كلاهما غيب دور المواطن

تحليل كاتب سياسي: حماس لم تبنِ مساراً جديداً يؤهلها لقيادة المرحلة بعد حركة فتح

اسماعيل هنية
اسماعيل هنية

تشهد الحالة الفلسطينية الراهنة تراجعاً غير مسبوق على صعيد الاهتمام السياسي والإعلامي والاقتصادي العربي والدولي بالقضية الفلسطينية، والذي شهد أيضاً تدخلات إقليمية ودولية متزايدة في الشأن الفلسطيني؛ الأمر الذي أفضى لحالة من التفكك والانقسام والضعف وفقدان الاتجاه وتعمُّق الانقسام السياسي الفلسطيني.

وأكد الكاتب الصحفي "مهند عبد الحميد" عبر مدونة نشرتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية أن تغييب الشعب كأحد أهم ركائز المشروع الوطني، وبناء نظام سياسي بيروقراطي منفصل عن المواطنين، واستفحال الفساد الإداري والسياسي والمالي، كلها أسباب ساهمت في صناعة هذا المأزق وشجّعت الاحتلال على استباحة المزيد من الأراضي والموارد والحقوق والحريات الفلسطينية.

وأقر الكاتب الصحفي أن القيادة الفلسطينية الرسمية تجاهلت بالمطلق أهم ركيزة للتحرر والتخلص من الاحتلال والمتمثلة بالشعب الفلسطيني، بعد أن غامرت بدخول مسار أوسلو وافترضت أن الخلاص من الاحتلال وتقرير المصير وترجمة المشروع الوطني ستتم من خلال ثلاث ركائز: أميركية، وعربية رسمية، وإسرائيلية – حزب العمل ومعسكره"، وهو ذات النهج التي مارسته حركة حماس بعد فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، والتي كان من المفترض أن تكون بديلاً عن معسكر حركة "فتح".

ورأى الكاتب أن حركة حماس لم تبنِ مساراً جديداً يؤهلها لقيادة المرحلة والخروج من مسار أوسلو الذي قادته "فتح"، وأنه لا يوجد قطب ثالث، استطاع أن يقدم مخرجاً، أو حاول أن يبني مساراً جديداً للاستقطاب، حيث بقيت المفاضلة بين حركتيْ "حماس" و"فتح"، وباتت الكفة الراجحة لمصلحة حركة "حماس"، وبصورة خاصة أثناء مقاومتها الاحتلال.

اقرأ أيضاً: حقوقيون لـ"زوايا": الانتهاكات بالضفة وغزة تسيء للفلسطينيين وتعرض السلطتين لمحاكمات دولية

وأكد "عبد الحميد" أن حركة "حماس" لم تقدم نموذجاً ديمقراطياً وتصرفت كحزب حاكم يستخدم علاقاته مع الفصائل الأُخرى لتثبيت سيطرته، ولم تلجأ إلى الانتخابات البلدية، ولا في الجامعات، وحسمت السيطرة على قطاع غزة بالقوة، كما مارست أشكالاً من التنكيل بالمعارضين، وقمعت حراكات شعبية سلمية، وقيدت الحريات العامة والخاصة، وكرست مقولة استبدال شرطي بشرطي. 

وقال الكاتب إن حركة "حماس"، تمتلك سلاحاً مؤثراً في كل شيء، وهو سلاح المقاومة مشككا في وظيفة هذا السلاح الفعلية، فيما إذا كان أداة أساسية في استراتيجية التحرر والاستقلال، أم تستخدمه في استقطاب التأييد الشعبي الفلسطيني، وفي عزل وإضعاف حركة "فتح" التي استبدلت المقاومة بالتفاوض والاحتجاج السلمي.

وأضاف: لا تقتصر المقاومة على النخبة العسكرية فقط، ولا يكون شكلها في المواجهة العسكرية الموسمية، فإذا كانت المقاومة المسلحة شكلاً رئيسياً فإن دور الجماهير لا يكون مشجعاً ومؤيداً ومتفرجاً فقط، وأن الاشتباك مع المحتلين يكون يومياً، وليس مرة كل أربعة أعوام". 

وتابع تستخدم حركة "حماس" سلاح المقاومة كأداة سيطرة على السلطة والمجتمع، ولتعزيز نفوذ حركة الإخوان المسلمين عبر البوابة الفلسطينية، وأداة لتعزيز الدور الإقليمي لإيران في مقابل دعم المقاومة، وكل هذا لا يتم في سياق استراتيجية التحرر من الاحتلال. 

وتساءل الكاتب إذا كانت المقاومة أداة أساسية في استراتيجية التحرر، فلماذا تتحدث الدوائر الإسرائيلية بصراحة عن تعزيز حكم "حماس" أو قبوله عبر هدنة طويلة الأمد يجري التفاوض عليها؟، فالمطروح هو استبدال حزب حاكم بحزب حاكم، وسلطة بسلطة بمعزل عن مضمون الاستبدال، حيث لم يكن من باب الصدفة وجود مسعى إسرائيلي إقليمي دولي لإنقاذ وترميم سلطة "فتح" في الضفة (مؤتمر المانحين)، وإنقاذ وترميم سلطة "حماس" في القطاع (البحث في اتفاق تهدئة طويل الأمد). 

وخلص الكاتب إلى أن المطلوب هو بناء العامل الفلسطيني المعافى والمبادر والنشط الذي يفتح الأبواب أمام مسار تحرُّري يشارك فيه الشعب الفلسطيني وحلفاؤه الحقيقيون، والمراكمة على ما حدث في هبّة القدس وإضراب 18 مايو التاريخي وما يحدث اليوم في بيتا ومعارك جبل الخليل ضد المستوطنين وتجربة مقاتلي غزة، وكل ما هو مُجدٍ ومتوفر وحقيقي في عشرات المواقع.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo