تحليل باحث في الشأن الإسرائيلي: فلسطين والصين عقبتان أمام العلاقات الإسرائيلية –الامريكية

لقاء أمريكا -إسرائيل
لقاء أمريكا -إسرائيل

رغم محاولات رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بنيت، التقارب مع الولايات المتحدة ومعالجة ما تركه رئيس الحكومة الأسبق بنيامين نتنياهو من إرث أضر بالعلاقات، الاسرائيلية - الأمريكية، عندما هاجم الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما، وهاجم الحزب الديمقراطي في عهد دونالد ترامب، ورغم اللقاء الذي جمع بينيت بالرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض مؤخراً، إلا أن هناك العديد من القضايا العالقة بين الجانبين أبرزها، القضية الفلسطينية، وعلاقة اسرائيل مع الصين.

ووفق الباحث في وحدة الدراسات الإسرائيلية في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية شادي محسن ، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وافقت على تأجيل فتح قنصليتها في القدس الشرقية حتى إقرار الموازنة العامة في نوفمبر القادم منعًا من سقوط الحكومة الهشة التي تجمعها تناقضات أيديولوجية "أشبه بالحادة".

في المقابل، يرى الحزب الديمقراطي في أجندته الاستراتيجية التي تنعكس على موقف الإدارة الحالية أهمية بقاء السلطة الفلسطينية كونها الشريك الفلسطيني على طاولة المفاوضات أمام "إسرائيل" من أجل الوصول إلى تسوية نهائية على أساس مبدأ حل الدولتين، لكن تحاول "إسرائيل" تقديم متغير إضافي في روايتها بشأن القضية الفلسطينية وهي خطط السلطة الفلسطينية للانتشار في غور الأردن المدعومة ماليًا من الاتحاد الأوروبي، إذ صرّح رئيس المستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة بأن على "بينيت" أن يصطحب معه خريطة تبين تغول رام الله في المنطقة (ج) بالضفة (حسب الرواية الإسرائيلية)؛ تمهيدًا لتبرير أحقية "إسرائيل" ضم الغور لسيادتها.

من جهة أخرى، ترفض الولايات المتحدة سياسة الاستيطان في الضفة لأنها تهدر فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وذات جغرافيا طبيعية، وذات سيادة مستقلة ومستقرة، وهو ما تبين في استدراك تل أبيب مؤخرًا لعدد المستوطنات الذي تم إقراره وإنقاص العدد من 3000 إلى 2500 وحدة استيطانية.

من الصعوبة أن تقبل الحكومة الجديدة وقف الاستيطان لعدة عوامل أهمها هو: الحفاظ على تماسك المجتمع الديني والقومي المتطرف وكسب ثقته السياسية، وتقويض ظاهرة نزوح الحريديم إلى المجتمعات الإسرائيلية العلمانية، ومن ثم تزايد التوتر بين الدينيين والعلمانيين داخل المدن الإسرائيلية.

لذا من المقدر ألا تتوقف الحكومة عن البناء، كما تحرص واشنطن على فرض الاستقرار الأمني والتنموي في قطاع غزة، وهو ما يعني ضرورة التنسيق الكامل مع مصر لدعم جهودها في إعادة الإعمار؛ لذا من المقدر أن تقبل "إسرائيل" فك الارتباط بين ملفي تبادل الأسرى وإعادة الإعمار، يزيد على ذلك التقديرات "الإسرائيلية" التي تشير إلى احتمالية تجدد التصعيد الأمني مع حماس.

اقرأ أيضاً: مهندس "صفقة القرن" جيسون غرينبلات يكشف حقيقة توسيع غزة في سيناء

وخلص الباحث إلى أنه على "إسرائيل" تقديم تنازلات حرجة في القضية الفلسطينية (تشمل الضفة والقطاع) من بينها تعزيز سلطة رام الله، بما يضمن تقريب وجهات النظر بين إسرائيل والأردن -التي تعود لأن تصبح فاعلًا إقليميًا مهمًا بالنسبة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط- فيما يتعلق بغور الأردن، وبين إسرائيل ومصر فيما يتعلق بقطاع غزة.

وأضاف الباحث أن من أبرز الملفات العالقة هو طبيعة العلاقة المتنامية بين إسرائيل والصين، في الوقت الذي تسخر فيه الإدارة الأمريكية جهودها لمواجهة الانتشار الصيني.

ووفق الباحث فإن أصبحت المنافسة بين القوى العظمى والدور المتنامي لروسيا والصين في الشرق الأوسط على جدول الأعمال الأمريكي الإسرائيلي متزايدة، فقد صرّحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأن "واشنطن تعلم أن شركاءها وحلفاءها في الشرق الأوسط يقيمون علاقات تجارية مع الصين، وهذا قد يكون جيدًا، لكننا أوضحنا لهم أن هناك نوعًا معينًا من التعاون لا يمكننا التعايش معه".

وأوضح الباحث محسن، أن الولايات المتحدة ترغب في أن تضمن انضمام حليفتها الاستراتيجية في الشرق الأوسط (إسرائيل) لمعسكر الدول الديمقراطية في العالم المناهض لمعسكر الصين من أجل بناء نظام عالمي ليبرالي يتوافق مع السياسة الأمريكية. من جهتها، تواجه "إسرائيل" معضلة في هذا الملف تتبين تعقيداتها في التالي:

(1) هناك زخم إيجابي في العلاقات الإسرائيلية-الصينية في السنوات الأخيرة. تهتم الصين بشكل متزايد بالتكنولوجيا الإسرائيلية، وتشارك الشركات الصينية في مشاريع البنية التحتية الإسرائيلية (رغم الإشارة الإعلامية الإسرائيلية إلى الهجمات السيبرانية الصينية على البنية التحتية الإسرائيلية). علاوة على ذلك، تتفاوض إسرائيل والصين على اتفاقية للتجارة الحرة يمكن توقيعها في وقت متأخر من هذا العام.

(2) تزايد ظاهرة انعدام اليقين في آسيا، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، وصعود طالبان سيدفع "إسرائيل" إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية والأمنية مع الدول الآسيوية الرئيسية على رأسها الصين والهند.

(3) صرحت الصين بأنها لن تتنازل عن هجوم إسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية في حال تناسب ذلك مع مصالحها الخاصة المباشرة. وهو ما يعني أن الصين تخطط لانخراط عميق في الشرق الأوسط وبحث فرص إعادة إعمار دول الصراعات مما يستلزم الحاجة الإسرائيلية إلى عدم تفكيك العلاقة مع الصين، (على الأقل) من أجل تنسيق الرواية الإسرائيلية بشأن القضية الفلسطينية مع الصين، وترتيب المصالح الإسرائيلية في الإقليم بالتحديد في سوريا ولبنان.

(4) ترفض الولايات المتحدة تداخل العلاقة بين "إسرائيل" والصين في مشروعات حساسة مثل مشروعات التكنولوجيا ذات الاستخدام المشترك (المدني والعسكري) مثل الأمن السيبراني على سبيل المثال. كانت الهجمات السيبرانية الصينية اختبارًا صينيًا لإسرائيل على مدى فعالية أمنها، وأنها تستطيع الوصول إلى البنية التحتية الإسرائيلية حتى وإن امتلكتها شركات أمريكية، وهو ما لا ترغب فيه "إسرائيل" أن تكون ساحة هجمات سيبرانية صينية أمريكية. في الوقت ذاته، ترغب إسرائيل في إقامة منظومة سيبرانية قوية تقف أمام احتمالات الحرب السيبرانية الإيرانية عليها مستقبلًا. 

(5) ترفض الولايات المتحدة امتلاك الصين لموانئ إسرائيلية في شرق المتوسط حتى لا تدخل ضمن مشروع "الحزام والطريق" وحتى لا تكون الموانئ نقطة مراقبة لتحركات البحرية الأمريكية في البحر المتوسط، وهو ما يتعارض مع رغبة إسرائيل في أن تصبح نقطة اتصال إقليمية رئيسية بين القارات الثلاثة آسيا وإفريقيا وأوروبا.

(6) تخطط "إسرائيل" وقبرص واليونان لإقامة خط كابلات كهربائي بحري لتحويل الطاقة إلى شبكة الكهرباء الأوروبية The EuroAsia Interconnector، ويقول الاتحاد الأوروبي إنه سيمول المشروع جزئيًا وقد ترتفع النسبة إلى 50%. عرضت الشركات الصينية بناء الكابلات واتفقت الحكومة الإسرائيلية السابقة مع الشركات الصينية على بناء الكابلات وخطوط الكهرباء، كما ضغطت الصين على اليونان لتنفيذ مشروع الربط من خلالها مما استدعى رفض بروكسل القاطع. يمكن أن تنجح إسرائيل في هذا الاختبار بشرط نجاح إقامة الصندوق الإبراهيمي المقام بين الإمارات وإسرائيل بقيمة 10 مليارات دولار والذي يهدف إلى تعزيز فرص إقامة مشاريع بنية تحتية استراتيجية لنقل الكهرباء إقليميًا، كما ستبحث إسرائيل تمويل لإقامة مصانع تحويل الوقود الأحفوري إلى طاقة كهربائية.

وخلص الباحث، إلى أن زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية نفتالي بينيت للبيت الأبيض، هي مبادرة إسرائيلية للترويج لرؤيتها فيما يتعلق بطبيعة تفاعلات الإقليم ككل، وفيما يتعلق كذلك بطريقة معالجة القضية الفلسطينية، مع الأخذ في الاعتبار الرفض لإقامة دولة فلسطينية. كما تواجه "إسرائيل" اختبارًا صعبًا في الملفين المذكورين من أجل الحفاظ على استراتيجية العلاقة مع الولايات المتحدة، وعلى ترميم فعلي للعلاقات التي توترت سابقًا.

المصدر : متابعة زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo