ترويها الأسيرات.. تفاصيل التوحش الإسرائيلي في سجن "الدامون"

سجن الدامون
سجن الدامون

لم تكن الاعتداءات الأخيرة التي نفذتها مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون، إلا واحدة من سلسلة من عمليات التنكيل والاعتداء والمعاناة المستمرة بدءاً من لحظة الاعتقال وانتهاءً بظروف السجن.

فسجن الدامون، الذي يقع شمالي فلسطين على سفوح جبل الكرمل بمدينة حيفا، أُقيم منذ زمن الانتداب البريطاني كإسطبل للخيول، ومن ثم تم تحويله لمستودع للدخان.

وبعد عام 1948 وضعت دولة الاحتلال يدها على المبنى وحولته الى سجن، ونظرا لأن البنية التحتية للسجن رديئة وسيئة جداً كان هناك أمر بإغلاقه، ولكن مع اندلاع انتفاضة الأقصى وازدياد أعداد المعتقلين الفلسطينيين، أعادت دولة الاحتلال فتحه.

يضم سجن "الدامون" حالياً 34 أسيرة في أحد أقسامه، بالإضافة الى معتقلين على خلفية جنائية في أقسامه الأخرى.

ظروف غاية في السوء

وتُحتجز الأسيرات الفلسطينيات في قسم يحتوي على 13 غرفة، في كل غرفة توجد ما بين 4-8 أسيرات، وهناك غرفة عزل مع كاميرات، وأرضية الغرف من الباطون، بدون بلاط وهي باردة جداً في فصل الشتاء، كما أن غالبية الغرف سيئة التهوية.

وقالت الأسير المحررة القيادية في الجبهة الشعبية خالدة جرار لـ"زوايا" إن الأسيرات في هذا السجن منقطعات عن العالم الخارجي، ولا يوجد هواتف للتواصل مع ذويهن، خاصة بعد توقف الزيارات خلال الأشهر الأخيرة بحجة جائحة "كورونا" وإجراء عمليات صيانة لصالة الزيارات.

وأضافت أن الرطوبة مرتفعة جداً في فصل الصيف، وأماكن الاستحمام توجد خارج الغرف، وعند إغلاق قسم الأسيرات، تمنع الأسيرات من الاستحمام، إضافة إلى ذلك انتشار الكاميرات التي تنتهك خصوصيتهن في ساحة الفورة، إلى جانب عدم وجود أخصائية نسائية في السجن لمعالجة الأسيرات.

جريمة متكاملة الأركان

عملية اعتقال الأسيرات تمثل جريمة متكاملة الأركان، إذ توضح جرار أن من أصعبها "المعابر"، الذي يتم وضع الأسيرة فيها خلال المرحلة الأولى للاعتقال قبل نقلها إلى سجن الدامون، وهو عبارة عن زنزانة معزولة تفتقر لكل شيء، ولا يوجد به إلا فرشة جلدية وغطاء خفيف رائحته كريهة، ولا يتم تزويد المعتقل بأي احتياجات مثل الصابون أو الشامبو أو الملابس، وانتشار حشرات البق التي تسبب التهابات جلدية.

انتظار الاسيرات

 كما أشارت الأسير المحررة جرار إلى أن قسم الأسيرات يقع إلى بجانب معتقلين جنائيين يتلفظون بألفاظ نابية، ما يسبب الأذى للأسيرات.

وتحدثت جرار عن سيارة "البوسطة" التي تنقل الأسرى، حيث تخرج من "معبار الشارون" في ساعات الفجر الأولى (2.30 فجرا) وتعود عند الساعة (12 ليلا)، وعادة ما يتم إعادة الأسيرة من المحكمة بعد توزيع وجبات الطعام في المساء، بالتالي تبقى الأسيرة بلا طعام طيلة اليوم.

وقالت إن المكوث في "البوسطة" يحمل ألوانا من المعاناة الشديدة للأسيرات، لأنه يتم نقلهن فيها لساعات طويلة داخل زنزانة حديدية صغيرة، لا تحتوي على أدنى احتياجات الإنسان، وتكون الأسيرة مقيد الأيدي والأرجل، وكثيرا ما يتم الاعتداء على الأسيرات من قبل قوات "النحشون"، كما حدث مؤخرا مع أسيرة مقدسية أثناء نقلها الى المحكمة.

تنكيل لفرض الشروط

وحول الاعتداءات الأخيرة التي تعرضت لها الأسيرات والتي تم خلالها عزل ثلاثة منهن، رأت القيادية في الجبهة الشعبية أن الاحتلال يحاول فرض شروطه من خلال إدارة السجون التي فقدت هيبتها، لسحب المكتسبات التي حققها الأسرى والأسيرات على مدار سنوات نضالية طويلة.

وأوضحت أن السبب المباشر للاعتداءات الأخيرة على الأسيرات وقمعهن من قبل إدارة السجون جاء بهدف فرض تدخل إدارة السجون في توزيع الأسيرات على الغرف، لأنه من اختصاص الأسيرات، مما يعتبر سحبا لمكتسب من مكتسباتهن، والذي لقي رفضا قاطعا منهن للإجراء الإسرائيلي.

وبدأت عمليات القمع للأسيرات، عندما اقتحمت قوات مصلحة السجون، في ساعات متأخرة  يوم الخميس 16 ديسمبر الجاري لقسمهن، وقطعوا الكهرباء عنه دون أي سابق إنذار، وأخرجوا ممثلات الأسيرات مرح بيكر وشروق دويات ومنى قعدان بالقوة من الغرف، ما أدى لاندلاع حالة توتر في صفوف باقي الأسيرات، اللواتي بدأن بالطرق على أبواب الغرف كأسلوب احتجاجي، وحينها عادت قوات القمع وبدأت بالتنكيل وقمع الأسيرات لوقف احتجاهن، وفق جرار.

كما قامت الأسيرات لاحقا، بخطوات احتجاجية أخرى بإرجاع وجبات الطعام والامتناع عن الخروج من الغرف ورفض التعامل المباشر مع إدارة السجون بدون ممثلاتهن، ثم بدأت خطوات التضامن والإسناد من قبل باقي الحركة الأسيرة.

وللقمع الأخير الذي تم بشكل عنيف وفج بحق الأسيرات، رسالة تريد إدارة السجون إرسالها لباقي الأسرى، للتدخل في شؤونهم الداخلية وتضييق الخناق عليهم.

أمل طقاطقة التي تحررت بداية الشهر الجاري بعد سبع سنوات من الأسر، عددت المعاناة للأسيرات اللواتي منهن أمهات وجريحات وذوات أحكام عالية تصل إلى 16 عاما مثل الأسيرتين شروق دويات وشاتيلا أبو عياد.

اسطبل وخصوصية منتهكة

وأوضحت طقاطقة لـ"زوايا" أن تصميم السجن كإسطبل للخيول، ومن ثم تحويله الى مخزن للتبغ، في زمن الانتداب البريطاني، هو ما يفسر درجة الرطوبة العالية في الغرف، كون الدخان يخزّن في مكان رطوبته عالية. كما أن الغرف قديمة جدا والشبابيك مرتفعة جدا وصغيرة تحد من دخول أشعة الشمس والهواء إلى الغرف.

ومن ضمن المعاناة وجود حمامات الاستحمام في الساحة، إذ تضطر الأسيرات للخروج إلى خارج الغرف للاستحمام، في ظل انتشار السجانين وكاميرات المراقبة التي تنتهك الخصوصية.

ووفق المحررة طقاطقة، فإن الأسيرات كن يتعرضن لخطر التماس الكهربائي، لكنهن قبل فترة وجيزة خضنَ خطوات نضالية، دفعت إدارة السجن لمعالجة شبكة الكهرباء داخل الغرف.

أسوأ أنواع الطعام

أما من حيث الطعام، فهو من أسوأ الأنواع الذي لا يمكن تقديمه للبشر، فمثلا يقدمون وجبة تحتوي على قطعة دجاج كل يوم جمعة، لكنها مليئة بالأوساخ والريش، وهو ما يمنع الأسيرات من تقبله، وأدى لعزوف كثير منهن عن أكل اللحوم طوال عام حتى بعد التحرر من السجن، وفق ما قالت طقاطقة.

الهجمة الأخيرة جاءت بحسب طقاطقة، لتعميق هذه المعاناة بزعزعة استقرار الأسيرات الداخلي، خاصة بعد علم إدارة السجون باعتماد التعليم الجامعي لهن داخل السجن، إضافة إلى محاولة الإدارة لكسر إنجازاتهن النضالية السابقة، بهدف إبقائهن في نفس الدوامة وحتى لا يطالبن بحقوق جديدة.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo