أسئلة الانتخابات والارتباك الفلسطيني الدائم

الانتخاب عند صناديق الاقتراع
الانتخاب عند صناديق الاقتراع

انتهت المرحلة الاولى من انتخابات هيئات الحكم المحلي، واعلنت نتائجها النهائية، فيما الأنظار صوب المرحلة الثانية والأهم، والتي من المقرر أن تشمل المدن الرئيسية والبلدات الكبرى، وكافة البلديات في غزة، بما فيها مدينة غزة التي لم تشهد أية انتخابات منذ عقود.

المرحلة الأولى التي شملت نحو 700 الف من اصحاب حق الاقتراع في 376 هيئة محلية، أفرزت نتائجها مجموعة من المعطيات، اهمها، أن الانتخابات جرت فعلياً في 154 هيئة من أصل 376، بينما الهيئات ال 222 الأخرى لم تجر فيها انتخابات أما بسبب التوافق على قائمة واحدة، واما بسبب العزوف عن تشكيل أية قائمة، وبالمحصلة فان مجموع المصوتين في هذه المرحلة بلغ نحو 268 ألف ناخب بما نسبته 11% من أجمالي من يحق لهم الانتخابات في كافة الهيئات، وبالتالي فان أية معطيات أو نتائج لا يمكن النظر لها كمقياس أو مؤشر على أية انتخابات قادمة، محلية كانت أو عامة. كما لا يصح اعتبارها (بروفة ) للانتخابات القادمة، حيث أن طبيعة الهيئات التي جرت فيها الانتخابات، وحتى تلك التي كان مقرر اجراء الانتخابات فيها ولم تجر لسبب أو لآخر لاتشكل نموذجاً ولا تصلح لأن تكون عينة معيارية يمكن الاستناد اليها أو القياس عليها، وأن التحليللات التي استندت الى انتخابات المرحلة الأولى هي في الأغلب قراءات حسابية سطحية ليست ذات دلالة.  

لكن انتخابات المرحلة الثانية التي أعلنت لجنة الانتخابات المركزية جدولها الزمني، ليكون السادس والعشرين من آذار القادم هو يوم الأقتراع فيها، بما يشمل مليون وتسعمائة الف ناخب ينتخبون مجالسهم في 127 هيئة، ستكون مختلفة من كافة الجوانب، فهي ستشمل المدن الرئيسية والبلدات الكبرى في الضفة وغزة، والتي تكون انتخاباتها من حيث التحالفات وتشكيل القوائم ودوافع الانتخاب أقرب الى الحزبية، وان راعت البعد العائلي وغيره، مما يجعلها، ان حصلت، أكثر منطقية ودقة للقياس عليها والاستئناس بنتائجها في تقدير الحجوم والاتجاهات السياسية للناخبين، وهو ما يمكن أن يبنى عليه في القرار بشأن الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية.

اقرأ أيضاً: الانتخابات المحلية.."جائزة ترضية" تحمل مستجداً؟

بيد أن السؤال المطروح الآن، هل ستجري هذه الانتخابات بالفعل؟، فرغم مسارعة لجنة الانتخابات المركزية في اعلان جدول العملية الانتخابية للمرحلة الثانية بكافة مواعيدها وتفاصيلها، الا أن ذلك لا يحسم الاجابة، فقد حصل في تجارب سابقة أن اجلت الانتخابات أو الغيت في خضم العملية الانتخابية، ففي عام 2010 الغيت الانتخابات المحلية في اليوم الأخير لتقديم الترشيحات، وفي عام 2016 أيضاً الغيت الانتخابات المحلية قبيل اجرائها بسبب التجاذبات السياسية، فيما التجربة التي لا نزال نعيش تداعياتها هي الغاء الانتخابات العامة باجزائها الثلاثة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني في أيار من العام الجاري، قبيل ساعات من بدء الدعاية الانتخابية للانتخابات التشريعية. هذه التجارب السابقة تجعل تفاعلات الانتخابات باهتة يشوبها التشكيك والتردد، وهو ما قد يؤثر تباعاً على النتائج وعلى نسب المشاركة ترشيحاً وتصويتاً.

أما الشق الآخر من المسألة، فهو يتعلق بموقف حركة حماس، وجواب السلطة الفعلية في غزة على خطوات وتحضيرات لجنة الانتخابات، وهو موقف لم يحسم بعد، أو لم يعلن بشكل قطعي رغم اقتراب آجال مراحل العملية الانتخابية المترابطة، وموقف حماس هنا له جانبان، الأول يتعلق بموافقتها والسماح باجراء الانتخابات في الهيئات المحلية في غزة، والثاني، في حال رفضها أو منعها للانتخابات في غزة، فهل ستشارك في انتخابات الضفة، وبأي شكل ستشارك؟ وكيف لها أن تمنع الانتخابات في غزة، وتشارك صراحة في انتخابات الضفة؟

هي اذن أسئلة الارتباك الفلسطيني الدائم، والاحتكام الى المصالح والحسابات الحزبية والتجاذبات السياسية، وليس بعيداً عنها تدخلات الاحتلال والتدخلات الاقليمية والدولية، اضافة الى ارتهان كل ذلك بالأوضاع الميدانية الآخذة في التأزم سواء في السجون، أو في الضفة الغربية، أو في غزة. أسئلة لا يجيب عليها الا كل يوم ينقضي دون اعلان أو موقف مفاجئ تجاه الانتخابات.

ومع ذلك، فان المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية، حتى وأن حصلت بالكامل، فانها لا تروي ظمأ الساعين الى اجراء الانتخابات العامة، وتفعيل الحياة الديمقراطية، نحو حلحلة الانقسام وتحريك المياه الأسنة في مجمل النظام السياسي الفلسطيني، وبخاصة منظمة التحرير الفلسطينية بهيئاتها المختلفة.  

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo