تحليل الانتخابات الفلسطينية على شفا التأجيل.. ماذا يجري في الكواليس؟

حنا ناصر
حنا ناصر

تصاعد الحراك والنقاش السياسي والفصائلي في الأيام الأخيرة بشأن قضية شمول الانتخابات التشريعية لمدينة القدس المحتلة، ما ولّد انطباعاً لدى أطياف شعبية وسياسية بأن الانتخابات لن تحصل أمام هذه المعضلة.

وقد تعزز هذا الشعور أكثر حينما نقلت صحيفة "القدس" المحلية عن مصدر أمريكي قوله إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لا تمانع بتأجيل الانتخابات التشريعية إذا اضطر الفلسطينيون إلى ذلك.

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير" الفلسطينية وأمين عام جبهة النضال الشعبي د. أحمد مجدلاني قال في حديث لموقع "زوايا" إن ما ذكره ذلك المصدر لصحيفة "القدس" هو تسريب أمريكي وليس إعلاناً رسمياً للموقف الأمريكي.

موضوع القدس "سياسي" لا "تقني"

لكن مجدلاني أوضح أن الوجهة المؤكدة أن "إسرائيل" لن تقبل بإجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس هذه المرة تصويتاً وترشيحاً ولن تسمح بممارسة الدعاية الانتخابية داخلها، خلافاً لما جرى في انتخابات عام 2006.

وأرجع ذلك لعدة أسباب: الأول، أن "إسرائيل" سمحت بتضمين القدس في انتخابات التشريعي التي جرت قبل خمسة عشر عاماً، لأنه آنذاك لم يكن الاحتلال قد ضم القدس بعد.

أما الآن فقد حصل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على قرار من الرئيس الأمريكي السابق بأن القدس عاصمة موحدة لـ"إسرائيل"، ناهيك عن وجود قانون إسرائيلي يمنع أي نشاط فلسطيني داخل المدينة المقدسة، كما قال مجدلاني.
اقرأ أيضا: وزير العدل محمد الشلالدة لـ “زوايا”: قضية إجراء الانتخابات في القدس ستطرح في مجلس الأمن قريباً

ويُضاف إلى ذلك، عامل ثالث يتمثل بوجود عملية تشكيل للحكومة الإسرائيلية في هذه الأثناء، علاوة على أن تركيبة الكنيست التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة قد عبرت عن انزياح أكبر نحو اليمين والعنصرية والفاشية الجديدة داخل الاحتلال.

وبهذا المعنى، يعتقد مجدلاني أن إمكانية تراجع "إسرائيل" عما أنجزته بشأن القدس غير وارد، موضحاً أن الموضوع "سياسي" يتعلق بخطوة لها مدلول سياسي وإستراتيجي بالنسبة لـ"إسرائيل" من أجل البناء عليها، لا مجرد مسألة "تقنية" تركز على "كيف يُصوت الناخب المقدسي؟!".

وأكد مجدلاني أنه ما دام الموضوع سياسياً، لا يوجد أحد مِن الفلسطينيين يقبل بالمضي قدماً نحو الانتخابات دون مشاركة القدس تصويتاً وترشيحاً، بما يتضمن وجود حملة انتخابية داخلها.

وعَكْسُ ذلك يعني "اعترافاً فلسطينياً بضم القدس وصفقة القرن، التي هندستها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب"، وفقا لمجدلاني.

 الضغط لإجراء الانتخابات في القدس

وفي هذه الأثناء، يجري نقاش "جدّي" بين قوى وأحزاب سياسية فلسطينية حول قضية إجراء الانتخابات في القدس، كما ذكر مجدلاني.

وبين أن أجتماعاً جرى لفصائل منظمة التحرير الأسبوع الماضي بهذا الخصوص، كما سيُعقد اجتماع لتنفيذية المنظمة اليوم الأحد، لمناقشة الأمر،

وعقب هذا اللقاء سيعقد اجتماع آخر للأمناء العامين للفصائل لبحث الانتخابات، إذا ما رفض الاحتلال إجراءها في مدينة القدس.

ورداً على سؤال موقع "زوايا" بشأن ما إذا يتركز النقاش في الأيام القادمة على تأجيل الانتخابات، قال مجدلاني: "إنه من السابق لأوانه بحث التأجيل، بل يتم التركيز في الوقت الراهن على كيفية توفير قوة ضاغطة على "إسرائيل"، لإجراء الانتخابات في القدس".

وشدد مجدلاني على أن الانتخابات هي المدخل الوحيد لإنهاء الانقسام الفلسطيني وتجديد بنية النظام السياسي وإعادة الحياة الديمقراطية، ومنح شرعية للمؤسسات الرسمية.

لكنه استدرك بأن ما سبق غاية مهمة من الانتخابات، ولكن الأهم ألا يكون على حساب القدس كقضية سياسية ووطنية.

ومن جانبه، شدد عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" عبد الإله الأتيرة على أنه "لا انتخابات دون القدس"، معتبراً أن المسألة وطنية بحتة.

ورفض الأتيرة خلال حديثه لـ"زوايا" أي بديل بشأن إجرائها في القدس دون مشاركتها فعلياً تصويتاً وترشحياً، وأيضاً وجود دعاية انتخابية في أحيائها.

شكوك بالتأجيل خشيةً من الانتخابات؟

بيدَ أنّ عضو "المجلس الوطني" الفلسطيني سمير عويس رأى في حديثه لـ"زوايا" أن إنهاء الانقسام وإفراز قيادة فلسطينية جديدة من بوابة الانتخابات بما يوقف الضرر للقضية الفلسطينية، هو بنفس درجة أهمية العمل على إجرائها بالقدس.

وأشار إلى أن مسألة إجراء الانتخابات بالقدس يجب أن تُحسم خلال اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية.

وبيّن عويس، المقيم في العاصمة الأردنية عمّان، أنه مع فكرة أن يتم العمل على إجراء الانتخابات بموازاة جعلها فرصة لفتح معركة شعبية مع الاحتلال بشأن القدس، دون إلغائها، وإلا فإن هذا يعني رضوخاً لإرادة الاحتلال وجعله هو "المُقرِّر" للحياة الديمقراطية الفلسطينية.

ويعتقد عويس أن ثمة شكوكاً بحصول الانتخابات في ظل عدم استعداد جميع القوى الفلسطينية، وخاصة حركتا "فتح" و"حماس" لقبول النتيجة مهما كانت.

حماس تقبل "التأجيل التوافقي".. وبمقابل

من جهته، عبر القيادي في "حماس" حماد الرقب عن رفضه لتأجيل الانتخابات، بحجة رفض الاحتلال إجراءها بالقدس.

 بينما اعتبر أن الأسباب الحقيقية وراء أي تأجيل هو "خوف فتح من الانتخابات"، على حد قوله.

وأضاف الرقب لموقع "زوايا" أنهم كفصائل حينما اجتمعوا في القاهرة كانوا مدركين منذ البداية بحقيقة التعقيدات التي يفرضها الاحتلال بمناطق الضفة الغربية وليس فقط فيما يخص القدس.

وبحسب الرقب، فإن الحلّ يكون ببحث بدائل لحضور القدس بالانتخابات دون تأجيلها أو إلغائها.

لكنّ مصدراً آخر من "حماس"، ذكر لـ"زوايا" أن أي تأجيل للانتخابات يجب أن يكون بتوافق بين حركته وحركة "فتح".

وألمح المصدر الحمساوي إلى إمكانية قبول حركته لفكرة التأجيل إذا كان هناك مقابلٌ مُقنعٌ ومُرضٍ من فتح لصالح حركته.

وعلى أرض الواقع، فإن الأجهزة الامنية بالسلطة الفلسطينية تعمل على اساس أن الانتخابات ستنعقد؛ حيث أتمت التقسيمات الإدارية وتوزيعات العناصر الذين سيتواجدون في الميدان أو في المكاتب في يوم الانتخابات.

لكن ضابطاً في الأمن أوضح لـ"زوايا" أنهم بالرغم من عملهم بما يتوافق مع إجراء الانتخابات في موعدها، إلا أنهم مستعدون أيضاً لأي قرار بتأجيلها.

مصدر دولي: الكرة في ملعب الفلسطينيين

في غضون ذلك، قال مصدر دولي لـ"زوايا" إن حركتي "فتح" و"حماس" هما صاحبتا الكلمة الاخيرة بشأن إجراء الانتخابات في موعدها او تأجيلها أو إلغائها.

وبين المصدر أنه من الواضح أن "إسرائيل" لا تريد إجراء الانتخابات بالقدس، لكن لا تريد التصريح بذلك.

كما أن الولايات المتحدة غير متحمسة لإجراء لانتخابات الفلسطينية، لكنها ليست مُعارِضة لها، غير أنه لا نية من قبل واشنطن للبوح العلني بذلك، كما قال المصدر.

ووفق المصدر الدولي، فإن جميع الأطراف الدولية وحتى "إسرائيل" قد ألقت الكرة الآن في ملعب الفصائل الفلسطينية، كي تحسم قرار إجراء الانتخابات أو تاجيلها، وهي من سيتحمل مسؤولية تأجيل او إلغاء الانتخابات وتداعيات أي قرار بهذا الخصوص.

وشدد المصدر على أن قرار تأجيل الانتخابات سيكون صعباً أمام عملية الترشح الكبيرة للقوائم والتعطش للانتخابات التي طال انتظارها ومروراً بالجهد الكبير تحضيراً لها.

ومن وجهة نظره، فإن التأجيل سيلقى ردوداً غاضبة، لكن إذا كان توافقياً بين فتح وحماس وبقية الفصائل، فإن ردة الفعل الغاضبة يمكن السيطرة عليها فيما بعد.

وقدّر المصدر الدولي أن قرار إجراء الانتخابات الفلسطينية في موعدها المقرر في أيار/مايو المقبل سيتجلّى مع نهاية هذا الشهر، ولن يتم الانتظار حتى أيار القادم كي يُتخذ القرار النهائي.

وأوضح المصدر أن هناك شخصيات وجهات كثيرة تعمل على إجهاض الانتخابات (دون أن يحددها).

المصدر : خاص: زوايا
atyaf logo