تتهم نقابة الأطباء الحكومة الفلسطينية بعدم تنفيذ بنود من الاتفاقية المبرمة بين الطرفين بتاريخ الرابع من آذار/مارس 2020م، ما دفع النقابة للإعلان عن خطوات تصعيدية وإضرابات عن العمل، والعودة مجدداً للشارع، للضغط على الحكومة للاستجابة بتنفيذ الاتفاق.
في المقابل، تقول الحكومة إن عام 2020 مر عليها بظروف سياسية واقتصادية صعبة، فاقمت منها تفشي جائحة فيروس "كورونا" في الأراضي الفلسطينية وما حمله من تحديات، مؤكدة أن تنفيذ الاتفاق مع النقابة كان يتوقف على عودة انتظام استلام أموال المقاصة من الاحتلال الإسرائيلي. بحسب حديث مستشار رئيس الوزراء عصام القاسم لموقع "زوايا".
ورفضت السلطة الفلسطينية في شهر أيار/مايو العام الماضي، استلام عائدات المقاصة من الاحتلال الإسرائيلي، تنفيذا لإعلان الرئيس محمود عباس، الانسحاب من الاتفاقيات الموقعة مع الحكومتين "الإسرائيلية" والأمريكية، رداً على إعلان تل أبيب نيتها ضم نحو ثلث مساحة الضفة الغربية.
اقرأ أيضا: بالضربة القاضية.. كورونا تفتك بعمال غزة والمساعدات شعارات
لكن السلطة عادت بعد بضعة أشهر، وأعلنت في 17 تشرين ثاني/نوفمبر من نفس العام، استئناف التنسيق "الأمني والمدني" مع الاحتلال الإسرائيلي، بعد فشل عملية الضم التي كانت تنوي تنفيذها في مطلع شهر تموز/يوليو الماضي.
استمرار نزاع الأطباء والحكومة
وقال نقيب الأطباء شوقي صبحة لموقع "زوايا"، جلسنا بداية العام الماضي مع الرئيس محمود عباس للحديث حول الحقوق المطلبية للأطباء، وكان هناك تفهماً من قبل الرئيس والحكومة لهذه المطالب.
وأضاف في شهر شباط/فبراير العام الماضي كان لدى الأطباء خطوات احتجاجية أسفرت في النهاية عن توقيع اتفاقية بين النقابة والحكومة، على أن تطبق غالبية بنود هذه الاتفاقية حتى الأول من نيسان/أبريل 2020، باستثناء بند وحيد فيه أثر مالي يتعلق برفع بدل طبيعة العمل للطب العام من 150% إلى 200%، وأُجِّل هذا المطلب إلى حين انتظام استلام أموال المقاصة.
وأكد صبحة، أنهم صبروا على الحكومة حتى عادت أموال المقاصة، ومضى على عودتها حوالي 5 أشهر، ومنذ ذلك الوقت راسلوا الحكومة للالتزام بالمطالب، إلا أن الحكومة وفق صبحة تنصلت وماطلت، ما دفعهم للبدء بفعاليات احتجاجية، من ضمنها اعتصام حاشد للأطباء أمام مجلس الوزراء تزامن مع جلسة الحكومة يوم الاثنين الماضي.
الحكومة: لم نتنكر للاتفاقية
بدوره، قال عصام القاسم مستشار رئيس الوزراء لموقع "زوايا": "إن الحكومة لم تتنكر للاتفاقية، وقد وقعتها، وكان عنوان هذه الاتفاقية هو عودة الأمور المالية للسلطة الوطنية حسب الأصول".
واستدرك أن الأمور المالية لم تستقر بعد لدى الحكومة، وذلك لأن الحكومة عاشت العام الماضي (2020) سنة كئيبة وسنة حصار سياسي ووضع اقتصادي سيئ بسبب كورونا والإغلاقات، وحجم المدخولات على الخزينة كان ضعيفاً، وتحولت كل هذه المدخولات للوضع الصحي لمقاومة كورونا".
اقرأ أيضاً: “زوايا” تكشف خفايا المصالحة بين عباس ودحلان
وأردف أنهم بالفعل استلموا أموال المقاصة، ولكن كان هناك من خمس إلى ست أشهر مديونية للبنوك، ولديهم عجز مالي، لذا فالأولى أن يصبر الموظفين على الحكومة لا أن تصبر البنوك على الحكومة، وتأخذ بالتالي فوائد إضافية من خزينة الدولة.
وأكد أنه تم إغلاق المديونية للبنوك الآن، وتم الترتيب من أجل إدراج مطالب نقابة الأطباء على الموازنة، لأنه لا توجد دولة في العالم تبدأ بالصرف إلا بعد وضع الموازنة، وإقرار الموازنة في فلسطين لم يقر في تاريخ السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها قبل شهر آذار/مارس وربما يصل إلى شهر نيسان/أبريل.
تنازلنا عن الكثير وهذه حقوق متراكمة
وبالعودة إلى نقيب الأطباء شوقي صبحة، الذي أشار إلى أن النقابة لا تطلب الكثير من الحكومة وفقط تطالب بتطبيق الاتفاق الذي وقع على مضض منها، وتنازلت فيه عن الكثير من الحقوق المتراكمة منذ سنوات.
وأكد صبحة أن غالبية البنود لم تطبق، وما طبق هو شيء بسيط يخدم بعض الأطباء، ومطلب يتعلق بإلغاء ترخيص برنامج دكتور البصريات الذي أعطي للجامعة الأمريكية وتم إلغاؤه بالفعل، أما باقي البنود منها ما لم ينفذ مالياً، ومنها لم تنفذ بتاتاً.
وأضاف "الأصل أن هذه حقوق قديمة ومر عليها سنوات، ويجب أن تكون نفذت منذ سنوات، ولكن لخلل هنا وهناك لم تنفذ، لأن كل مؤسسة تعمل كدولة لوحدها ولا يوجد لدينا نظام مؤسساتي، فالمشكلة التي تمر من وزارة الصحة تتوقف عند الديوان، وإذا مرت من الديوان تتوقف في وزارة المالية، وكأن كل مؤسسة دولة بذاتها".
واتهم صبحة الحكومة بتجاهل اتصالات ومراسلات النقابة، قائلاً: "بعثنا عشرات الرسائل ولم يتم الرد عليها، وحتى على الهواتف لم يتم الرد أيضا".
النقابة تريد اعتماد الاتفاقية قبل الانتخابات
لكن مستشار رئيس الوزراء عصام القاسم، يقول: "إن المطالب كلها تم تلبيتها وهي من ثلاث نقاط، والتأخير كان من النقابة، والأمر واضح بالحديث عن القضايا المالية".
وما يجري أن النقابة، وفقا لمستشار رئيس الوزراء، تريد أن تعتمد هذه الاتفاقية قبل موعد إجراء الانتخابات خوفاً من رحيل الحكومة، ولكن نحن غير متنكرين للاتفاقية، والاتفاقية دخلت على اجتماع مجلس الوزراء وأقرها ،والمطلوب أن نتعاون مع بعضنا.
واستدرك أن النقابة تتخوف أن تأتي حكومة جديدة وبالتالي يتم التنكر للاتفاق، وهذا شيء غير صحيح، لأن الحكومة الموجودة هي حكومة الشعب الفلسطيني ودولة فلسطين، بغض النظر عن من يرأس الحكومة.
أما عن تجاهل الاتصالات، رد القاسم أنه تحدث مع النقيب يوم الخميس الماضي، وأبلغه أن الحكومة سوف تناقش في اجتماعها القادم مطالب النقابات وعلى رأسها مطالب نقابة الأطباء وسيتم إدراجها من أجل تحقيق الأثر المالي ولكن بعد إقرار الموازنة.
وقال إن المراسلات والحديث لا يكون بشكل شفهي، لأنهم عندما وقعوا الاتفاقية كانت مكتوبة بين طرفين.
مهلة المشكلة المالية
وحول ما تحدث به مع النقيب، قال القاسم: "طلبت من النقيب خلال محادثة الخميس الماضي، مهلة منه، وأن الاتفاق موجود إلا أن المشكلة المالية لم تحل، حيث لدينا أزمة رواتب الأسرى والشهداء وهناك إشكالية في حجم المدخولات الشهرية، وازدياد في الانفاق، وحل مشاكل لقطاع غزة".
وجدد مستشار رئيس الوزراء التأكيد على أنه "لا توجد لدينا إشكالية وأخذنا قرار في جلسة الحكومة بإدراج كل مطالب النقابات في الموازنة، ولو أن الحكومة تريد أن تتنكر لما وقعت الاتفاقية".
وفي إطار رده على ذلك، يقول نقيب الأطباء: "الرد أننا صبرنا على المردود المادي، حتى انتظام تحويل المقاصة كما هم وعدونا، وبنفس الوقت نقول لهم أنه لا توجد لدينا مشكلة أن يتم تقسيط الأثر المالي على راحتهم وحتى لا توجد لديهم مشكلة، وإنما فقط الاعتراف فيه والالتزام به".
وبين تأكيد نقيب الأطباء لتنكر الحكومة لمطالبهم وفق الاتفاق الموقع بينهم، وبين تأكيد الحكومة أنها ملتزمة بالاتفاق بعد استقرار عوائدها المالية، يصر الأطباء على النزول للشارع لرفع الصوت عالياً لتحصيل حقوقهم قبل الانتخابات.