لقاءُ العقبة الخماسي: أمني بغلاف سياسي ؟

اللقاء الخماسي في العقبة
اللقاء الخماسي في العقبة

تذهب السلطة الفلسطينية إلى اجتماع العقبة الخماسي للقاء الطرف الإسرائيلي بحضور مصري-أردني وبرعاية أميركية، في وقت تغلي فيه مناطق الضفة الغربية، وسط معارضة شعبية وفصائلية واسعة لمشاركة السلطة فيه، لدرجة اتهامها بتنفيذ طعنة في ظهر مجموعات المقاومة مثل "كتيبة جنين" و"عرين الأسود".

فهل اللقاء أمني بامتياز؟..أم أنه خليط بين أمني وسياسي؟، وما الهدف منه في هذا التوقيت؟، ثم ما هي ضمانات التزام إسرائيل بتنفيذ الاستحقاقات التي تريدها السلطة مقابل تولي الأخيرة مهامها الأمنية في المناطق المصنفة "أ"؟

اللقاء المهم لأنه الأول من نوعه منذ أربعة عشر عاما

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د.احمد مجدلاني قال لـ "زوايا" إن الاجتماع سياسي-أمني، واصفا إياه ب"اللقاء المهم"؛ لأنه الأول من نوعه منذ أربعة عشر عاما، باعتباره "ينقل الحديث من الإطار الأمني إلى مناقشة مواضيع وقضايا سياسية، بهدف تحريك المياه الراكدة لفتح أفق سياسي".

مسؤولون من السلطة الفلسطينية حاولوا في أحاديثهم لـ "زوايا" أن يقللوا مخاوف الشارع الفلسطيني والمقاومة في الضفة من هذا اللقاء، بالقول إن السلطة تشارك في الاجتماع لوقف المجازر الإسرائيلية، وقطع الطريق أمام أي مخططات للحكومة الإسرائيلية اليمينية لفرضها على الأرض بحجة التطورات الآخذة بالتصعيد في الميدان.

اقرأ أيضاً: لا سبيل للخروج من المأزق الفلسطيني.. وإنتاج البدائل صعب

ولعلّ هذا ما شدد عليه بيان صادر عن الرئاسة الفلسطينية حينما قال إن الوفد الفلسطيني المشارك في اللقاء سيؤكد على ضرورة وقف جميع الخطوات الأحادية الإسرائيلية والالتزام بالاتفاقيات الموقعة، وصولا إلى خلق أفق سياسي يُفضي إلى "تمكين الشعب الفلسطيني من حقه بالحرية والاستقلال".

ماذا يبحث اللقاء تحديدا؟

السلطة تنظر إلى اجتماع العقبة في سياق سياسي بالدرجة الأولى قبل أن يكون أمنيا

بدوره، قال القيادي في حركة "فتح" منير الجاغوب لموقع "زوايا" إن السلطة تنظر إلى اجتماع العقبة في سياق سياسي بالدرجة الأولى قبل أن يكون أمنيا، متهما من وصفهم "خصوم الحركة بتضليل الرأي العام من خلال إظهار اللقاء على أساس أمني وكأنه يهدف إلى القضاء على المجموعات المسلحة في الضفة".

وأضاف الجاغوب أن اللقاء يناقش وقف التجاوزات الإسرائيلية من طرف واحد مثل الاستيطان والحواجز الموزعة بين المدن والقرى الفلسطينية، إضافة إلى الاقتحامات الإسرائيلية لمناطق "أ". كما يبحث اللقاء قضية الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى الاحتلال بحجة منحها لأسر الشهداء والأسرى، إضافة إلى الاعتداءات اليومية في القدس واقتحامات المسجد الأقصى، إلى حانب ما يتعرض له الأمن الفلسطيني من تضييقات إسرائيلية وإهانات يومية.

وأشار الجاغوب إلى أن هذه مواضيع سياسية ستكون على جدول أعمال لقاء العقبة الذي يستمر ليوم واحد، متسائلا: "إذاً، كيف يدعي البعض أن اللقاء أمني للقضاء على المقاومة؟!".

"لن تذهب إلى صدام مع أي جهة فلسطينية"

وردا على سؤال "زوايا" حول ما إذا كان اللقاء سيتمخض عن التزامات أمنية على السلطة تتطلب صداما مع المقاومة في جنين ونابلس، قال الجاغوب إنه بناء على ما يسمعه من صناع القرار في السلطة، فإن الأخيرة "لن تذهب إلى صدام مع أي جهة فلسطينية".

وتابع: "السلطة تقبل بحق الناس وحركة فتح أن ينتقدوا ويعترضوا على هذا اللقاء؛ لأنه منذ 30 عاما لم تأتِ المفاوضات بشيء".

السلطة مؤمنة بحضور أي لقاء وأي اجتماع في أي مكان في العالم وعدم التغيب عنه

لكنّ الجاغوب رأى أن السلطة مؤمنة بحضور أي لقاء وأي اجتماع في أي مكان في العالم وعدم التغيب عنه، "طالما يشكل فرصة لشرح الموقف الفلسطيني من الأحداث الجارية".

اللقاء حاجة أردنية-فلسطينية-إسرائيلية

بدوره، رأى الخبير في الشؤون الاستراتيجية والأمنية د.عنان وهبة أن تداعيات الأحداث الجارية أمنية وسياسية، وهو ما يحول دون فصل البعد الأمني عن السياسي في لقاء العقبة، مشيرا إلى مخاوف أردنية دفعت عمّان لأن تكون في لُبّ المبادرة لاستضافة اللقاء؛ لأن هناك خشية أردنية في ظل سماع تصريحات يمينية إسرائيلية سابقة وحاضرة فيما يخص مخطط الوطن البديل وضم مناطق السلطة الفلسطينية، وهو ما يمهد لواقع تنفيذ خطوات إسرائيلية عملية بشأن الوطن البديل وإنهاء فكرة إنشاء كيان فلسطيني بالضفة الغربية، وهو ما يقلق عمّان.

القلق الإسرائيلي الأمني من تأجيج الوضع الميداني

لذا، فإن وهبي يرى أن المخاوف السياسية الأردنية استدعت اللقاء، إلى جانب القلق الإسرائيلي الأمني من تأجيج الوضع الميداني، فضلا عن مخاوف كبيرة لدى السلطة الفلسطينية من أن "تستثمر حركة حماس الوضع الراهن لتكثيف حضورها في عمق الضفة".

ضمانات النجاح؟

وبحسب وهبي، فإن لقاء العقبة يأتي برعاية أميركية، فيما ستمثل مصر مرجعا عربيا هاما للتدخل في المناطق الفلسطينية، باعتبارها لاعبا إقليميا مؤثرا.

وبشأن احتمالات نجاح أو فشل اللقاء، قال الخبير الأمني عنان وهبي "إننا نعيش اليوم حالة اضطراب أمنية وسياسية وبيئية واقتصادية على المستوى العالمي، وهو ما يجعل أفق الحلول ضبابيا، لكن المشاركين في اللقاء يرون أنه في هذه الحالة فإن عقد القمة والجلوس إلى الطاولة رصدا للمستجدات..هو تحقيق أمر هام بحد ذاته، وبالإنجليزية نقول (to sustain the current situation)".

"اللقاء..تعبير عن تخبط عربي"

بيدَ أن ثمة قراءات سياسية أردنية بدت متوجسة من اللقاء، وهو ما عكسه موقف النائب في البرلمان الأردني الأسبق سمير عويس، حيث يرى أن اللقاء يأتي في سياق "إيقاف حركة المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية ضد سياسات الاحتلال والحكومة الإسرائيلية اليمينية التي تحاول تسريع قضايا الاستيطان وترحيل الفلسطينيين بشكل أكثر عنفا من الحكومات السابقة".

فتح أفق للحوار للاستمرار بالحديث عن دولتين ولو بشكل جزئي

واعتبر عويس في حديثه لموقع "زوايا" أن اللقاء يأتي تزامنا مع مباحثات في المنطقة من أجل التحرك باتجاه التجاوب مع السياسات السلمية التي تحاول بعض الأطراف الذهاب نحوها، ما يعني أن الأطراف المشاركة في لقاء العقبة تحاول تخفيف العنف والضغط في الداخل الفلسطيني من جهة، ومن جهة ثانية فتح أفق للحوار للاستمرار بالحديث عن دولتين ولو بشكل جزئي، على حد قول عويس.

"تكيف مع الأمر الواقع"

كما أدرج عويس الاجتماع في إطار "محاولة بعض الجهات للتكيف مع الواقع الذي فيه نوع من القبول بالأمر الواقع والحصول على ما يمكن أخذه من دولة الاحتلال خوفا من فترة ضياع قادمة، خاصة أن الأطراف لا تعرف إلى أين ذاهبون وما يحمله غدا".

اقرأ أيضاً: "زوايا" تناقش المختصين: حل الدولتين.. حل عملي أم سراب؟

يخلص النائب الأردني السابق إلى الاستنتاج بأن اللقاء جزء من "تخبط الأطراف العربية في الدفع نحو الحفاظ على استمرار المشروع السياسي، لعلها تتمكن من تحقيق بعض الإنجازات".

هذا ويشارك في قمة العقبة من الجانب الفلسطيني رئيس المخابرات العامة ماجد فرج وأمين سر منظمة "التحرير" حسين الشيخ، وأيضا مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، في حين يشارك من الجانب الإسرائيلي رئيس الشاباك رونين بار، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، إضافة إلى مدير عام وزارة الخارجية رونين ليفي، ومنسق عمليات الحكومة في المناطق الفلسطينية غسان عليان، ورئيس الشعبة السياسية-الأمنية بوزارة الجيش درور شالوم.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo