لديهم أوراق رابحة

تحليل دراسة: "فلسطينيو الشتات".. القوة التي تخلت عنها المنظمة والسلطة

فلسطينيو الشتات
فلسطينيو الشتات

تتصدر مسألة إعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية وتعزيزها الاهتمامات الفلسطينية، لكنها تصطدم بعقبات جمة على رأسها الانقسام المرير بين قطبي السياسة الفلسطينية، حركتي فتح وحماس.

وتطرأ الحاجة الملحة لإعادة إحياء المشروع الوطني بعد قيام عدد من الدول العربية بتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال خلال الفترة الماضية، حيث باتت منظمة التحرير الفلسطينية، تواجه تحدياتٍ خطيرةً تعيق عملها في مواجهة المشروع الاستعماري الإسرائيلي.

وفي السياق دعت دراسة سياسية نفَّذها فريقٌ مكون من أربع خبيرات عضوات في شبكة السياسات الفلسطينية (الشبكة)، هنّ :" زها حسن، نادية حجاب، إيناس عبد الرازق، منى يونس"، إلى ضرورة العمل المشترك والمنتظم بين الشتات والبعثات الدبلوماسية التابعة لمنظمة التحرير في الخارج لتعزيز المنظمة وجعلها أكثر استجابةً لتحديات الشعب الفلسطيني، وأقدرَ على تحمل التهديدات المحدقة بحقوق الفلسطينيين وسيادتهم، وعلى الإسهام في التعبئةِ الاستراتيجية لفلسطينيي الشتات في البلدان التي يقيمون فيها.

وترى المؤلِفات الأربع، أن تفعيلَ العلاقة بين الشتات ومنظمة التحرير في إطار السلكِ الدبلوماسي الفلسطيني عاملٌ مهمٌ في تأكيد شرعية المنظمة كانعكاسٍ لإرادة الشعب الفلسطيني، وأن عدم تعاطي منظمة التحرير مع الشعب الفلسطيني، ولا سيما المقيمين خارج فلسطين التاريخية، يتسببُ في انسلاخ الشتات عن ممثليهم.

وتؤكد الدراسة أن الشتاتَ الفلسطيني والدورَ الذي يمكن أن يضطلع به في إحياء منظمة التحرير الفلسطينية والمشروع الوطني كان غائبًا تمامًا في المناقشات التي عقدتها الفصائل الفلسطينية، وأن مبادرات المصالحة التي أطلقتها الفصائل، نمت عن إدراك متدنٍ لحقيقة أن الشتاتَ يملكون من حرية العمل والموارد ما لا يملكه الفلسطينيون الرازحين تحت الاحتلال أو في الداخل المحتل عام 1948.

وبإمكان الشتاتَ الفلسطيني، تفعيل الصفة التمثيلية لمنظمة التحرير لتتمكن من تطوير استراتيجيةٍ وطنيةٍ فعالة، وأن تصبحَ أكثرَ جاهزيةً واستعدادًا للاستجابة للتحديات الاستثنائية التي تواجه الشعب الفلسطيني.

وترى الدراسة أن منظمة التحرير الفلسطينية، فقدت الكثير من شرعيتها عند الفلسطينيين داخل فلسطين التاريخية وخارجها، لدى تُركِّز هذه الدراسةُ على إشراك فلسطيني الشتات وتعبئتهم، والدور الحاسم الذي يمكن للشتات القيام به - ويتوجب عليه - من أجل النهوض بحقوق الفلسطينيين.

اقرأ أيضاً:  دراسة: السلطة تحول الراتب من حق الى أداة ابتزاز

فقد تجسدت الحركةُ الوطنية الفلسطينية في منظمة التحرير منذ تأسيسها في 1964. وأرسى الاعترافُ الدولي الذي أحرزته المنظمة بعد عقد من تأسيسها حقَّ الفلسطينيين في تقرير المصير كعنصرٍ أساسي، وأجبر إسرائيل والولايات المتحدة في نهاية المطاف على التعامل مع الفلسطينيين كشعبٍ له الحق في تقرير المصير ونيل سائر حقوقه.

وبحسب الدراسة فإن منظمة التحرير أدركت أن استدامة علاقات وطيدة بالشتات الفلسطيني سببٌ جوهري من أسباب وجودها، لذا أنشأت، بعد عام واحد فقط من تأسيسها، دائرةَ التنظيم الشعبي لتكون مسؤولةً عن تنظيم الاتحادات الطلابية والنسائية والعمالية والنقابية والمجالس داخل مخيمات اللاجئين.

ويضطلع فلسطينيو الشتات بدورٍ حاسم في استدامة الدعم للحقوق الفلسطينية داخل البلدان التي احتضنتهم، وفي تحقيق الأهداف الوطنية، فالكثيرون منهم مواطنون في ديمقراطيات ليبرالية يتمتعون فيها بحرية المشاركة في المناصرة، ويمكنهم التأثير في الرأي العام وسياسات حكوماتهم. وهم ليسوا مرتهنين للجمود السياسي بين الفصيلين السياسيين الفلسطينيين الرئيسيين، ولا يواجهون المقيدات التي يواجهها أبناء جلدتهم في قطاع غزة والضفة الغربية والبلدان العربية التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين ومجتمعات الشتات.

وترى الدراسة أن المسافة الفاصلة بين فلسطيني الشتات وبين وطنهم التاريخي تمنحهم رؤيةً ووجهةَ نظر فريدة إزاء السُبل الفضلى لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة للشعب الفلسطيني على المستوى الدولي. ومن شأن مشاركتهم النشطة في النضال من أجل التحرير والحقوق الفلسطينية أن تُثري النقاشَ الوطني حول الاستراتيجية والأساليب.

وتوجد في منظمة التحرير الفلسطينية ستُّ دوائر مضطلعة بواجبات تشمل العلاقات الخارجية أو تَمسُّها، أو مشتركة في العمل من أجل النهوض بمصالح الشتات وشؤون المغتربين.

وتُعنى هذه الدراسة بالدائرة السياسية التي تتبع فعليًا لرئيس منظمة التحرير، ودائرة شؤون المفاوضات، ودائرة الدبلوماسية والسياسات العامة، ودائرة العلاقات الدولية، ودائرة شؤون المغتربين، ودائرة شؤون اللاجئين.

وتكشف الدراسة أن توقيع اتفاقات أوسلو وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية أثر سلبًا في العلاقة المتناغمة التي جمعت ذات يوم بين الشتات الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية بدوائرها المختلفة.

ففي بادئ الأمر، عملت وزارات السلطة بالتوازي مع دوائر المنظمة المكرسة للعمل مع الشتات وخدمتهم وتعبئتهم، بيد أن ذلك تغيَّر مع مرور الوقت، حيث نُزعت صلاحيات الدوائر بالكامل تقريبًا وأُسندت لوزارات السلطة.

وفي هذا الصدد، تشير عضو اللجنة التنفيذية التابعة لمنظمة التحرير، حنان عشراوي: "شعرَ المقدسيون واللاجئون والمنفيون الفلسطينيون بأن منظمة التحرير الفلسطينية تخلت عنهم حين أخذت سلطتها تنحسر وتنحصر في جزء من الشعب، على جزء من الأرض، لفترة مؤقتة ومن خلال السلطة الوطنية الفلسطينية فقط، وقد أسهمَ هذا التطور في اعتقاد الشتات بأن حقوقَهم واهتماماتهم لم تَعُد من أولويات القيادة الفلسطينية.

وتعكف دائرةُ شؤون المغتربين ودائرة شؤون اللاجئين على خدمة مجتمعات الشتات، حيث تعمل دائرة شؤون المغتربين مع الفلسطينيين في البلدان التي لا تغطيها عمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، بينما تعمل دائرة شؤون اللاجئين في مناطق عمل الأونروا (الأرض الفلسطينية المحتلة والأردن ولبنان وسوريا). وتعمل كلتا الدائرتين بالتنسيق فيما بينهما.

وتطرقت الدراسة إلى التحديات التي دفعت إلى تُنفِّر غالبية الشتات الفلسطيني وحركة التضامن الدولية من هياكل منظمة التحرير/السلطة الوطنية ، وعلى رأسها هيمنة حركة فتح على منظمة التحرير والسلطة الوطنية التي تنظر إلى الشتات على أنهم مغتربون وليسوا فلسطينيين ذوي حقّ أساسي في العودة؛ وسياسات محددة تتبناها السلطة الوطنية، ولا سيما التنسيق الأمني مع إسرائيل؛ وقلة كفاءة بعض الدبلوماسيين، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه للدبلوماسيين الإسرائيليين الأفضل استعدادًا من حيث الموارد لكي ينزعوا الشرعية عن الانتقادات الموجهة لإسرائيل؛ والاستهانة بقوة المجتمع المدني؛ وفقدان البوصلة السياسية في ظل غياب مشروع وطني يسير خلفه الشعب الفلسطيني ومناصروه.

وتخلص الدراسة إلى أن الشتات الفلسطيني، يشكل مصدرُ قوة رئيسي لمنظمة التحرير والشعب الفلسطيني عمومًا، في وقتٍ تمرُّ فيه القيادة الوطنية الفلسطينية في أضعف أحوالها، وتبلغُ فيه الجهودُ المبذولة لإخماد المشروع الوطني الفلسطيني أوجها.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo