صمت السنوار.. ما الذي دفع قائد حماس بغزة للغياب؟

يحيي السنوار
يحيي السنوار

يعتبر غياب يحيى السنوار، قائد حماس المنتخب في قطاع غزة، عن الساحة العامة وصمته الطويل، بعد عدة وعود وتصريحات أطلقها بالعمل على تخفيف الحصار عن القطاع، وإنجاز المصالحة الفلسطينية، أمراً غير طبيعي.

وخلال تقرير لها حاولت "زوايا" تفسير هذا الغياب، حيث رأى "طارق فهمي" أستاذ العلوم السياسية والخبير المصري، أن هناك مبررات لغياب "السنوار" عن المشهد السياسي في هذه الأيام، مطالبًا بالتفريق بين تحرك أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج والمرتبط بنشاط الحركة في الإقليم، وعودة الانفتاح مع النظام السوري من جديد، والانفتاح على الجزائر والأردن، وبين فريق العمل الداخلي للحركة.

وأضاف أن "حماس" تعيد توزيع أدوارها داخل مؤسساتها، وتعيد تقديم نفسها للرأي العام الفلسطيني بعد أن اتهمت بالتخلي عن حركة الجهاد الإسلامي في مواجهتها الأخيرة مع الاحتلال.

وتابع: "حركة حماس تنظر اليوم برؤية شاملة وهذا الأمر ليس سلبياً، وتجدد تقديم نفسها للشارع الفلسطيني، لإعادة اكتساب شعبيتها وتوحيد الجبهات".

وأكد الكاتب المصري أن الموضوع أعمق من غياب بعض الشخصيات كـ"يحيى السنوار" و"محمد الضيف"، وأن القضية مرتبطة بالأوليات وتوزيع الأدوار بين مهام حماس الداخل والخارج، ومحاولة إعادة تعويم دور الحركة في الإقليم، مشيرًا إلى أن غياب حركة حماس عن الاتفاق مع ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان، ومفاوضات الغاز على شواطئ غزة، ينم على إعادة مركزة سلطة حماس للخارج على حساب الداخل، ويعكس دلالات معينة داخل المكتب السياسي للحركة.

الاصطدام بواقع الانقسام

من جهته، قال "محمود الزق"، أمين سر هيئة العمل الوطني في غزة، لـ"زوايا" إن الوعود التي أطلقها رئيس حركة حماس في غزة لم تتناسب مع الواقع، وهي بمثابة أمنيات ورغبات اصطدمت بواقع الانقسام الأسود الذي يعيشه الشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضاً: عودة حماس لسوريا..تناقض المواقف والثمن الكارثي

وأضاف: "أعتقد تصوراته عن ضرورة إنهاء الانقسام كانت سليمة، لكن إمكانية التطبيق كانت تصطدم دائما بآراء متعنتة جدًا تحاول أن تكرس هذا الانقسام، الذي جاء في سياق مؤامرة ضد شعبنا الفلسطيني لإفشال فكرة الدولة الفلسطينية".

وأكد "الزق" أن من يريد دولة فلسطينية عليه أن يفهم أنه ليس أمامه إلا تحقيق المصالحة، لأن البديل بحسب المبادرة الأمريكية التي طرحت علينا كفلسطينيين هي كيان سياسي في قطاع غزة أقل من دولة، وأكثر من حكم ذاتي، مبينًا أن هذا المخطط يهدف لشطب الهوية الوطنية وإفشال فكرة الدولة الفلسطينية.

وذكّر أمين سر هيئة العمل الوطني بخطاب "بنيامين نتنياهو" في مركز حزب الليكود عندما اتهم بإدخال الأموال لغزة، فقال: "من لا يريد قيام دولة فلسطينية عليه تكريس الانقسام الفلسطيني".

أما "خضر محجز"، الناقد والأكاديمي الفلسطيني، فشارك "الزق" الرأي، كاشفًا أن وعود السنوار السابقة كانت تحمسا زائدا من أسير محرر لم يتعرف أكثر عن العالم الخارجي، وأن نواياه حسنة، لكنها اصطدمت بصخرة الواقع.

وأوضح خلال تصريحه لـ"زوايا" أن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي، وأنه يجب إعادة دراسة الواقع من جديد، مبينًا أن الخيارات المتاحة حاليا لا تغير الواقع، لأن طرفي الانقسام لم تعد لديهما الإرادة لإصلاح الوضع، وكلاهما نشأت لديه مصالح خاصة بعيدًا عن الوحدة الوطنية.

مجرد تكهنات

بدوره، أكد نشأت الأقطش الكاتب والأكاديمي الفلسطيني أن الأسباب وراء غياب "يحيي السنوار" تبقى تكهنات، وأن النظام التي تعمل عليه حركة حماس نظام داخلي معقد.

وبين الأقطش لـ "زوايا" أن هناك عدة تكهنات ممكن أن تكون سببًا في غياب السنوار من بينها أسباب داخلية، أو تصريحاته الأخيرة التي حملت تهديدًا وتحديًا مبالغًا فيه ووضعت حركة حماس في موقف محرج، أو مجرد غياب طبيعي لا شكوك فيه.

يذكر أن رئيس حركة حماس في غزة كان له حضوراً كبيراً في عدة مناسبات، وكان آخرها دعوة الشعب الفلسطيني، أن يتجهز لمعركة كبيرة إذا لم يكف الاحتلال عن الاعتداء على المسجد الأقصى، كما وجه رسالة للعالم، قائلاً: أقول للعالم أجمع ولقادة العدو أن صورة اعتداء جنود الاحتلال على المسجد الأقصى ممنوع أن تتكرر، وطالب كل فصائل المقاومة في غزة أن تكون على أهبة الاستعداد والجهوزية.

اقرأ أيضاُ: رغم اتفاق الجزائر.. المصالحة رهينة "إسرائيل" وتحتاج ضغط شعبي

في سياق آخر لفت الكاتب والمحلل السياسي "نظير مجلي"، إلى أن انعدام المصالحة أوجد حالة إحباط في الشارع الفلسطيني، وأن الانقسام انتقل إلى الداخل الفلسطيني المحتل، الذي تشتت عبر ثلاث قوائم لخوض انتخابات الكنيست القادمة.

وأعرب عن قلق ومخاوف تنتاب الفلسطينيين بأن يكون اتفاق الجزائر للمصالحة كغيره من المحاولات السابقة، ما يتسبب بضرر كبير للقضية الفلسطينية.

وأضاف: "دعنا نتحدث عن الأمور التي من شأنها أن تساهم في تحقيق المصالحة، وترك البناء على تشكيك نوايا هذا الطرف أو ذلك، في حال صمت هذا القائد أو تكلم".

ودعا "مجلي" الكل الفلسطيني إلي العمل على عدة سيناريوهات، أهمها سيناريو المصالحة، وتحسين الواقع المعيشي للمواطنين، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من البطالة ونقص في المواد الغذائية والخدمات الصحية، واليأس في أوساط الشباب، مطالبا بعدم تفويت الفرصة لرفع معاناة الشعب الفلسطيني، عبر اتفاقيات تنمية أو مفاوضات غير مباشرة.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo