانحين على تمويل المشروع، لكن لم يتم تقديم مساعدة من الجهات المانحة والأشقاء العرب، وتمت الدعوة للتبرع لإنشاء المشفى، وتم جمع مبالغ متواضعة مقارنة مع التكلفة. 

وحول المبالغ المتبرع بها أشار اشتية الى أن رئيس صندوق الاستثمار الدكتور محمد مصطفى، الذي أصبح لاحقا رئيسا لمجلس أمناء المشفى أفاد بأن المبلغ مودع في حساب خاص ويتم تدقيقه بشكل دوري. 

وتابع اشتية بأنه فيما بعد، أصدر الرئيس قرارا بتشكيل مؤسسة خالد الحسن لأمراض السرطان برئاسة وزيرة الصحة، ومعها مجلس أمناء يضم مختصين، وأعطى توجيهاته أن يصار إلى تطوير أقسام جديدة في المستشفيات الحكومية والخاصة لعلاج مرضى السرطان، وأن تتم إعادة النظر في المخططات بحيث يكون المشفى المقترح أقل تكلفة وقابل للإنجاز.

وأضاف اشتية بأنه من حق الناس أن تسأل، وعليه نوصي للسيد الرئيس لتشكيل لجنة لمتابعة توفير التمويل اللازم للمشروع بعضوية وزيرة الصحة وصندوق الاستثمار وبكدار. 

من جهته قال الكاتب منصور إنه عطفًا على توصية رئيس الوزراء الدكتور محمد شتيه والتي رفعها للرئيس حول مستشفى خالد الحسن "نوصي للسيد الرئيس لتشكيل لجنة لمتابعة توفير التمويل اللازم للمشروع بعضوية وزيرة الصحة وصندوق الاستثمار وبكدار"، لماذا لا يتم تشكيل لجنة من أطباء مشهود لهم بالمهنية والتاريخ الوطني لاستكمال مشروع مستشفى خالد الحسن؟. 

وتابع بأن الجهات التي سبق أن باشرت في المشروع ولم تنجزه حتى الآن فستكون جهات استشارية مهمتها ومن موقعها في المنظومة أن تقدم التسهيلات اللازمة وتذليل العقبات البيروقراطية أمام اللجنة. 

وأوضح منصور بأنه لدينا أطباء وكفاءات ومؤسسات طبية واداريين أثبتوا في الانتفاضة الاولى وما بعدها أنهم يمتلكون القدرة على حمل مبادرات خلاقة وبشفافية ويحظون بمصداقية أهلتهم للعب دور مهم في ظروف اعقد وتحت الاحتلال وهم أجدر بتولي مثل هكذا مهمة. معرباً عن اعتقاده أن تكليف ذات الجهات أو جهات شبيهة سيقود إلى نفس النتائج، كما تساءل الكاتب منصور عن دور الفصائل في متابعة هكذا قضية ذات أهمية كبيرة للمواطنين.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo