تحدي للأمن القومي العربي

قناة "بن غوريون".. خطر يتهدد مصر وخطوة إضافية لحلم "إسرائيل الكبرى"

قناة "بن غوريون"
قناة "بن غوريون"

أثار الإعلان الإسرائيلي بشأن بدء العمل في قناة "بن غوريون"، المنافسة لقناة السويس المصرية جدلًا واسعًا وتساؤلات كثيرة، خصوصا بالنسبة لمصر والأردن، إذ تشكل القناة الإسرائيلية المزمع البدء بها قريبة تهديدا استراتيجيا لمصالح مصر، وستكون قريبة من الحدود البحرية الأردنية.

وأكد "حسام عايش" الخبير الاقتصادي الأردني أن افتتاح هذه القناة بين (خليج العقبة والبحر المتوسط) سيكون أمرًا محرجًا لعمان التي ستفضل عدم استخدامها في المرحلة الأولى على الأقل تجنبا للإحراج مع مصر، معرباً عن مخاوفه من أن يكون المشروع مقدمة لمشاريع أكبر مثل مد أنابيب عبر الأردن لتزويد أوروبا بالنفط والغاز.

ورأى الخبير الأردني أن المشروع ربما سيكون له مخاطر عالية على الأمن القومي العربي، وأن يكون جزءا من صفقة القرن، مؤكدًا أن اسرائيل تفرض أمرًا واقعًا دون أخذ أي اعتبار لاتفاقيات السلام ومصالح الأطراف العربية.

رفض إقليمي وعربي

من جهته عبر السياسي الأردني "محمد حسن الطراونة" عضو لجنة الصحة واللجنة الاستراتيجية بحزب الائتلاف الوطني الأردني، عن رفضه إعلان إسرائيل بدء العمل في قناة بن غوريون، مؤكدا أن تلك الخطوة مرفوضة إقليميا وعربيا.

وأكد على أهمية إنهاء كافة النزاعات العربية وزيادة أطر التعاون بين مصر والأردن خاصة، والعمل ضمن خطة تشاركية على مستوى الإقليم لبحث كافة الجوانب السياسية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" تستغل التشتت الحاصل في الوطن العربي.

استغلال أزمة "أيفر غيفن"

وكانت إسرائيل قد استغلت أزمة جنوح ناقلة الحاويات العملاقة "إيفر غيفن" في إبريل عام 2021 وسد المجرى الملاحي لقناة السويس ما تسبب في تعطل وتكدس مئات السفن وقد أثارت الحادثة التي استمرت لسبعة أيام قبل انفراجها، الشكوك حينها وأن ما جرى للسفينة في قناة السويس لم يكن أمرا عاديا، إنما عن فعل بشري متعمد وهادف للإضرار بمصالح مصر الاستراتيجية.

اقرأ أيضاً: ترجمة خاصة "خطر الدولة الواحدة" يهودية – فلسطينية من السيناريو إلى الواقع

وقد استثمرت اسرائيل الأزمة بإعلانها بدء العمل بمشروع القناة البديلة، وأوضح مهندسون إسرائيليون أن قناة تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط​​، ستكون منافسة لقناة السويس، وذلك لأن المسافة بين إيلات والبحر المتوسط ​​ليست طويلة، وهي بالضبط ذاتها في قناة السويس.

وستقوم إسرائيل بحفر قناتين مستقلتين، واحدة من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط​​، والثانية من البحر المتوسط ​​إلى البحر الأحمر. وبالتالي لن تتأخر أي سفينة، في حين تستغرق السفن في قناة السويس فترة أسبوعين للمرور.

وتشير المصادر ذاتها إلى وجود ميزة أخرى تتمثل في طبيعة الأرض، حيث إنها صخرية وصلبة، وتتحمل أي ضغط دون أي تأثير على عكس قناة السويس، حيث طبيعة الارض رملية وتحتاج الى متابعة مستمرة.

كما أشير إلى أن إسرائيل تنوي بناء مدن صغيرة وفنادق ومطاعم وملاهي ليلية على القناة التي ستبنيها، والتي ستطلق عليها اسم "قناة بن غوريون".

حلم إسرائيل الكبرى

من جانبه رأى غسان حجار الكاتب في صحيفة النهار اللبنانية أن قناة "بن غوريون" تعتبر خطوة إضافية لحلم "إسرائيل الكبرى"، موضحا أن هذا الحلم لم يعد يعتمد على تمدد دولة الاحتلال جغرافياً من النيل الى الفرات، بل بات يقوم على السيطرة الاقتصادية والمالية على دول المنطقة سواء بالتطبيع معها، أو أن يتم الدخول الى هذه الدول عبر اختلاق الفتن والحروب والصراعات.

وأضاف أن بعض الدول العربية تشهد هذه التفككات والصراعات من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان، ما يجعلها عرضة لكل أنواع الاختراقات وخسارة اقتصاداتها، بل وقوعها في العجز وتحت وطأة الديون، بما يجعلها رهينة رغبات وقرارات دولية.

وصية "بن غوريون"

وكان "ريمون ميشال هنود" الكاتب اللبناني أكد في مقال سابق أن قناة بن غوريون تعتبر وصية من وصايا "دافيد بن غوريون" أول رئيس وزراء لدولة الاحتلال، حيث بدأ منذ العام 1950 يدعو إلى ضرورة سيطرة اسرائيل على البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، قائلاً:" إن اليهود لم يسيطروا يوماً على شواطئ هذين البحرين منذ خروج موسى عليه السلام من مصر".

وأضاف أن حديث "بن غوريون" جاء في سياق محاضرة ألقاها أمام خريجي الفوج الأول من ضباط البحرية الاسرائيلية عام 1950، "حقيقة الاستيطان اليهودي على شواطئ هذين البحرين في العصر الحديث تشكل لحظة تاريخية ولها أهميتها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية".

أما أهم ما أشار اليه بن غوريون هو أن الغنى والازدهار الاقتصادي والثقافي الذي حققته مملكتا صور وصيدا قبل ثلاثة آلاف سنة عندما سيطرتا على البحار وخلقتا طرقاً للتجارة الدولية، ما يزال وقعه ماثلاً أمام العالم حتى يومنا هذا.

وللتذكير فإن الخطين الأزرقين الجاثمين فوق النجمة الثلاثية وتحتها في العلم الاسرائيلي يرمزان إلى طموح الحركة الصهيونية بالسيطرة على الأراضي الواقعة بين النيل والفرات، أي البحر المتوسط والبحر الأحمر.

"تيران وصنافير"

وفي السياق ربط "قاسم شعيب" الباحث والأكاديمي التونسي بين اتفاقية نقل السيادة على جزيرتي "تيران وصنافير" من مصر إلى السعودية، وبين بناء قناة "بن غوريون"، قائلاً:" إن الاتفاقية ليست مجرد صفقة تجارية تم من خلالها بيع أرض مصرية من أجل المال، وربما تتعلق بمشروع أوسع تم التخطيط له وهو يطبق اليوم.

اقرأ أيضاً: سياسات طرفي الانقسام تجاه غزة شرّعت الفساد السياسي وخدمت المتنفعين

وأضاف أن ممر "تيران" أصبح ممراً دولياً بموجب اتفاقية نقل السيادة إلى السعودية، بعد أن كان ممراً خاضعاً للسيادة المصرية، وأصبح بإمكان إسرائيل تبعا لذلك فتح قناة تربط بين الممر والبحر الأبيض المتوسط.

وتابع "شعيب" :"خسرت مصر بتنازلها عن الجزيرتين الحق في التحكم بممر تيران، وهو ما كانت تفعله قبل ذلك، فبعد التنازل أصبحت مياه مضيق تيران دولية وليس لمصر أي حكم عليها لا في السلم ولا في الحرب".

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo