انتقادات للفساد إثر تعيين سفيرة فلسطين بإيران

أثناء قسم اليمين أمام الرئيس محمود عباس
أثناء قسم اليمين أمام الرئيس محمود عباس

أثار تعيين "سلام الزواوي" كسفيرة لفلسطين في إيران، خلفاً لوالدها "صلاح الزواوي" الذي عمل سفيراً لدى إيران منذ عام 1982، ردود فعل رواد ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن الساسة والمحللين الذين عبروا عن استنكارهم، وقالوا عن تعيينها إنه تم بالوراثة، ويعد فساداً في التعيينات.

وفي تفاصيل الخبر الرسمي الذي نشرته وكالة "وفا" التابعة للسلطة الفلسطينية، فقد أدت سلام الزواوي، اليمين القانونية، أمام رئيس دولة فلسطين محمود عباس، سفيرة لدولة فلسطين لدى  الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

ويبلغ عدد السفارات والبعثات الدبلوماسية الفلسطينية المنتشرة في العالم الآن أكثر من 94 بعثة، وفق الإحصاءات المتوفرة، وهي موزعة كالآتي: 25 بعثة في أفريقيا، و25 في آسيا، و32 في أوروبا، و5 في أمريكا الشمالية، و6 في أمريكا الجنوبية، وواحدة في أوقيانوسيا.

هذا فضلاً عن الوفود والمكاتب التمثيلية التي تمثل دولة فلسطين في بعض الدول التي لا تعترف بدولة فلسطين أو تعترف بها جزئياً، وهناك وفود ومكاتب تمثيلية في عدد من المنظمات الدولية. فيما تمتلك دولة الاحتلال حوالي 92 بعثة دبلوماسية ومكاتب تمثيلية لدى المنظمات الدولية.

 سيل من الانتقاد

ومن جملة التعليقات الكثيرة التي رصدتها "زوايا" لمهاجمة التعيين سالف الذكر، فقد قال الكاتب المعروف ياسر الزعاترة على صفحته على تويتر " في بيت (عباس) في عمّان، أدّت سلام الزواوي، اليمين القانونية كسفيرة لفلسطين في إيران، الأمر الذي أثار تعليقات الناس هو أن سلام هي ابنة صلاح الزواوي الذي يشغل ذات المنصب منذ 1980!(..) قصة هامشية، وكل فساد السلطة كذلك، مقارنة بتعاونها مع الاحتلال، لكن الحقيقة أن الرابط بين الأمرين وثيق".

2.jpeg

أما الناشطة الفلسطينية دعاء الشريف فكتبت على تويتر، معلقة على خبر وصورة الزواوي لحلف اليمين القانونية "المصحف هذا دخل موسوعة غينيس كأكثر مصحف انحلف عليه كذب".

1.jpeg

فيما قال الناشط عصمت منصور عبر الفيس بوك "من الأمثلة الساطعة على الشفافية واحترام القانون، ما يحدث في السلك الدبلوماسي".

4.jpeg

وكتب الصحفي معن البياري على صفحته "إن وجود سفير فلسطيني لدى إيران أمر مُلحّ، ولكن لم يحدث أن صادفنا لسفير فلسطين في طهران حضورا ونشاطا وفاعلية ودورا، لكن المفاجأة أن هذا السفير، واسمه صلاح الزواوي، في منصبه منذ 40 عاما، وهذا غريب ومستنكر ومستهجن وعجيب، أما المفاجأة الأكثر إدهاشا أن السفيرة التي أدّت اليمين الليلة هي ابنته، واسمها سلام الزواوي".

6.jpeg

كما كتب عريب الرنتاوي أيضاً "لا يحدث إلا في السلطة، سلام الزواوي سفيرة لفلسطين في طهران، تتسلم المنصب بعد مغادرة والدها صلاح الزواوي له، بعد أن شغله لأربعين عاماً متتالية.. بقلك إصلاح وتجديد وتشبيب؟". 

5.jpegأما الناشط عزيز المصري عبر يقول: "شيخ السفراء صلاح الزواوي سفيرنا السابق في إيران تعب يعطيه الصحة وطولة العمر.. شو بنعمل؟ بنحط بنته سلام الزواوي سفيرة مكانه في طهران". 

7.jpegوقال محمود النواجعة: "سفيرنا في ايران أنهى مهامه بكل خير، وبنته استلمت السفارة.. هاي مش حكومة هاي بسطة خيار!".

8.jpegفي حين كتب الناشط إياد جبر قائلاً "منذ عام ١٩٨٠ وصلاح الزواوي سفيراً لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية في طهران، حتى أُطلق عليه لقب "شيخ السفراء"، ليس لهذا اللقب أي بعد ديني، بل إشارة للمدة الطويلة التي قضاها في هذا المنصب".

3.jpegانعكاسات وتساؤلات؟

وبتعيين الزواوي خلفاً لوالدها، فإن ذلك يفتح الملف القديم الجديد عن "شبهات الفساد في تعيينات مماثلة أو غير قانونية لسفراء دولة فلسطين في الخارج"، فما انعكاسات مثل هذه التعيينات على سمعة فلسطين لدى حكومات تلك الدول وشعوبها؟

ويفتح ذلك تساؤلات حول  دور البعثات الدبلوماسية الفلسطينية المنتشرة في العالم؟ وهل استطاعت أن تقيم شبكة علاقات واسعة وبناء تحالفات قوية لفضح جرائم الاحتلال والمطبعين معه؟ وهل قامت البعثات الدبلوماسية الفلسطينية بدور قوي وفعال خلال العدوان على المصلين في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وقطاع غزة؟ وكيف كان أداؤها الدبلوماسي والإعلامي؟.

هذه الأسئلة وغيرها، أجاب عليها تقرير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد"، والذي تم نشره منتصف العام الماضي 2021، حيث تناولت فيه أداء البعثات الدبلوماسية الفلسطينية خلال العدوان الإسرائيلي على القدس وغزة، وانتقدته.

وأكدت "شاهد" في خلاصة التقرير أن أداء البعثات الدبلوماسية الفلسطينية، كان "متعثراً"، وكشف عن "ضعف في الكفاءة"، منتقدة كذلك "غياب آليات المحاسبة".

وطالبت بعدم إجراء تعيينات نابعة على خلفية الولاء والقربى والمحسوبية، بل استناداً إلى المهنية والكفاءة، من أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

كما جاء في التقرير، أنها ترى بأن ما يجري يكشف أحد جوانب ضعف السلطة الفلسطينية دبلوماسياً في التعريف بالقضية الفلسطينية، ويعكس غياب الشفافية في اختيار السفراء والعاملين في القنصليات الفلسطينية المنتشرة في مختلف بلدان العالم.

اقرأ أيضاً: معضلة هيكل الإنفاق في السلطة الفلسطينية "حالة الأمن"

وطالبت مؤسسة "شاهد" السلطة الفلسطينية باتخاذ إجراءات عملية للارتقاء بالدور الفلسطيني الدبلوماسي، موضحة أن دور البعثات الدبلوماسية له "أهمية بالغة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وفي فضح جرائمه المستمرة ضدّ الشعب الفلسطيني".

يذكر أن التقرير حمل وقائع محددة وموثقة حول القصور والفساد والتعيينات غير القانونية في السفارات الفلسطينية، علماً أنه تعذر على "زوايا" الحصول على أي ردود أو تعقيب بالخصوص، سواء من وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أو أيِ من السفراء الذين تم التواصل مع العديد منهم بطرق مختلفة، حيث عبر بعضهم عن رفضه والبعض الآخر اعتذر لحساسية موقعه الوظيفي.  

قمة الفساد الوظيفي

وسبق للناشط الفلسطيني فهمي شراب، أن نشر مجموعة من المقالات حول فساد بعض سفراء وسفارات فلسطين في الخارج هاجم التعيينات لأبناء القيادات في تلك السفارات فلسطين، وقال لـ"زوايا" إن السلطة الفلسطينية منذ الانقسام الفلسطيني، تتجاوز القانون الدبلوماسي الذي أُقر عام 2005، وجعلت هذه المناصب حكراً حصرياً في التعيين لأبناء القيادات، وتحرم أصحاب الشهادات والكفاءات التي يزخر بها شعبنا.

ويرى شراب أن ذلك يعتبر جريمة في حق القانون الدبلوماسي واستغلال المال العام لصالح أبناء القيادات والسفراء ، حيث يعد ذلك "قمة الفساد الوظيفي"، مشيراً إلى أن شعبنا لم يلمس دوراً فاعلاً لهذه السفارات في ما يخص القضايا الوطنية ولا حتى الإنسانية سواء في الداخل أو الخارج.

واستند شراب في مقالاته المتكررة التي تحدثت عن فساد السفارات والتعيينات بها، إلى قرارات التعيينات التي يتم نشرها في وسائل الإعلام، وكذلك إلى التسريبات والمناشدات التي تصله من المتضررين من هذه التعيينات والفساد الذي يضرب معظم السفارات  الفلسطينية في الخارج.

وحول انعكاسات هذه التعيينات على سمعة فلسطين لدى حكومات الدول وعلى الشعوب تلك الدول، فقد أكد شراب أن ذلك يؤدي إلى تراجع القضية الفلسطينية يوماً بعد يوم، وذلك عندما ترى الدولة المضيفة هذه العينة من السفراء وأبنائهم في السلك الدبلوماسي.

ونوه إلى أن "معظم هؤلاء المعينين لتمثيل فلسطين يتسمون بأخلاق سيئة ويقلدون الغرب في عاداتهم، وبالتالي يسيئون لسمعة فلسطين وشعبها ويجعلون الشعوب الأخرى تعزف عن مساندة ومساعدة الشعب الفلسطيني في قضيته العادل"، على حد تعبيره.

وأشار شراب إلى أن الفساد، الذي وصفه بأنه "أزكم الأنوف"، هو الآن على مرأى ومسمع أبناء شعبنا في الداخل والخارج، معرباً عن أسفه أنه برغم من كل ذلك فإن القائمين على هذه التعيينات والفساد في السفارات "لا يقيمون وزناً لغضب الرأي العام والجمهور الذي أصبح يغلي كالمرجل غيظاً من هذه التعيينات التي حرمت الكثير من الفلسطينيين الذي يتفوقون ويحصلون على أعلى الشهادات ولا تجد منهم واحداً في السلك الدبلوماسي، وبالمقابل فإن الكثير من أبناء القيادات يحصلون على الدرجات الدنيا وأحياناً المقبول أو الجيد، ولكن يتم تعيينهم في السلك الدبلوماسي".

وبحسب قانون السلك الدبلوماسي (المادة 11) يوجد عدة شروط لتعيين العاملين فيها، من أبرزها الحصول على الدرجة الجامعية الأولى، مع تفضيل لإتقان الإنجليزية أو الفرنسية، بحيث يتم إجراء مسابقة عامة على إثرها تختار لجنة متخصصة يتمّ تشكيلها لهذا الغرض من يصلحون للوظيفة.

شاهد "معزول"

ومن بين من كشفوا عن قضايا الفساد في السفارات الفلسطينية، كان الدكتور محمود العجرمي وكيل وزارة الخارجية السابق، والذي عمل مسؤولاً في سلك الخارجية لما يزيد عن عشرين عاماً قبل أن يعزله الرئيس عباس لتعامله مع وزارة الخارجية التي شكلتها حركة حماس.

ولم يستغرب العجرمي في حديثه لـ "زوايا" من تعيين سلام الزواوي في السلك الدبلوماسي خلفاً لوالدها، حيث أكد أن غالبية من يتم تعيينهم من السفراء هم من القيادات الفتحاوية أو من بعض الفصائل المنضوية تحت إطار منظمة التحرير، عاداً أن الأخطر من ذلك هو "توريث أبناء القيادات للسفارات".

وتطرق العجرمي إلى ما أسماها "فساد المنح الدراسية في السفارات وجني ملايين الدولارات من وراءها"، مبيناً أنه على مدار العقود الماضية كان النصيب الأكبر من هذه المنح لأبناء موظفي السفارات وأقاربهم، عدا عن أبنائهم الذين يستنزفون من ميزانية السلطة ملايين الدولارات."

وركز العجرمي على ما قال عنها "جزء من فضائح محددة" عايشها أثناء عمله في السلك الدبلوماسي، ذكر منها فضيحة المتاجرة بالسلاح في سفارة فلسطين في "الهند"، والتي على أثرها تم إقالة السفير (خ. ش) آنذاك، وكذلك فضيحة وجود سلاح داخل سفارة فلسطين في "تشيك" قبل الإعلان عن اغتيال السفير هناك قبل أعوام، على حد تعبيره.

أمام هذا العدد الكبير من البعثات الدبلوماسية، يبقى السؤال قائماً هل تؤدي هذه السفارات والبعثات دورها الدبلوماسي والحقوقي؟ وما هي المعايير التي يتم على أساسها تعيين السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية؟ وهل يتمتعون بمؤهلات علمية وأكاديمية عالية؟ وهل هناك آليات للمحاسبة والمعاقبة؟ وهل تشكل البعثات الدبلوماسية الفلسطينية المنتشرة في العالم كتيبة الدبلوماسيين كما وصفها ذات يوم الرئيس الراحل ياسر عرفات؟.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo