الانتخابات المحلية.."جائزة ترضية" تحمل مستجداً؟

مظاهرة لعقد الانتخابات الفلسطينية
مظاهرة لعقد الانتخابات الفلسطينية

حملت المرحلة الأولى للإنتخابات المحلية، التي جرت قبل أكثر من أسبوع في بلدات صغيرة واخرى جرت فيها تزكية قوائم بعينها، العديد من الملاحظات البارزة، بموازاة تساؤلات عن إمكانية إجراء المرحلة الثانية لهذه الإنتخابات المقررة في آذار/مارس المقبل، ومروراً بالوجه الآخر للانتخابات المحلية عموماً، خاصة في ظل حالة تناقضية تنتج مجالس محلية منتخبة في مقابل سلطة غير منتخبة.

الإنتخابات المحلية..جائزة ترضية!

يرى الأستاذ في برنامَجيّ الماجستير في الديمقراطية وحقوق الإنسان والدراسات العربية المعاصرة د.جورج جقمان في حديث لموقع "زوايا"، إن هناك مفارقة بالمعنى الوطني العام، وهي نابعة من إلغاء الانتخابات التشريعية، في مقابل السماح عُنوةً بالإنتخابات المحلية، على الأقل مرحلتها الأولى حتى الآن.

لذا، اعتبر د.جقمان أن الإنتخابات المحلية جائت ك"جائزة ترضية" قدمتها السلطة الفلسطينية للمجتمع الدولي والمحلي في آن، وذلك نتيجة الضغط الذي مارسته جهات خارجية، فالسلطة أرادت القول من خلال هذه الخطوة: "ها نحن، نجري انتخابات المحلية إلى حين توفر الظرف المناسب للإنتخابات العامة". لكنّ جقمان شدد على أنه لا يمكن لأي شيء أن يعوض عن الإنتخابات العامة (التشريعية والرئاسية)، والتي يبدو أنه لا أفق لإجرائها في الأمد المنظور، والسبب هو رغبة القائمين على السلطة بضمانات جيدة لقوتها الإنتخابية، حسب جقمان.

وتساءل جقمان عن إمكانية إجراء المرحلة الثانية للإنتخابات وعدم التراجع عنها لأي حجة كانت، ذلك أنّ البلديات الكبيرة تم تأجيلها للمرحلة التالية بإعتبار أنها أكثر تأثيراً، إلا أن جقمان استدرك قائلاً: "على الأغلب ستحصل انتخابات المرحلة الثانية للإنتخابات المحلية، لكنها لن تعوّض عن الإنتخابات التشريعية".

اقرأ أيضاً: كاتب سياسي: حماس لم تبنِ مساراً جديداً يؤهلها لقيادة المرحلة بعد حركة فتح

ورأى د.جورج جقمان أن الإحتلال الإسرائيلي لا يعير اهتماماً كبيراً للإنتخابات المحلية للفلسطينيين؛ ذلك أن الوظائف الأساسية التي يريدها الإحتلال مكفولة بوجود السلطة الفلسطينية، ويتم القيام بها. غير أنّ جقمان يعتقد، أن الهامش الذي يجعل الإحتلال يراقب الإنتخابات المحلية هو تحديد خارطة المشاركين والقوى الإجتماعية والعائلية والسياسية التي تحاول النهوض، وبالتالي التنبؤ بحجم هذه القوى على مستوى الإنتخابات العامة، والتدخل الإسرائيلي للحفاظ على توازنات معينة في الساحة الفلسطينية.

المرحلة الثانية للإنتخابات المحلية..بضغط دولي؟

من جانبه، أكد عضو الحراك الوطني الديمقراطي تيسير الزبري لـ "زوايا" أن المرحلة الثانية للانتخابات المحلية لم يكن صانع القرار يرغب بإجرائها، لكن الضغط الدولي دفع في نهاية المطاف لإجرائها، وهو ما يدفع أوساطاً فلسطينية عديدة إلى المراقبة بحذر بشأن المرحلة التالي للإنتخابات المحلية. وحسب الزبري، فإن الانتخابات المحلية من المفروض ان تتم في مرحلة واحدة بناء على القانون، لكن يبدو أن السلطة الفلسطينية أرادت من المرحلة الأولى لهذه الإنتخابات ان تكون "بروفا" بموازين القوى والإشكاليات التي يمكن أن تنشأ.

اللافت، أن حركة "فتح" حاولت استثمار النتيجة للقول إن نتائج المرحلة الأولى للإنتخابات المحلية دللت على حضورها المرضي، لكنّ مراقبين للإنتخابات رأوا أن قوائم فتح لم تكن نقية، بل هي تحالفات مع عشائر، وتخلل قوائمها مرشحون محسوبون على حركة "حماس"، في سياق التحالف مع العائلات.

واعتبر مسؤول الإعلام في التعبئة والتنظيم لحركة فتح منير الجاغوب إنه بغض النظر عمن فاز والطريقة التي جرت فيها الانتخابات المحلية بمرحلتها الاولى، فإن سيرها بإيجابية ودون أي اشكاليات، يمكن البناء على ذلك على صعيد الانتخابات المحلية بمرحلتها الثانية المقررة في آذار المقبل، لتجديد الدماء بالمجالس المحلية، على أمل أن تشمل أيضاً قطاع غزة.

نقطة سلبية وأخرى إيجابية

من جانبه، تحدث مدير المرصد العربي للديمقراطية والانتخابات عارف جفال لموقع "زوايا" عن نقطتين للإنتخابات المحلية، إحداها ايجابية وأخرى سلبية..موضحاً أن النقطة الإيجابية تكمن في لهفة الناس للديمقراطية والتي تجلت بنسبة المشاركة العالية في انتخابات المرحلة الأولى للإنتخابات المحلية، رغبة في مساءلة المجالس المحلية السابقة وأيضاً بحقها بالتصويت. وأضاف أن عدد الذين أعيد انتخابهم في المجالس المحلية مرة أخرى لم يتجاوز الثلث، وهذا تطور لافت مقارنة بالإنتخابات المحلية السابقة، وهو ما يعني أن سمة مساءلة المجالس المحلية كانت حاضرة في صندوق الإقتراع بشكل قوي.

اقرأ أيضاً: "التزكية" تحسم الانتخابات المحلية في الضفة قبل موعدها

وأما النقطة السلبية في الإنتخابات المحلية بمرحلتها الاولى- على الأقل- فهي القوة العائلية التي استثمرت بهذه الإنتخابات، وهذا مؤشر اعتبره جفال خطيراً من ناحية البعد عن الحياة المدنية أكثر حتى بالقضايا الاجتماعية والسياسية. وهذا يولد خشية من أن العائلات الكبيرة تكون جزءاً من المنافسة في الإنتخابات التشريعية، فيكون طابع الصراع والمنافسة في سياق عشائري وعائلي بدلا من ان تكون على مستوى وطني.

شخصيات مقربة من "المنسق" حاولت الفوز بالانتخابات!

ونوه عارف جفال إلى نقطة بارزة في بعض البلدات والقرى التي جرى فيها انتخابات للمجالس المحلية في شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، ألا وهو محاولة جهات عائلية مقربة من منسق جيش الإحتلال في الأراضي الفلسطينية، مبيناً أنه في هذه المرة كان الأمر واضحاً بمناطق حدودية قريبة من المستوطنات. واعتبر جفال أن هذا مؤشر على محاولة إسرائيلية لضمان وجود تكتل معين داخل المجالس المحلية، ويتمثل بشخصيات مغلفة بالعشيرة لكنها تتلاقى مصالحها مع الإحتلال.

وبالرغم من أن هذه الشخصيات لم تتمكن من الفوز بالمرحلة الأولى للإنتخابات المحلية، إلا أنه يبقى مؤشراً حساسا لا بد من التوقف عنده ودراسته جيداً، حسب عارف جفال، مع تحذيره في نفس الوقت من أن يكون هذا حجة لأطراف لتأجيل المرحلة الثانية للانتخابات المحلية، بحجة مستجدات غير طبيعية في الساحة الفلسطينية.

وتمنى جفال لو جرت الانتخابات التشريعية، للنظر في قانون الانتخابات المحلية، وتعديله ليواكب مسألة السوشيال ميديا، حيث لا يوجد ضبط لها ضمن القانون الحالي، خاصة وأن التعديلات المطروحة كانت شكلية وليست جوهرية.

ويتفق عارف جفال مع الإنطباع القائل إن الانتخابات المحلية تجري كمحاولة لإرضاء الأطراف الدولية بعد تأجيل الانتخابات العامة.

وبالرغم من أن الانتخابات المحلية مهمة لأطراف دولية تعمل مع القطاع المحلي، إلا ان الحكومة الأوروبية والأمريكية على المستوى الرسمي تضغط باتجاه إجراء الانتخابات التشريعية.

ردٌ لـ"حماس" خلال يومين بشأن مشاركة غزة بالمرحلة الثانية للإنتخابات

وحول مدى الجزم بإجراء المرحلة الثانية للإنتخابات المحلية، أكد خبير الإنتخابات عارف جفال أنهم بانتظار رد من حركة "حماس" خلال يومين حول مسألة إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة بالتزامن مع البلدات الكبيرة في الضفة الغربية في آذار المقبل. وحذر جفال من أن يتم اتخاذ غزة ذريعة لتأجيل المرحلة الثانية للانتخابات المحلية، أي إلغائها دون أسباب حقيقية. مع العلم ان القانون يتيح للجنة الانتخابات المركزية ان تؤجل الانتخابات المحلية في بعض المواقع لأسباب قاهرة ووجيهة مدة لا تزيد عن أربعة أسابيع.

وقال جفال إن السلطة في حال أقدمت على تأجيل المرحلة الثانية للانتخابات الممحلية، فإنها تقدم على انتحار سياسي بعد كل الإحباطات التي توالت في الفترة الماضية.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo