قرارات جريئة قبل فوات الأوان

كاتبان إسرائيليان: ثلاث قضايا ونصف حاسمة لتفادي التهديدات الاستراتيجية

نفتالي بينيت ولابيد
نفتالي بينيت ولابيد

قال كاتبان إسرائيليان :"هناك ثلاث قضايا ونصف بالغة الأهمية مطلوب من الحكومة الإسرائيلية اتخاذ قرارات حاسمة فيها رغم صعوبة الوقت، لتفادي التهديدات التي ستهبط على "إسرائيل" فجأة، في وقت لا تكون فيه مستعدة استراتيجياً ويكلفها الأمر ثمناً باهظاً، وتتمثل هذه القضايا في "النووي الإيراني"، و"الاندماج المتزايد مع الفلسطينيين في الضفة الغربية"، ووضع "حركة حماس" في غزة، ونصف قضية تتمثل في منظومة العلاقات بين "إسرائيل" وفلسطينيي 48. 

وأضاف الكاتبان الإسرائيليان وهما عاموس جلعاد وميخائيل ميلشتاين، أن "إسرائيل" تفضل أو تضطر، منذ عقد ونصف العقد إلى انتهاج سياسة إدارة النزاع بدلا من حسمه كما كان في عهد المؤسسون الذي استمر منذ تأسيس "إسرائيل" عام 48 حتى عهد أرئيل شارون.

وأوضح الكاتبان الإسرائيليان، أن النتيجة العملية لهذه المقاربة هي استمرار تعاظُم التهديدات التي تنطوي عليها، حيث تسير إيران بثبات نحو الحصول على قدرة نووية عسكرية؛ وحركة حماس تعزز نفسها على صعيد الحكم وعسكريا في قطاع غزة، وتستعد للاستيلاء على زعامة السلطة الفلسطينية؛ وفى الضفة الغربية يتطور واقع الدولة الواحدة، بالتدريج، من دون تخطيط أو رغبة.

ولم يستبعد الكاتبان أن الوقت الحالي صعب بشكل خاص لاتخاذ قرارات حاسمة، في ظل أن المجتمع الدولي وخصوصاً الولايات المتحدة، لا يمنح "إسرائيل" غطاء للقيام بخطوات عسكرية استراتيجية، وعلى رأسها مهاجمة إيران؛ بينما يتأرجح الفلسطينيون بين عدم الرغبة وعدم القدرة على اتخاذ قرارات مصيرية؛ الحكم والجمهور في "إسرائيل" مشغولان بمشكلات داخلية أُخرى صعبة، وفى مقدمتها الكورونا؛ والواقع السياسي المعقد يجعل من الصعب الدفع قدما بقرارات حاسمة عسكرية أو سياسية.

وشدد الكاتبان، على أن كل قضية من القضايا الثلاث، مطلوب قراراً حاسماً ذو طابع مختلف: وتوقيت التحرك في كل واحدة هو مختلف، وأيضا التداعيات الداخلية والخارجية.

اقرأ أيضاً: انتقادات للفساد إثر تعيين سفيرة فلسطين بإيران

ورأى الكاتبان الإسرائيليان، أنه بالنسبة لقضية إيران، فالمطلوب إسرائيلياً في هذه المرحلة إعطاء فرصة لاستنفاد الخطوات السياسية والاقتصادية الدولية ضد النظام الإسلامي الإيراني، من خلال تنسيق وثيق مع الإدارة الأمريكية. وفى موازاة ذلك، بناء سريع للقوة لمواجهة احتمال القيام بعملية عسكرية محتملة في المدى القريب.

التسهيلات الاقتصادية ليست بديلاً عن الحل الاستراتيجي

وفي قضية الضفة الغربية، فإن الحسم فيها أمر مختلف تماماً، لأنه يتطلب من أصحاب القرارات نضجا على صعيد الوعى، والتركيز على التفكير العملي بدلاً من التركيز على الأحداث الجارية، ولذلك المطلوب إسرائيلياً أن يفهموا أن السياسة الحالية التي تعتمد على مقاربة "سلام اقتصادي"، أو إدارة النزاع، أو تقليصه، تنجح في خلق هدوء، لكنها ليست بديلا من حل استراتيجي، وهى في الواقع تُستخدم غطاء للزحف المتواصل نحو واقع الدولة الواحدة. 

وحث الكاتبان متخذي القرارات في "إسرائيل" على البدء في فتح نقاش سياسي وعام بشأن مسألة مصيرية هي "الفصل" ــ متسائلاً، ما هو التعبير الإقليمي لهذه الخطوة؟ وهل يمكن تنفيذه من خلال اتفاق، أو بصورة أحادية الجانب؟ وكيف سيكون وضع السلطة الفلسطينية وصلاحياتها؟

واعتبر الكاتبان، أن موضوع قطاع غزة فالاختيار هو بين السيئ والأسوأ، فإما الاستمرار في السياسة الحالية القائمة على تحسين سريع للوضع المدني في القطاع الذى يجعل من "حماس" أمرا واقعا، ويسمح لها ببناء قوتها في مواجهة المعركة المقبلة؛ أو تبنّى نهج صارم مأخوذ من الإعلان الذى برز في شهر مايو الماضي أن "ما كان لن يكون". وضمن هذا الإطار، ستتم تلبية كل الحاجات الوجودية في غزة، لكن "إسرائيل" لن تبذل جهدها لتحسين الواقع في غزة، وبالتالي تعزيز وضع "حماس" الاستراتيجي. واعتبرا أن هذه المقاربة قد تؤدي إلى احتكاكات في قطاع غزة، لكن من المحتمل أيضا أنها ستشكل عائقا في وجه سعى حركة حماس للحصول على قوة عسكرية وسياسية استراتيجية.

وأما قضية نصف التي تتمثل في فلسطيني الداخل، فإن هذه القضية بحاجة أيضاً إلى شجاعة وبصيرة بعيدة المدى، لأنه بعد سبعة عقود ونصف على إقامتها، مطلوب من "إسرائيل" صيغة واضحة ومستحدثة لشبكة العلاقة بينها وبين الجمهور العربي (فلسطيني الداخل) الذى يتأرجح بين ما حدث من انتفاضة في البلدات العربية ضد الشرطة الاسرائيلية خلال العدوان على قطاع غزة في مايو الماضي، وبين الاندماج التاريخي الذى يمثله حزب "القائمة العربية الموحدة". 

وشدد الكاتبان على أهمية الحسم في هذه القضية، وصياغة عقد اجتماعي يحدد بصورة واضحة وتفصيلية وضع المواطنين العرب داخل "إسرائيل"، والحقوق المتساوية التي من حقهم الحصول عليها وواجبات الاندماج المطلوبة منهم. وبذلك يمكن أن يساهم في استقرار الساحة الداخلية.

وأوضح الكاتبان أنه ورغم أن الوقت صعب لكنه ليس جامداً، ولا يسمح بأن نضع القضايا الملتهبة جانباً والعودة إليها عندما تنضج.

وأكد الكاتبان الإسرائيليان، أن القرارات الحاسمة التي لا تُتخذ بسرعة ستتحول في وقت قريب إلى تهديدات ستهبط على "إسرائيل" فجأة، بينما تكون غير مستعدة لذلك استراتيجيا، ومن المحتمل أن تكبدها ثمنا باهظا.

المصدر : متابعة - زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo