لا يزال ملف الاعتقال السياسي في فلسطين يهدد العملية الديمقراطية في مهدها، على الرغم من إصدار المرسوم الرئاسي الخاص بتعزيز الحريات، بناء على توافق الفصائل في حوار القاهرة، إلا أن هذا الملف لازال عالقاً، وأدى إلى تصعيد التصريحات بين حركتي فتح وحماس.
من جهتها، أكدت "فتح" أن لديها ما يقارب 80 معتقلاً في سجون "حماس"، وأن عدم الإفراج عنهم يشكل عقبة كبيرة أمام العملية الانتخابية، كما نفت علمها بإعلان وزارة الداخلية بقطاع غزة الإفراج عن 45 معتقلا من عناصرها، قالت الوزارة إنهم "سجناء أمنيون".
وعقب المتحدث باسم حركة فتح وعضو مجلسها الثوري إياد نصر بالقول: "ننفي نفيا قاطعا علمنا بالإفراج عن أبنائنا المعتقلين السياسيين في سجون حماس، ولم يتم تزويدنا بأي كشوف للمعتقلين".
وأضاف، أنه لا يجوز الحديث عن معتقلين جنائيين أمنيين، وفي نفس الوقت يتم الحديث عن الإفراج عنهم في ظرف سياسي متعلق بالمرسوم الرئاسي للحريات، مطالباً حماس بالإفراج عن كل أبناء حركة فتح المعتقلين السياسيين، وتزويدهم بكشف معلن لأسمائهم.
وعلم موقع "زوايا" من مصادر خاصة، أن معتقلين من كوادر حركة فتح، عُرِضوا على محاكم بغزة الأربعاء الماضي 24 شباط/فبراير الجاري، وصدر بحقهم أحكاماً بالسجن تتراوح بين 3-5 سنوات.
أما في الضفة الغربية، فأعلن رئيس الوزراء وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية، فور الإعلان عن المرسوم الرئاسي، أنه لا يوجد أي معتقل سياسي في سجون السلطة بالضفة.
اقرأ أيضاً: “زوايا” تكشف خفايا المصالحة بين عباس ودحلان
في المقابل، طالبت حركة حماس في بيان لها، حركة فتح والسلطة برام الله بتهيئة مناخات إيجابية لتسير الانتخابات بسلام، ووقف كافة أشكال الملاحقة والتضييق والاستدعاءات، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، ورفع الحظر عن ممارسة الحريات الإعلامية.
ولفتت إلى أن هناك العديد من المنصات الإعلامية محظورة بقرارات حكومية أو رئاسية، مثل: فضائية الأقصى وصحيفة فلسطين وغيرهما، إضافة إلى أن هناك مراسيم رئاسية صدرت عام 2007 لم يتم إلغاؤها تعتبر أذرع المقاومة مليشيات خارجة عن القانون.
حقوقي: يوجد معتلقون جراء الانقسام بغزة
من ناحيته، أوضح مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة جميل سرحان، لـ موقع "زوايا"، أن مصطلح الاعتقال السياسي فيه خلاف لدى الأطراف (فتح وحماس)، ولذلك فإن الهيئة تؤكد أنه يوجد 70 معتقلاً في قطاع غزة، على خلفية الانقسام الذي وقع في 14 حزيران/يونيو 2007.
ومن بين هؤلاء المعتقلين يوجد 40 معتقلاً تم الإفراج عنهم بشكل مؤقت، أي يتم منحهم إجازات بزيارة منازلهم ومن ثم العودة للمتابعة للمراكز، بحسب سرحان الذي أوضح أن هناك 30 آخرون محتجزون دون السماح لهم بتنفيذ زيارات إلى منازلهم.
وأفاد سرحان، أن وزارة الداخلية بغزة، أوضحت أنها بصدد دراسة بعض ملفات المعتقلين للإفراج عنهم، مؤكداً على أهمية تذليل هذه العقبة، والإفراج عن المحتجزين على خلفية الانقسام.
ولفت إلى أن جميع المعتقلين لديهم "ملفات جنائية"، فمنهم من هو معتقل على قضية التخابر مع رام الله، ومنهم من هو متهم بقضايا قتل، وآخرون بقضايا تتعلق بالنيل من الوحدة الثورية (..) وجميعهم عُرِضوا على القضاء العسكري.
حماس تفرج عن "سجناء أمنيين"!
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني إياد البزم، أن وزارته قامت بتفكيك بعض الملفات الأمنية، وأفرجت عن سجناء أمنيين استجابة لحالة التوافق الداخلي (..) من أجل استكمال المسار الوطني وصولاً للانتخابات العامة في أيار/مايو المقبل.
اقرأ أيضا: حصري: “زوايا” تكشف تفاصيل حوار القاهرة والاتفاق على محكمة للانتخابات
وأكد البزم، عقب الإفراج عن السجناء الأمنيين الـ(45)، أنه لا يوجد أي معتقل على خلفية سياسية أو حرية الرأي والتعبير في غزة، مشدداً على أن السجناء لدى الداخلية موقوفون أو محكومون هم على خلفية أمنية بحتة قاموا بأعمال تضر بالمقاومة، على حد وصفه.
ونفى البزم وجود أي قضايا غامضة أو ملفات مغلقة لدى الوزارة، منوهاً إلى أن "كل خطوات الوزارة تتم وفق إجراءات قانونية، ولدينا الجرأة لاطلاع أي جهة قانونية أو حقوقية على ملف أي قضية أمنية".
وتعقيبا على نفي حركة حماس وجود معتقلين سياسيين لديها، حذر مسؤول حركة فتح في المحافظات الجنوبية وعضو لجنتها المركزية أحمد حلس، من أن إصرار حركة "حماس" على عدم الإفراج عن المعتقلين السياسيين لديها "سيدمر سير العملية الانتخابية".
وأضاف حلس في حديث لإذاعة "صوت فلسطين"، أن أول اختبار لممارسة الديمقراطية هو إطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية سياسية، مطالباً حماس بإعادة النظر في موقفها.
وأشار إلى أن حديث حماس عن عدم وجود معتقلين لديها يعني أن لا نية لها بالإفراج عنهم.
لغم تفجير العملية الانتخابية
وأمام التصريحات المتناقضة بين حركتي فتح وحماس حول المعتقلين، رأى الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب في حديث لـ موقع "زوايا"، أن هذا التراشق يعيد القول إنه كان من الضروري قبل الولوج في العملية الانتخابية، وقبل التوافقات بين حركتي فتح حماس على إصدار المرسوم الرئاسي الخاص بالحريات، أن يتم التوافق الوطني على إنهاء الانقسام.
وقال: "لو حصل إنهاء لكافة الملفات العالقة، ومنها ملف الاعتقال السياسي، لكانت هناك تهيئة مناسبة للأجواء على الأرض، ولتمت إزالة للألغام التي تنتظر العملية الانتخابية".
وأضاف، أن التراشق بين الحركتين على هذا الملف، يعطي فرصة لأي طرف للتراجع عن خوض العملية الانتخابية، في حال كان هذا الطرف يرى أن مجرى العملية الانتخابية وتشكيل القوائم واستطلاعات الرأي والتوجهات الشعبية في غير صالحه.
وأشار حبيب إلى أن هناك خلاف حول مصطلح "المعتقل السياسي"، وأي طرف يحكم في غزة أو الضفة فإنه يحول المعتقل السياسي إلى سجين جنائي بحكم قوة الأمر الواقع.
ورأى حبيب، أنه إذا لم يتم الاتفاق على وضع حد لهذا الملف بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، ووقف الاتهامات المتبادلة حوله، سيكون سبباً في تفجير العملية الانتخابية.
وأمام التصريحات المتناقضة بين حركتي فتح وحماس، يبقى السؤال المطروح، هل الطرفان لديهما الإرادة الكاملة لتذليل العقبات أمام الاستحقاق الديمقراطي الفلسطيني، أم أن الملفات العالقة ستنزلق بهما نحو الفشل الذريع، كما حدث في الحوارات السابقة على مدار 14 عاما من الانقسام.