الصراع على الجبل.. ماذا يعني استيلاء المستوطنين على قمة "جبل صبيح" بنابلس؟

جبل صبيح
جبل صبيح

لسنوات طويلة، ظل المستوطنون يحاولون الاستيلاء على قمة جبل صبيح التابع لأراضي بلدة بيتا جنوب نابلس، إلا أن محاولتهم كانت تصطدم دوماً بمقاومة باسلة من قبل أهالي البلدة، وطردهم للمستوطنين قبل إنشاء أي بؤرة استيطانية جديدة.

ما يجري هذه المرة، وعقب الفشل الأمني الإسرائيلي الكبير الذي كشفته عملية حاجز زعترة بداية شهر أيار الماضي، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي، باتت ترعى وبشكل علني الاستيطان على قمة جبل صبيح، المحاذي لحاجز زعترة العسكري جنوب نابلس حيث وقعت العملية، التي أسفرت عن مقتل مستوطن وجرح اثنين آخرين.

اعتداءات الاحتلال في جبل صبيح

وينظر الاحتلال للاستيلاء على قمة جبل صبيح جنوب نابلس بالهدف الاستراتيجي، لما لذلك من أهمية في تهويد المنطقة، وإحكام السيطرة الأمنية عليها، والمزيد من فصل شمال الضفة عن وسطها.

اقرأ أيضاً: فلسطينيون يسكنون الكهوف لحماية أراضيهم من إرهاب المستوطنين “صور”

يجلس فؤاد معالي رئيس بلدية بيتا السابق على منطقة مرتفعة قبالة الجبل، ينفث دخان سيجاره ويراقب المشهد الجديد من بعيد، فيما يواصل عشرات الشبان التظاهر رفضاً للتوسع الاستيطاني فوق أراضيهم.

وقال معالي في حوار مع موقع "زوايا"، إن معسكرا للجيش أقيم في البداية على قمة جبل صبيح، ولكن عقب إزالته، دأب المستوطنون في محاولة السيطرة عليه أكثر من مرة.

وأضاف معالي، أنه في كل مرة يحضر المستوطنون لإقامة بؤرة استيطانية، يفزع شبان البلدة ويقوموا بطردهم وهدم خيامهم.

تواجد الفلسطينيين في جبل صبيح

وبحسرة يقول معالي، إن العمل هذه المرة يبدو جدياً أكثر، حيث يوفر جيش الاحتلال الحماية للمستوطنين، وعلى الأرض يجري العمل بشكل متسارع، حيث تم في بداية شهر آيار الماضي وضع بضعة بيوت متنقلة من الصفيح، أما الآن فهناك تعبيد للطرق وعمل دوار وإقامة عدد كبير من المنازل.

"العمل يجري بشكل متسارع، وطوال 24 ساعة تعمل الجرافات، وأمام ناظري الآن حوالي 40 منزلاً، مقامة على مساحة ما لا يقل عن 20 دونماً، وهناك مجال للتوسع على قمة الجبل"، بحسب معالي.

مواجهات مع الاحتلال في جبل صبيح

مواجهات ملحمية

وبشكل أسبوعي، ينظم أهالي بلدة بيتا والقرى المجاورة مسيرات منددة بالاستيطان على قمة جبل صبيح، إلا أن جيش الاحتلال يمنعهم من التقدم تجاه الجبل، ويتم قمعهم بأشد أدوات القمع وأخطرها.

وقال معالي: "في كل أسبوع لدينا شهيد، حيث ارتقى شهيدان مؤخرا، وفي آخر جمعة سجلت إصابة خطرة بالرقبة، وهناك أكثر من 100 إصابة بالرصاص الحي لشبان بلدة بيتا، غالبيتها في الأرجل، وهناك إصابات في الأجزاء العلوية من الجسد بعضها خطيرة، عدا عن الإصابات بحالات الاختناق من الغاز المسيل للدموع".

يصف معالي المشهد قائلاً: "ما يجري هو ملحمة، حيث يستخدم الاحتلال أساليب قمع وحشية ضد الشبان، فيما يتقدم الشبان ببسالة للدفاع عن أراضيهم".

اقرأ أيضاً : الرحلة إلى المجهول..فتحات الجدار مصائد العمال الفلسطينيين

قتل المنطقة وفصل البلدات الفلسطينية

وحول خطورة استيلاء المستوطنين على قمة جبل صبيح، أوضح معالي أن كل المنطقة الجنوبية لبلدة بيتا باتت ميتة، ويصعب الوصول إليها والعمل فيها.

وأضاف، أن هذه البؤرة سوف تشكل خطورة كبيرة على المنطقة لأنها تأتي على قمة، وفي الأسفل هناك مصانع للحجر والطوب والمناجر وعدد من الحرف الصناعية يعمل بها عدد كبير من العمال، وتعتبر مصدر رزقهم، إلا أن وجودهم بات موضع تهديد وخطر.

وأكد أنه في عدة مرات نزل المستوطنون إلى العمال وقاموا بالاعتداء عليهم ومحاولة طردهم، وبالتالي تم قتل المنطقة الصناعية، وهذه الخطورة الأولى.

مواجهات في جبل صبيح

أما الخطورة الثانية، وفق معالي، فهي قتل المنطقة الزراعية في المنطقة والتي تزيد عن الألف دونم، وهي مزروعة بأشجار الزيتون واللوز والتين، ولا يستطيع المزارعون الذهاب إليها لأن حياتهم معرضة للخطر، عدا أن المستوطنين يقوموا باستمرار بحرق الأراضي الزراعية.

وفي أحد المرات ذهب الشبان لتفقد أراضيهم عقب حرقها من المستوطنين، إلا أن الجيش قام بصدهم ومنعهم من الذهاب، وبالتالي تم توقف الزراعة في آلاف الدونمات، وفق معالي.

والخطورة الثالثة، أن المخطط الاستيطاني يهدف إلى ربط مستوطنة تفوح مع هذه المستوطنة الجديدة، بحيث يتم قطع شمال الضفة الغربية عن وسطها، بمساعدة حاجز زعترة العسكري، حيث أنه في أي وقت يتم إغلاق الحاجز يعني عزل الشمال عن الوسط.

بدوره، أكد مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، أن خطورة الاستيلاء على جبل صبيح أنه يقع بالقرب من حاجز زعترة العسكري، ما يعني زيادة التعزيز الأمني في هذه المنطقة.

تمهيد لإرهاب المستوطنين

تمهيد لإرهاب المستوطنين

وأضاف دغلس في حوار مع موقع "زوايا"، أن الاستيطان في هذا الجبل سوف يفصل بين قرى وبلدات بيتا ويتما وقبلان جنوب نابلس، وإذا ما تم السطيرة عليه سوف يقطع التواصل الجغرافي بين هذه البلدات.

وشدد دغلس، على أن أي بؤرة استيطانية يتم وضعها في هذه المنطقة سوف تتسبب بكارثة كبيرة للسكان الفلسطينيين، من اعتداءات يومية متكررة من قبل المستوطنين، سيما وأن مستوطنين جنوب نابلس هم الأكثر إرهاباً وخطورة.

وأوضح دغلس، أن هناك إرهابا منظما من قبل المستوطنين في جنوب نابلس، لأن مستوطنة "يستهار" تقع في جنوب نابلس، وقيادة مجموعات تدفيع الثمن تقبع في هذه المستوطنة، وأيضاً قيادة "شبان التلال" الإرهابية تقبع في أراضي "ييش غودش" المقامة على أراضي بلدة قصرى جنوب نابلس.

وعليه، فإن قيادة الإرهاب لهذه المجموعات الاستيطانية تتواجد في جنوب نابلس، ويتم من خلالها إصدار الأوامر بالقتل والاعتداء، ويتم تدريب المستوطنين على السلاح والإرهاب لديهم، ويجري تطبيق ذلك بشكل عملي على الأرض على المواطنين الفلسطينيين في هذه المناطق، كما أكد غسان دغلس.

تجدر الإشار إلى أن نحو 650 ألف مستوطن إسرائيلي، يعيشون في مستوطنات الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، ويسكنون في 164 مستوطنة، و124 بؤرة استيطانية، بما يخالف القانون والقرارات الدولية بتجريم الاستيطان في الضفة المحتلة.

المصدر : زوايا - خاص
atyaf logo