الكاميرا الخفية بغزة تثير جدلاً حول المحتوى والهدف

تصوير برامج الكاميرا الخفية
تصوير برامج الكاميرا الخفية

أثارت حلقات برنامج الكاميرا الخفية في قطاع غزة، جدلاً واستياءاً واسعاً لدى شرائح مختلفة في المجتمع الفلسطيني، حيث هاجمها نشطاء ومتابعون وغيرهم، بداعي أنها لا تراعي المحتوى الفني الهادف من جانب، ولا تراعي شروط الحماية والسلامة للمستهدفين أو حتى الممثلين من جانب آخر.

وكالعادة تبرز هكذا جدليات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث احتل موضوع الكاميرا الخفية المعروضة على بعض القنوات والمنصات الفلسطينية، مساحة كبيرة من المنشورات لدى رواد "فيس بوك"، ورصدت "زوايا" جملة منها وكان أبرزها مقال نشره بالخصوص الكاتب والأكاديمي الفلسطيني خالد حروب على صفحته الشخصية بعنوان "انحطاط أخلاقي: لاجئات فلسطينيات معروضات للزواج بأعمار شابة!!".

04.jpg


 

001.jpg

 

0002.jpg

 

003.jpg


بماذا يبرر القائمون عليها؟

وإزاء هذا الانتقاد اللاذع للكاميرا الخفية بغزة، كان لابد من لقاء العاملين والقائمين عليها، لمعرفة مبرراتهم وأهدافهم من العمل في هذا المجال، ومدى مراعاتهم للجوانب الفنية الهادفة وشروط السلامة والحماية أثناء التمثيل والتصوير.

فهذا الفنان محمد فيصل بطل برنامج الكاميرا الخفية "بس استنى" على قناة الكوفية، فقد كشف في بداية حديثه لـ"زوايا" أنه تم إبلاغهم بايقاف البرنامج بعد الحلقة الثانية عشر لأسباب غير معروفة، مشيراً إلى أن القناة لم تُفصح لهم عن السبب وراء هذا التوقف سوى بالقول لهم "اعتبروا حالكم صورتوا 12 حلقة بس".

وفي وقت لاحق، عاد فيصل ليؤكد أنه "تم التواصل مع مدير القناة، والذي أرجع التوقف إلى "أن المواد المصورة كبيرة ومش قادرين يلحقوا المنتج فتم إنتاج 12 حلقه فقط!".

ودافع فيصل عن برنامجه قائلاً "دائماً الكاميرا الخفية التي تخرج من غزه تتعرض للهجوم حتى وإن حصدت العديد من المشاهدات، وأعلل ذلك بأن الناس ترى أنه لا ينبغي لنا تقديم أعمال غير أعمال المقاومة (..) نحن كشعب غزي ننتقد أي محتوى ترفيهي محلي يعرض على فضائياتنا".

اقرأ أيضاً: إسناد حكومي غير كافٍ.. الضرائب في غزة تثقل كاهل المواطنين

وحول ما إذا كان برنامجه يراعي السلامة سواء للممثلين أو المستهدفين، فقد ذكر فيصل أن هناك طاقم خلف الكاميرات مستعد ومتأهب لحظة الشعور بالخطر، مؤكداً أنه على صعيده الشخصي لم يتعرض -كما غيره الكثير من الممثلين- لأي خطر حقيقي أثناء تصوير البرنامج، على حد زعمه.

يشار إلى أن عديد من الممثلين في هذا المجال، وقعوا ضحية لمقالبهم أثناء تصويرهم لبرامج "كاميرا خفية" سابقة.

وللاستيضاح أكثر حول حقيقة توقف برنامج الكاميرا الخفية على قناة الكوفية، فقد نفى بالمطلق مدير برامجها أحمد حرب لـ"زوايا" أن يكون قد توقف بث حلقات الكاميرا الخفية على قناتهم، مؤكداً أنها مازالت تُبث يومياً على القناة ومستمرة حتى انتهاء شهر رمضان.

ورغم إقرار حرب بأن تصوير برامج الكاميرا الخفية، لا تلقى رضا بعض المواطنين، لكنه قال "أن ذلك فن هادف وليسوا أول من يعمل في هذا المجال".

وقال حرب: "رغم كم الجدل حول مثل هذه البرامج، على الأقل نحن حافظنا على تصوير حلقات الكاميرا في الجانب الاجتماعي والسياسي والوطني، وطرحنا موضوعات مهمة للمواطن وقضايا كان يجب أن نُسلط الضوء عليها كقضية الأسرى والقدس، وأيضاً قضية ذوي الاحتياجات الخاصة وقضايا اجتماعية كبيرة وهذا ينم عن مسؤولية اجتماعية تجاه المجتمع وقضاياه".

ومن وجهة نظره، يرى حرب بأن برنامج الكاميرا الخفية "جيت لحالك" هذا العام هو الأقوى على مستوى فسلطين، واستطاع أن يصل لكل بيت فلسطيني وربما وصل إلى دول عربية مجاورة، عادا أنهم بذلك كانوا عند حُسن ظن المواطن الفلسطيني بالموضوعات التي طرحت ولامست احتياجاته.

يذكر أن قناة الكوفية تبث برنامج كاميرا خفية آخر يسمى "جيت لحالك" ويقدمه الممثل إسلام أيوب، وهو عبارة عن مقالب تستفز المواطنين أثناء ركوبهم سيارة الأجرة.

ضوابط فنية ومحددات حكومية

بدوره قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف، والذي أكد أن الكاميرا الخفية هي تجربة مستحدثة في القطاع، وربما لم نشهدها بهذا الكم خلال السنوات الماضية، وهو ما يستدعي ضرورة العمل من أجل وضع ضوابط ومحددات لتنظيم عمل الكاميرا الخفية في غزة.

وأوضح معروف في حديث لـ"زوايا" أن إجراءاتهم المتوقعة بالخصوص "تأتي في ضوء ما شهده هذا العام من وجود بعض المظاهر السلبية، وصلت حد الإسفاف في بعض حلقات هذه البرامج، أو على صعيد حالة الضرر الذي يمكن أن تسببه على المستوى الاجتماعي أو الذوق العام".

وشدد على أن ما سبق ذكره، يدعوهم للعمل الجاد والسعي لوضع الضوابط الناظمة لهذه البرامج، حيث أن هذا الأمر ربما يرتبط بأكثر من جهة ومؤسسة حكومية لإنجازه في أقرب وقت ممكن.

وأشار معروف إلى أنه في كل الأحوال فإن "هذه المؤسسات الآن في طور وضع المحددات الضابطة والتي يمكن أن تُنظم من خلالها البرامج، بحيث يتم تجاوز المشاهد والملاحظات السلبية التي سُجلت من واقع التجربة التي شهدناها هذا العام"، على حد تعبيره.

المحتوى الهادف من التافه

ومن الناحية التحليلية لهذه البرامج ووقعها على المجتمع الفلسطيني، فقد اعتبر خبير التنمية البشرية والاجتماعية صابر أبو الكاس، أن كل منتج إعلامي يجب أن يتوافق مع عادات وقيم وفلسفة المجتمع وأن لا يتعارض معها بأي حال من الأحوال، مؤكداً بالقول "لا يمكن لأي شخص كان أو مؤسسة أن تأتي بفكرة أو مادة فيلمية أو برنامج ناجح في الخارج وتقوم بتطبيقه في مجتمعنا".

ويرى أبو الكاس في حديثه لـ"زوايا" أن الكاميرا الخفية التي تُنفذ بشكل عام عربياً ودولياً وآخره "بدأت تأخذ منحى سلبي جداً، لأنها تجاوزت حدود العادات والتقاليد والقيم وأيضاً المعتقدات، وبالتالي الكاميرا الخفية باتت الآن غير مستحسنة لدى الكثير من الناس لما تتضمنه من أشياء خارجة عما ذُكر سالفاً.

وقال أبو الكاس "إذا أردنا أن نقوم بعمل برامج فكاهية أو ترفيهية على غرار الكاميرا الخفية، فيجب أن ننظر أولاً إلى الفكرة والموضوعات والحلقات المطروحة في هذه البرامج هل تتوافق مع قيم مجتمعنا وعاداته وتقاليده، فضلاً عن معتقداتنا الدينية والأخلاقية قبل كل شيء، فإذا كان نعم فلا ضير، بل ستجد استحساناً كبيراً، أما إن كانت عكس ذلك فبالتأكيد لن تكون بضاعة رائجة ومحكوم عليها بالفشل".

وأضاف "شاهدنا مع بداية شهر رمضان على بعض القنوات والمنصات المحلية، عدد من حلقات الكاميرا الخفية لاقت هجوماً كبيراً جداً من الناس، حيث لم تلق رواجاً بل بالعكس لاقت استنكاراً مجتمعياً كبيراً، لأنها تتعارض مع قيمه وعاداته وتقاليده، وبالتالي عندما ننتج شيئاً يجب أن نضع ذوق الجمهور نصب أعيننا، وذلك لأن كل البرامج المختلفة سواء الفيلمية أو الوثاقية والدرامية يتم إنتاجها لاستهداف جمهورنا، فإن لم تتوافق مع حاجته فليس لها أي عازة ويجب توفير الوقت والجهد والمال قبل الانتاج".

وعبر أبو الكاس عن أسفه لاتجاه الكثير من المجتمعات سواء الفلسطيني والعربي والإسلامي إلى "المحتوى التافه"، لافتاً إلى أن طبيعة المحتوى الذي يُصمم ويُصنع في هذه المجتمعات على المنصات والسوشال ميديا وفي الفضاء " مقصود بشكل واضح وكبير".

وفي النهاية، ذكر أبو الكاس أن "فلسقة التافهين والجاهلين هي التي تسيطر على الوسائل سالفة الذكر ويديرها أناس فارغين المحتوى ويقدمون محتوى تافه"، محذراً المجتمع الفلسطيني من الركود والذهاب نحو هؤلاء الهابطين في سلوكهم ومحتواهم الذي يصدرونه للمجتمعات.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo