حوار رئيس سلطة المياه السابق د. شداد العتيلي: ملف المياه لم يقدم لمحكمة الجنايات الدولية لمقاضاة الاحتلال

شداد العتيلي.jpg
شداد العتيلي.jpg
  • إسرائيل تعاملت بذكاء معنا في قضية المياه باتفاق أوسلو
  • اتفاق أوسلو لم يأت على ذكر حقوق المياه في قطاع غزة.
  • إسرائيل تسرق مياه الفلسطينيين وتبيعها لهم بأسعار عالية جداً.
  • محرومون من الوصول للمياه النظيفة في الضفة والقطاع.

يستمر الاحتلال “الاسرائيلي” في محاولاته للسيطرة على حياة الفلسطينيين من خلال السيطرة على مصادرهم الطبيعية، خاصة المياه، التي تعتبر إحدى الملفات الشائكة التي تم تأجيلها إلى مفاوضات الوضع النهائي بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

ولا يمل الفلسطينيون من مقاومة سيطرة الاحتلال حقوقهم المائية، من خلال حفر آبار ارتوازية في المناطق الزراعية في الضفة الغربية، لكن الاحتلال سرعان ما يكتشفها ويقوم بإغلاقها ومصادرة مولدات الكهرباء ومضخات المياه، وأحيانا يقوم بهدم آبار تجميع المياه لعقاب الفلسطينيين ومنعهم من استصلاح أراضيهم.

تخصيص عادل وعاقل

وفي حوار أجراه موقع زوايا” مع رئيس سلطة المياه السابق د. شداد العتيلي، حول سبل مقاومة إجراءات الاحتلال وسيطرته على مصادر المياه الفلسطينية، أوضح أن الموقف الفلسطيني مبني على القانون الدولي، الذي يدعو للتخصيص العادل والعاقل للمياه ويدعو للإدارة المشتركة للأحواض المشتركة وليس كما صممته أوسلو بأن إدارة المياه للأحواض التي داخل حدود الضفة الغربية مثل الحوض الغربي أو الشمالي الشرقي لا تسمح “إسرائيل” للفلسطينيين بالتدخل فيه، ولا نعرف ماذا تفعل به والقانون الدولي؟.

وقال العتيلي :” في العام 2010م قالت الأمم المتحدة في قرار إن الوصول للمياه والمياه النظيفة هو حق إنساني، ونحن محرومون من الوصول إلى هذا الحق في الضفة، ومن الوصول للمياه النظيفة في غزة.

وأكد أن احد التقارير التي صدرت عن مجلس الشيوخ الفرنسي، وصف أن الممارسة الإسرائيلية سياسة تمييز عنصري فيما يتعلق بمياه الفلسطينيين.

إدارة مشتركة

ودعا العتيلي إلى الإدارة المشتركة للمياه والتخصيص العادل والعاقل وعلى رأسها حوض نهر الأردن.

وقال: نتيجة الممارسة وغياب إدارة سليمة للحوض وعدم وجود جسم يديره كونها مشترك بين 5 أطراف (فلسطين، إسرائيل، الأردن، سوريا، لبنان) أدى لجفاف البحر الميت وانحساره، رغم أننا حوالنا في مشروع قناة البحرين إنشاء إدارة لإعادة البحر الميت إلى ما كان عليه في سنوات الستينات من القرن الماضي، لكن هذا المشروع لم يبق مؤخراً على أجندة الأردن نتيجة للمماطلات “الإسرائيلية” وبالتالي أصبحت “إسرائيل” تنتج مياه محلاة وتبحث عن زبائن فلسطينيين وأردنيين لشراء مياهها.

وأكد العتيلي على ضرورة إنهاء الاحتلال واستعادة الحقوق المائية، إذ تقوم السلطة للتغلب على النقص في المياه من خلال العمل على انشاء مشروع مياه تحلية كبير في قطاع غزة ينتج في المرحلة 55 مليون متر مكعب، وفي المرحلة الثانية 100 متر مكعب بتكلفة 650 مليون دولار، لكنه لن يرى النور قبل 5 سنوات، بسبب الأوضاع في غزة.

“تدويل المياه”

وأوضح أن “ما نستطيع عمله هو تدويل (وضعها على أجندة الأمم المتحدة والعالم) قضية المياه، لأن الاحتلال مستمر في قضم الأرض والسيطرة على المياه، إذ أن الحصة الفلسطينية هي نفسها للفرد منذ الستينيات حتى اليوم، حتى في المناطق المهمشة مثل مسافر يطا وبني نعيم تتراوح حصة الفرد ما بين 20-40 لتر للفرد يوميا.

وشدد على ضرورة تركيز النضال من أجل إنهاء الاحتلال وسيطرته على الأراضي وعلى مصادر المياه، لأن المياه ليست قضية حقوق فقط وإنما قضية حق إنساني، ويجب أن نبقى الحديث حول حقوقنا المائية، لأن الدولة الفلسطينية لن تكون قادرة على الحياة دون السيطرة على مصادر الطبيعية ومنها المياه.

ملف الجنائية الدولية

وبيّن العتيلي أنه لم يتم وضع ملف المياه لدى المحكمة الجنائية الدولية، ولم يتم إعداد ملف لوضعه لدى المحكمة، لكن هناك شهادات من قبل منسق حقوق الانسان، ويتم الالتقاء بالجانب الفلسطيني كل فترة بهذا الخصوص، وكان آخرها عندما التقوا بي شخصيا وقدمت لهم تقريرا كاملاً عن الإجراءات الإسرائيلية. مشيرا إلى أنه تم وضع ملف المستوطنات لدى المحكمة الدولية، وبما يشمل تأثيرها على المياه الفلسطينية.

وأكد العتيلي على وجوب توعية العالم بالمأساة التي يمر بها شعبنا فيما يخص المياه، خاصة في قطاع غزة.

سيطرة منذ نشأة دولة الاحتلال

وأوضح وزير سلطة المياه السابق، أن “إسرائيل متحكمة في جميع مصادر المياه منذ إنشائها، بسيطرتها على نهر الأردن العلوي ومصادره وهي نهر الدان ونهر الحاصباني، واستمر ذلك حتى عام 1964 بعد فشل مفاوضات جنسون على تخصيص مياه نهر الأردن وإدارته ، فالمناوشات التي بدأت بتحويل مجرى نهر الأردن والذي على اثره انطلقت حركة فتح بإعلان اول عملياتها بتفجير نفق حيلبون الذي يحتوي على مضخات المياه، وأيضا سوريا والأردن كانتا تخططان لتحويل مجرى نهري الحاصباني وبانياس ، مما أدى لتفاقم المناوشات، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة للتدخل ووضع ما تسمى “مناطق حرام”، واحتلت إسرائيل الضفة وغزة والقدس وسينا والجولان الذي ينبع منه نهر بانياس، أي أكملت “إسرائيل” سيطرتها على كامل حوض نهر الأردن عام 1967 وكانت قبل ذلك جففت بحيرة الحولة، وأقامت سدا على البحيرة وبدأت بتحويل نهر الأردن من اجل تغذية المناطق الجنوبية خاصة النقب”.

وأضاف: بدأت المأساة بالسيطرة على المياه بإصدار الأوامر العسكرية التي منعت الجانب الفلسطيني من تطوير أي مصادر للمياه او الآبار، ودمرت المضخات الفلسطينية على نهر الأردن السفلي، وبالتالي اصبح الفلسطيني اذا أراد حفر بئر او تطويره يجب ان يحصل على ترخيص من قبل ضابط الجيش في الإدارة المدنية، حيث أنهم أسسوا الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال في عام 1980 وأصبحت كل الأوامر العسكرية تدار من قبل ضابط المياه في الإدارة المدنية.

إرجاء ملف المياه

وقال العتيلي: للأسف في عام 1993م أصبح لدينا حالة جديدة وهي قيام المستوطنات، وعندما بدأت عملية السلام أرجئ ملف المياه مثله مثل باقي الملفات الى مفاوضات الوضع النهائي.

وأوضح أنه عندما أرجئ ملف المياه، مُنح الجانب الفلسطيني 118 مليون متر مكعب من المياه في الاحواض الجوفية الفلسطينية، ولم يتم ذكر ذلك في البند 40 المتعلق بالمياه والمجاري من اتفاقية أوسلو الذي اعترفت من خلاله “إسرائيل” بالحقوق المائية للشعب الفلسطيني، حيث منح الاحتلال الجانب الفلسطيني المياه من الحوض الجبلي الذي قسموه إلى 3 أحواض (شرقي وشمالي شرقي، وغربي) وخصصوا لنا من الحوض الشمالي الشرقي 42 مليون متر مكعب، ولهم 103 مليون متر مكعب، والغربي لنا 22 مليون متر كعب، ولهم 340 مليون متر مكعب والحوض الشرقي لنا 54 مليون متر مكعب، ولهم 45 مليون متر مكعب، ووعدونا بتطوير 70 مليون ولكن لم يحدث ذلك.

وأشار إلى أنه لم يتم ذكر قطاع غزة في اتفاقية أوسلو إلا بتزوديها ب 5 مليون متر مكعب من الجانب الإسرائيلي، حيث كان من المفترض أن تكون مدة الاتفاقية 5 سنوات، لكن للأسف مستمرة منذ 27 عاما، ووصل حالنا إلى أننا نشتري 84.5 مليون متر مكعب من المياه.

80 لتر للفرد الفلسطيني

وقال: نشتري هذه المياه بأسعار عالية ، واستمرت السيطرة الإسرائيلية على المياه وبقي معدل الفلسطيني لا يتجاوز 80 لتر في اليوم، حتى مصادر المياه التي طورناها لم تساعد في تحسين حصة الفرد بسبب النمو السكاني، أي أن الإسرائيليين تعاملوا معنا بذكاء وأبقونا على حصة ثابتة وهي 80 لتر يوميا في حين فقدنا الحوض الجوفي في غزة والذي يبلغ50 مليون متر مكعب ، لأنه تم استنزافه بمعدل 190 مليون متر مكعب يعني أن 140 مليون متر مكعب يتم سحبها بطريقة جائرة مما أدى الى تداخل مياه البحر فيه، فأصبحت المياه الجوفية في قطاع غزة مالحة، ولا يوجد كهرباء لتشغيل محطات معالجة مياه المجاري، بالتالي تم تصريفها للمياه الجوفية، وأصبح لدينا حوض مالح وملوث.

كارثة مائية في الضفة وغزة

في عام 2012 قالت الأمم المتحدة أنه في عام 2016 لن يتوفر قطرة مياه صالحة للشرب في غزة ، وفي عام 2020 لن يتم اصلاح الحوض، أي أننا في كارثة مائية في قطاع غزة وفي كارثة مائية في الاحواض الجوفية في الضفة، كون أن الاتفاقية مع الإسرائيليين لم تتح للفلسطينيين تطوير مصادر المياه لديها وابقت كل شيء مرهون بموافقات اللجنة المشتركة التي تم تأسيسها وفق اتفاقية أوسلو، حيث عندما كنت وزيرا للمياه في عام 2010 انسحبت من هذه اللجنة، لكن للأسف تم إعادة تفعيلها في عام 2017، ولم يكن هناك تحسينات تذكر وأصبح الجانب الإسرائيلي يقوم بتطوير مشاريع في المناطق المصنفة “ج” دون حتى الرجوع للجنة المشتركة، حيث كان انسحابنا على أساس انه لا يتم احترام القرار الفلسطيني عدا ان يتم توسعة المستوطنات دون الرجوع للفلسطينيين حتى يتم معرفة ما هو التطوير الذي جرى داخل المستوطنات، وفق العتيلي.

المصدر : خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo