تقرير إدارة بايدن و"وعد القنصلية".. بين الالتزام والتسويف

بايدن
بايدن

لا يزال موضوع إعادة فتح القنصلية الأمريكية يشهد شدّاً وجزراً بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية في هذه الأثناء، وسط امتعاض فلسطيني؛ بسبب بطء الرئيس جو بايدن في تنفيذ وعده الإنتخابي بهذا الخصوص.

هنا، يُطرح السؤال الأبرز: هل تحقق واشنطن وعدها بإعادة فتح القنصلية في القدس الشرقية قبل نهاية العام؟، أم سيشهد مزيداً من التسويف إثر ضغوطات إسرائيلة، وخشيةً على حكومة نفتالي بينت من الإنهيار؟

تنفيذ وعد القنصلية في نوفمبر؟

مصادر من السلطة الفلسطينية أفادت لـ "زوايا" أنها تشعر بخيبة أمل من التسويف الأمريكي في عملية تنفيذ الوعد بإعادة فتح القنصلية وكذلك خطوات أخرى، بالرغم من أنّ إدارة بايدن أبلغت السلطة في أيلول/سبتمبر الماضي بأن إعادة افتتاحها تم تأجيله إلى نوفمبر/تشرين الثاني. لكنّ السلطة بدت غير واثقة من إمكانية تطبيق الخطوة قريباً، لإعتبارات أمريكية-إسرائيلية مشتركة.
 
بدوره، قال الخبير بشؤون السياسة الأمريكية داود كُتّاب لموقع
"زوايا" إن موضوع القنصلية مهم جداً، وهو وعد من وعود بايدن الإنتخابية، موضحاً أن إسرائيل تحاول التدخل وإعاقة الخطوة الأمريكية. بيدَ أنّ كُتاب أشار إلى أن قضية السفارات والقنصليات في العالم هو "ٍسيادي بيد السلطة التنفيذية"؛ ما يعني أن البرلمان (الكونغريس الأمريكي) لا يستطيع التدخل، وإنما إدارة بايدن وحدها المخولة بحسم قرار افتتاح القنصلية بالقدس الشرقية، خاصة وأنها مُصرة على ذلك.

إسرائيل هددت بقطع الكهرباء عن القنصلية
 

وكشف كُتّاب أن إسرائيل تحاول إفشال عملية افتتاح القنصلية بوسائل مختلفة، بينها التهديد بقطع الكهرباء عن مبنى القنصلية، واصفاً ذلك ب"وقاحة إسرائيلية".

وتابع: "لكن، ما دامت الإدارة الأمريكية مُصرة على فتحها، فهو قرار سيادي والأمريكان أحرار أين يضعون القنصلية وماذا يقررون بهذا الشأن. فاللعب الإسرائيلي بالرصيف الأمريكي ليس له أي نتيجة".

اقرأ أيضاً: هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية.. عرضنا شخصيات بمناصب عليا على القضاء
 
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا د.عنان وهبة أن ملف القدس جوهري وهام جدا في كل موضوع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وكذلك التسويات الإقليمية الجارية الآن.

وأضاف: "نحن نسمع كل ما يتعلق بالقدس من إيران وتنظيمات عسكرية وذات توجهات سياسية في المنطقة، وهو ما يدلل على مكانة القدس كما يعلم الجميع".

لذا، شدد عنان وهبة في حديث لموقع "زوايا" أن كل موضوع القنصلية يتركز الآن حول شرعية القدس الشرقية كمنطقة فلسطينية في أيّ تسوية عتيدة لهذا الصراع. وتابع: "طبعاً الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس وضم القنصلية المقامة في القدس الشرقية إلى السفارة وكأنّ الفلسطينيين والإسرائيليين جهة واحدة".
 

افتتاح القنصلية قد يشهد تسويفاً..ولكن سُينفذ بالنهاية
 

وبين عنان وهبة أن حل الدولتين يفتح موضوع القدس من جديد، بينما ترى الحكومة الإسرائيلية الحالية في توقيت فتح القنصلية الأمريكية، كعملية تهدد الإستقرار السياسي للحكومة، وهذا قد يزعزع كل المفاوضات الجارية بين أمريكيا وإسرائيل بشأن الملفات الإقليمية على رأسها "النووي الإيراني"، وفق وهبة.

وأكد وهبة أن القنصلية هي ملف محوري هام جدا، مشيراً إلى أنه قد تكون ضغوطات إسرائيلية لتسويف الأمر قليلاً، لكن يبدو أن ادارة بايدن ماضية، لا محال، نحو الإعتراف بالجانب الفلسطيني؛ لتعزيز فكرة حل الدولتين من جديد. وبهذا المعنى، فإن خطوة فتح القنصلية ستتم، بالمحصلة، حتى لو تأخرت إلى العام القادم، حسب التقديرات.
 

ولكن..ما هي احتمالات الصدام السياسي بين إسرائيل وأمريكا، إذا نفذ بايدن وعد السفارة؟

يعتقد عنان وهبة أن المصالح الأمريكية- الإسرائيلية تلتقي في الكثير من المواضيع وتحت العديد من العناوين، خاصة الإقليمية وما يتعلق بالتهديد الإيراني؛ باعتبار أن الأخير ملف له علاقة بالأمن القومي العربي ككل.

وأضاف: "هناك التقاء مصالح واسع جدا، ولكن في هذه الحالة، يوجد توتر بالنسبة لملف القدس تحديدا، في ظل المناخ التوافقي في الأمور العديدة. وطبعاً، هذا ليس له علاقة بهوية أي حكومة إسرائيلية؛ ذلك أنها مواضيع جوهرية متفق عليها على مستوى المؤسسات بين تل أبيب وواشنطن".

وأوضح وهبة أن الحكومة الإسرائيلية تفضل في هذه الأثناء تأجيل إعادة افتتاح القنصلية الأمريكية، من أجل حسم الكثير من الأمور على المستوى الإقليمي..ثم لاحقاً، يتم فتح موضوع القدس والقنصلية؛ نظراً لحساسيته الكبيرة جداً. وقال وهبة إنه في حال لم يكن استقرار سياسي في الداخل الإسرائيلي وحكومة نفتالي بينت (وهي مزعزعة منذ يومها الأول)، فإنّ افتتاح القنصلية، قد يُحبط كل خطوة إقليمية تريد أمريكا أن تنفذها، على ما يبدو، في الأفق القريب.
 
 فتح مبنى القنصلية القديم..إذا لم تحصل على "الترخيص" الإسرائيلي للمبنى الجديد؟

من ناحيته، كشف مصدر فلسطيني، يعمل في مركز أبحاث سياسية في واشنطن، لموقع "زوايا"، عن تلقيه معلومة من جهة أمريكية مطلعة، ومفادها أنه يجري الآن نقاش فكرة معينة في أروقة البيت الأبيض في حال لم تحصل الإدارة الأمريكية على ترخيص إسرائيلي لفتح القنصلية في المبنى الجديد الذي تم تحديده، وتقضي هذه الفكرة بأنه- تجنبا لأي صدام علني مع إسرائيل- ستلجأ واشنطن إلى إعادة فتح المبنى القديم للقنصلية، والذي كان الرئيس السابق دونالد ترامب قد أغلقه حينما نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.

اقرأ أيضاً: تجاوزات صندوق "وقفة عز".. شفافية غائبة وأدوات رقابية ضعيفة

ووفق المصدر، فإن مبنى القنصلية القديم بقي أرضا أمريكية. وفي حال صحة السيناريو وتطبيقه، فإن أمريكيا تكون قد أوفت بوعدها بفتح القنصلية دون الحاجة للترخيص الإسرائيلي، وهو شرط لازم بالعُرف الدبلوماسي لو تعلق بالمبنى الجديد. وتعتقد الأوساط الامريكية، أنها بهذا الخيار، تكون قد تلافت الصدام السياسي مع الحكومة الإسرائيلية أو التسبب بانهيارها وعودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم، نتيجة المزايدات الداخلية؛ لأنها تكون بذلك قد أراحتها من وزر منح الترخيص.
 

رُبما تُفتح القنصلية رمزياً في القريب..وممارسة مهامها لاحقاً

 ونوه المصدر، أن اعتماد السفير الأمريكي الجديد لدى إسرائيل سيُسرع إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية.. موضحا أن المصادقة عليه من قبل الكونغرس وممارسة مهامه كسفير لدى إسرائيل مسألة أسابيع قليلة.

وفور تولي السفير الأمريكي الجديد مهمته، فإنه سيضع الموازنة اللازمة لفتح القنصلية بما يشمل عدد الموظفين. وتوقع المصدر أن واشنطن، ربما تفتح القنصلية رمزيا في القريب، لكنها لن تكون قادرة على ممارسة مهامها فعليا قبل العام الجديد؛ لأنّ الأمر سيأخذ بعض الوقت والإجراءات اللازمة.

ووفق المعطيات، فإن الحكومة الإسرائيلية تحاول مقايضة إدارة بايدن، بين تأجيل إخراج أهالي حي الشيخ جراح المقدسي، وبين إرجاء فتح القنصلية؛ بحجة أنه لخفض مستوى التوتر، مطلوب من واشنطن كما هو من إسرائيل، الإمتناع عن أي خطوة تتعلق بالقدس، كونها ملف حساس بالنسبة للجميع.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo