حرب التشهير والإشاعات الممولة.. هل تؤثر على الناخب الفلسطيني؟

الانتخابات الفلسطينية
الانتخابات الفلسطينية

عقب إعلان قوائم الانتخابات التشريعية، لوحظ بدء تسريبات وفضائح واقتطاع تصريحات سابقة لمسؤولين ونشرها بشكل موسع على "فيسبوك"، بأسماء صفحات لا تظهر حقيقة الجهة التي تقف وراءها.

ويرى كثيرون أن هذه المعركة الخفية تستهدف التأثير على الناخب الفلسطيني، الذي يتأهب للمشاركة في الانتخابات لأول مرة منذ خمسة عشر عاماً.

وشهدت الآونة الأخير انتشار فيديوهات وتسريبات وفضائح وأحاديث داخل اجتماعات مغلقة، جرى تسريبها على مواقع التواصل الاجتماعي وتمويلها في محاولة للفت انتباه الناخب إليها.

إلا أن متابعين ومحللين، يجزمون أن هذه "الدعاية الصفراء المتوقعة، لن تؤثر في مجريات الأحداث وآراء الناخبين كثيرا".

وانتشر الأسبوع الماضي تسريب صوتي منسوب للرئيس محمود عباس، خلال اجتماع للجنة المركزية لحركة فتح، يشتم فيه مجموعة من الدول، وهو أمر أشارت إلى نفيه الرئاسة الفلسطينية في بيانها حول الأحداث الأخيرة في القدس، ونفته قيادات بحركة فتح.

تسريبات ومقاطع قديمة

كما اعتبر محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، ما نسب لعباس من تسريب صوتي "حلقة جديدة من سلسلة التلفيقات والأكاذيب التي تستهدف الشعب الفلسطيني وقيادته، تحاول خلط الأوراق والتشويش على الحركة الفلسطينية الناجحة في الساحة الدولية".

وأكد أن هذه التسريبات "لن تفلح في التأثير على خطواتنا وكفاحنا الوطني ضد الاحتلال، كما لن تفلح في التشويش على علاقاتنا مع أشقائنا وأصدقائنا الذين نعتز بهم وبمواقفهم الداعمة لنا ولقضيتنا الوطنية وحقوقنا المشروعة في التحرر والاستقلال وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس".

كما لوحظ انتشار تصريحات سابقة لرئيس قائمة "المستقبل" سمير المشهراوي التي تمثل ما يسمى بـ"التيار الإصلاحي الديمقراطي لحركة فتح"، وقال فيه: "طلبنا من الرئيس محمود عباس عقب الانقلاب عام 2007، بقطع العلاقة مع قطاع غزة نهائياً، لكن "أبو مازن" رفض ذلك".

كذلك تم نشر تصريحات سابقة (تعود لعام 2017) للقيادي في حماس خليل الحية، رئيس قائمة القدس موعدنا التي تمثل حركة حماس، والتي قال فيها: "إن مال حماس كحركة يأتي لحماس (...) لماذا ذهبنا لجماعة دحلان إذا بتقدروا تجيبوا من هان أو هان لأجل شعبنا الفلسطيني، لو لدينا مال هل بنروح نشحد من جماعة دحلان يجبوا لنا مال من جهتهم".

 

وتوقع اختصاصيون في الإعلام خلال أحاديث منفصلة لـ موقع "زوايا"، أن هذا النوع من الحملات سيشتعل أكثر فأكثر كلما اقتربنا من موعد الانتخابات الرسمية.

وأشاروا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي ستكون ساحة هذه الحملات، خاصة موقع "فيسبوك"، الذي يغلب على الفلسطينيين التواجد على منصته.

"جرائم إلكترونية"

من جانبه، وصف ماجد العاروري الخبير في الإعلام وحقوق الإنسان، ما يتم بثه من تسريبات وفضائح بـ"الجرائم الكترونية".

وبرر وصفه بأن هذه التسريبات "لا تستند لمعلومات حقيقية، وهدفها واضح وضوح الشمس وهو الإساءة للمرشحين، دون مراعاة معايير النشر في المعلومات".

وأوضح في حديث لـ موقع "زوايا"، أن ما يجري من بث معلومات على شبكات التواصل غير حقيقية وخارج إطار القانون، تندرج في إطار الجرائم الانتخابية التي يعاقب عليها القانون".

وحث العاروري الوحدة الالكترونية في النيابة العامة والشرطة بالضفة الغربية وقطاع غزة على ملاحقة الصفحات المشبوهة والكشف عنها.
اقرأ أيضا: الانتخابات الفلسطينية في سياق هش

وتوقع العاروري أن يتم تسريب معلومات كبيرة على مواقع التواصل بهدف التأثير في الانتخابات، لافتاً إلى أنه كلما ارتقى مستوى الحوار في المجتمع وبني على فكرة المعلومات كلما ضعفت الإشاعات.

وشدد على ضرورة أن تقدم القوائم الانتخابية كافة، معلومات مركزة ودقيقة عن أشخاصها، بالإضافة إلى عدم كتمان المعلومات عن الصحافة، لرفع مساحة الحقيقة أمام مساحة الإشاعة.

"إفرازات الانقسام"

في ذات السياق، اعتبر نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان سمير زقوت، أن بدء الحملة الانتخابية قبل موعدها من قبل القوائم على مواقع التواصل الاجتماعي هو أمر متوقع بعد هذه السنوات من الانقسام والصراع الداخلي المقيت.

وأوضح زقوت في حديث لـ "زوايا"، أن التدهور لم يقتصر فقط على الأوضاع اقتصادية والاجتماعية، بل طال القيم والأخلاق، وأن ما يجري من تسريبات وحرب شعواء على الفيسبوك بين القوائم هو من إفرازات الانقسام البغيض، وما صاحبه من تدهور غير مسبوق على المستويات كافة.

ورأى أن عودة النظام السياسي الفلسطيني وتبنيه للديمقراطية، سيقضي على هذه الآفة، ولن تجد الصفحات المشبوهة على مواقع التواصل مكاناً لها، بحسب ما قاله زقوت.

وأضاف: "في ظل هذا الواقع، معظم السلوكيات رخيصة، تهدف للنيل من الخصم السياسي، وتحول الخصم السياسي إلى عدو".

واستبعد زقوت أن يكون لهذه الأساليب غير القانونية والأخلاقية أي تأثير على سلوك الناخبين، لأن المواطن الفلسطيني أصبح قادراً على تمييز الغث من السمين بعد 15 عاماً من المعاناة، غابت فيها الانتخابات.

انتخابات برعاية مواقع التواصل

فيما اعتبر الصحفي فتحي صباح أن الحرب على مواقع التواصل بين القوائم متوقعة.

وأضاف: "هذه أول انتخابات فلسطينية تسجل برعاية فيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي، وتستخدمها بطريقة غير محترمة وغير قانونية".

واستبعد أن يكون لهذا النهج تأثير في الرأي العام، لأن معظم الفلسطينيون مسيسون، أي لهم تأييد أو مناصرة لحزب ما، وبالتالي سيذهب الناخب بناء على هذا التوجه.
اقرأ أيضا: ماذا لو تأجلت الانتخابات التشريعية؟!

واستدرك بالقول: "ربما هذا الأسلوب من الدعاية غير المحترمة يؤثر قليلاً في الكتلة الصامتة".

وتوقع أن تشهد الأيام القادمة مع اقتراب موعد الاقتراع حرباً سيبرانية ضروس جداً، وستستخدم فيها كافة الأسلحة، وفضح ملفات سرية بهدف "القدح والذم في الخصوم".

وتابع بالقول: "القوائم ستجد في وسائل التواصل الاجتماعي الفرصة الأكبر في دعايتها الانتخابية، نظراً لإمكانية وصولها للجمهور المستهدف بسهولة".

وتوقع أن تزداد الحملات الهجومية بين القوائم، من أجل التأثير في رأي الناخب.

لكنه صباح يراهن على أن الناخب الفلسطيني لديه القدرة على التمييز بين الواقع والوعودات، من خلال تجربته السابقة القاسية.

المصدر : خاص زوايا
atyaf logo