تقرير قرار بريطانيا بحظر "حماس": عوامل أنضجته..وأهداف أوجبته

كتائب القسام في مسير عسكري
كتائب القسام في مسير عسكري

لا يزال القرار البريطاني بحظر حركة "حماس" يحظى بكثير من القراءات بشأن خلفيته ودوافعه، وحتى مآلاته في محاصرة الحركة الفلسطينية ككل أكثر على الساحة الدولية، ارتباطاً بمتغيرات إقليمية وعالمية متسارعة.

ولعلّ السؤال الأبرز في هذا التوقيت هو: هل ستحذو مزيد من الدول حذو القرار البريطاني تجاه "حماس"؟

أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بيرزيت د.غسان الخطيب، قال لموقع "زوايا" إن هناك اتجاها دولياً عاما يؤشر إلى أنّ قرار حظر "حماس" وتصنيفها كمنظمة "إرهابية" سيشمل دولا أخرى كثيرة في قادم الأيام، وهو ناتج عن "نجاح تدريجي"، ولكن ثابت، لإستراتيجية العلاقات الدولية الإسرائيلية.

وأكد الخطيب أن إسرائيل تحقق تقدما ملحوظاً في تغيير مواقف وسياسات العديد من دول العالم؛ إذ بدأ الأمر، على سبيل المثال، بقرارات في برلمانات أوروبية مختلفة لربط "مُعاداة السامية بمعاداة إسرائيل"؛ ما يعني أنّ كل مَن يعادي إسرائيل يعادي السامية. وتابع الخطيب: "ذهبوا أيضاً بعيدا بإتجاه تشريعات تجعل انتقاد الصهيونية وإسرائيل نوعاً من اللاسامية، أي أن انتقاد الإحتلال غير قانوني".

وأشار الخطيب إلى أن الأمر بدأ في ألمانيا وامتد إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية كثيرة، معرباً عن اعتقاده بأن إسرائيل تعمل بحرية على مستوى الدبلوماسية الدولية، مقارنة بالسنوات الماضية.

نجاح الدبلوماسية الإسرائيلية..لسببين

وفسر أستاذ العلوم السياسية غسان الخطيب، النجاحات الإسرائيلية في العلاقات الدولية في السنوات الأخيرة، بتراجع تأثير الجهد الدبلوماسي الفلسطيني؛ لأنه، سابقاً، كان الجهد الدبلوماسي الفلسطيني كان مدعوما من العرب، ما يعني أن الدبلوماسية الفلسطينية أصبحت "عارية"..موضحاً أن العرب لهم ثقل دبلوماسي دولي ولهم تأثير على دول أخرى مثل عدم "دول عدم الإنحياز"، ودول إفريقية وإسلامية.

اقرأ أيضاً:  تعليم على خط النار .. "مدارس اللبن الساوية" أنموذجاً

وبالتالي، فإنّ الجهد الدبلوماسي العربي، الذي كان يحتضن القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، تراجع لأسباب كثيرة معروفة، وهو ما أأفسح المجال لمزيد من النجاح للدبلوماسية الإسرائيلية.

كما أضاف الخطيب سبباً ثانياً لإتخاذ القرار البريطاني ضد "حماس"، ويتمثل بعهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مبيناً أن سنوات ترامب كان لها وقع سلبي جدا على الفلسطينيين؛ لأن ترامب استثمر كثيراً من الطاقة والقدرة والتأثير الأمريكي في هذا الإتجاه لمحاصرة الموقف الفلسطيني على المستوى الدبلوماسي والدولي، وإفساح المجال للدبلوماسية الإسرائيلية لتحقق مكاسب. وهو ما يدلل على أنه حتى مع انتهاء حكم ترامب، فإن تداعيات سياساته لا زالت مستمرة.

الخطيب: "سنشهد قرارات مشابهة من دول أخرى"

بالمحصلة، يعتقد غسان الخطيب أن القرار البريطاني بحظر "حماس"، يأتي في سياق سلسلة من القرارات من هذا النوع، وانه ستصدر العديد من القرارات ذات الصلة.

بيدَ أنّ مراقبين، أضافوا أيضاً عاملاً ذاتياً فلسطينياً، ويتمثل بأن التنظيمات والفصائل الفلسطينية لا تعير اهتماماً للعلاقات الدولية ومخاطبة العالم، وتركز هذه الأحزاب بينها "حماس" على مخاطبة الداخل، عبر اللعب على وتر العاطفة الوطنية والدينية. مع العلم، أن خبراء دوليين ينظرون إلى أن القرار البريطاني ضد "حماس"، مُتوقع لكنه جاء متأخراً.

وذهبت وسائل إعلام إسرائيلية، إلى نشر مزاعم تحاول تفسير خلفيات القرار البريطاني؛ إذ قال الصحفي الإسرائيلي باروخ يديد في تقرير تلفزيوني، إن "حماس راسخة في بريطانيا، وقد انشأت مؤسسات ونفذت أنشطة دبلوماسية مثكفة، وتمتعت بنظام اتصال جديد للإخوان المسلمين واقامة علاقات نشطاء حزب العمال البريطاني".

لغاية انتخابية بريطانية؟!

من جانبه، قرأ النائب الأردني السابق سمير عويس، القرار البريطاني، في سياق موقف معادٍ اتخذته وزيرة الداخلية البريطانية؛ بغية تقديم خدمة لإسرائيل، مقابل أن تعزز الأخيرة وضعها في أي انتخابات بريطانية قادمة من جهة.. ومن جهة أخرى، رأى عويس أنّ إسرائيل ترى أن اتهام حركة حماس ب"الإرهاب" في أوروبا قد يكون المدخل المناسب لتسجيل نقطة بأوروبا تضغط من خلالها على الموقف الفلسطيني ككل من خاصرته في غزة.

وعبر عويس عن اعتقاده، في حديث لموقع "زوايا" ، بأن القرار البريطاني وقبله الأوروبي يحاول خدمة توجه عربي عام لتسجيل مكاسب في سبيل تحقيق تسوية فلسطينية- إسرائيلية. لكن عويس، رجح أن القرار السياسي الأوروبي يبقى منفصلاً، بمعنى موقفها من حماس سيكون بمعزل عن الموقف من القضية الفلسطينية ورؤيتها للحل.

مصلحة داخلية..وعودةً لوزنها الإستراتيجي في الشرق الأوسط

بدوره، قال الباحث الاستراتيجي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا د.عنان وهبة، لموقع "زوايا" ، إن قرار المملكة المتحدة، جاء في إطار سياسة رئيس الحكومة البريطاني بوريس جونسون الآن، في ظل ما يحصل في العالم ومروراً بالمتغيرات السياسية، إن كان ذلك على مستوى المحاور العالمية أو الخارطة الجديدة للشرق الأوسط.

وتابع وهبة: "هذه الدول، تخشى من عودة التطرف الديني وما سيصاحبه من عمليات عنف في أوروبا..هناك جهات أمنية تبرر القرار، بأنه جاء بناء على معلومات وإشارات لهذا الشيء". وبالتالي، تصنف هذه الجهات، إدراج حماس وحزب الله على لائحة الإرهاب، كمصلحة أمنية لتلك الدول.

وأكد عنان وهبة أن هناك نوعا من الإرادة لتوضيح الأمور من ناحية مصالح الدول، وأن القرار البريطاني يصل صداه الى الشرق الأوسط..مضيفاً "لقد رأينا ردة الفعل الأردنية التي وصفت القرار البريطاني بجائزة للاحتلال"، بيدَ أنّ وهبة، رأى أن الموقف الأردني نابع من مخاوف محلية، ومفادها أن نزوع شرعية حماس كجهة محلية فلسطينية، في ظل رسم حلول سياسية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، قد ينطوي على خطر كبير للأمن القومي للدول التي هي على تماس مباشر بالقضية الفلسطينية .

رسالة إلى تركيا وإيران..أولاً!

غير أنّ وهبة، نوه بأن ثمة عاملا آخر بعيداً عن المصلحة الأمنية القومية لبريطانيا، وهو البعث برسالة إلى تركيا وإيران بالدرجة الأولى، خاصة أن تركيا حاضنة لمنظمات إسلامية فاعلة في الدول الأوروبية وبريطانيا.. ما يعني ان لندن لا تخاطب "حماس" وحدها. علاوة على أن المملكة المتحدة تريد أن تعود لوزنها الإستراتيجي في الشرق الأوسط.

لكنّ هذا، لا ينفي ان يكون الحظر البريطاني ل"حماس"، في سياق الضغط السياسي على "حماس"، كي تقبل بلعبة الشرعية الدولية في أي حوار سياسي وطني لاحق.

وتخشى أوساط سياسية فلسطينية من أن اسرائيل ستستغل القرار البريطاني وأي قرار دولي مشابه، لشن عملية عسكرية ضد قطاع غزة، حينما تحين الفرصة.

حوارات فلسطينية..بشأن الخطوات الدبلوماسية اللازمة

من ناحيتها، ارتأت السلطة الفلسطينية أن تعبر عن رفضها للقرار البريطاني، عبر بيان للخارجية الفلسطينية، حيث اعتبر أن قرار بريطانيا مرفوض ويعتبر رضوخا للضغط الإسرائيلي. واكتفى المستشار السياسي لوزير الخارجية د.احمد الديك، بالقول لـ "زوايا" : "بيان الخارجية يوضح الموقف الفلسطيني، وهو مقدمة لفعل وجهد على هذا المستوى".

ولعلّ، الرد المقتضب للمسؤول بالخارجية، ينم عن وجود حوارات مستمرة في أروقة الوزارة والدبلوماسية الفلسطينية، لتدارس طبيعة الخطوات الفلسطينية التي يمكن ان تتخذ، لأنه لا تتوقف عند حركة "حماس"، بل يشكل انتكاسات لاحقة للجهد الفلسطيني على الساحة الدولية.

يشار الى أن القرار البريطاني قوبل بإجماع فلسطيني على الرفض والإدانة، بموازاة تداعي كافة القوى الفلسطينية السياسية والمجتمعية لمواجهة القرار والتصدي لتداعياته المستقبلية، خاصة وأن حكومة الاحتلال رحبت بالقرار، توطئة لإستغلاله لجهة تصعيد العدوان على الشعب الفلسطيني.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo