"أمنيستي" تمنح الفلسطينيين هدية لاستثمارها ضد "إسرائيل".. فهل تُستغل؟

تأييد حقوق الإنسان في تقرير أمنستي
تأييد حقوق الإنسان في تقرير أمنستي

شكل قرار منظمة العفو الدولية (أمنستي) الذي وصف دولة الاحتلال الإسرائيلي بأنها دولة تمارس "تمييز عنصري" ضد الفلسطينيين، مساحة مفتوحة للفلسطينيين لملاحقة الاحتلال وترسيخ مفهوم الابرتهايد لدى شعوب العالم، والاستفادة منه لصالح القضية الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب خطوات عملية من الكل الفلسطيني لاستثمار هذا التقرير.

يشار إلى أن أمنيستي قالت في تقريرها :"ينبغي مساءلة "إسرائيل" على ارتكاب جريمة "الفصل العنصري" (الابرتهايد)، وتتمثل في النظام الاسرائيلي القائم على الاضطهاد والهيمنة على الفلسطينيين أينما تملك السيطرة على حقوقه. ( "فلسطينيو 48" والضفة وغزة والقدس واللاجئين النازحين في بلدان أخرى).

وقوبل التقرير بترحيب كبير من قبل الكل الفلسطيني، في المقابل هاجم الاحتلال رسمياً التقرير واعتبر ما جاء فيه معادي للسامية.

المطلوب فلسطينياً لاستثمار التقرير لصالح القضية الفلسطينية

وأكد خبراء فلسطينيون، أن تقرير أمنستي يعد مكسباً كبيراً للقضية الفلسطينية ويمكن استثماره لصالح الفلسطينيين.

الخبير الحقوقي شعوان جبارين مدير مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، أكد أن التقرير إضافة جديدة لما تحدثت عنه مؤسسات حقوقية أخرى كمنظمة هيومان رايتس ووتش، وبيتسيلم، الأمر الذي أعطى الفلسطينيين مساحة مفتوحة لملاحقة الاحتلال في جميع المحافل، مؤكدا أن هذا المسار مضمون نجاحه مئة بالمئة.

وشدد جبارين في حديث لـ "زوايا"، على ضرورة العمل من قبل الكل الفلسطيني، سواء السلطة أو الفصائل، أو المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية في تجاه ملاحقة "إسرائيل". مشيراً إلى أن المؤسسات الحقوقية الفلسطينية لم تتوان في عملها في هذا المجال.

وأوضح أن المطلوب العمل على نقل ملف الابرتهايد سريعا على مستوى مشاريع قرارات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إضافة إلى إعادة الاعتبار للجنة الفصل العنصري في الأمم المتحدة.

وتابع جبارين أن التقرير يعطي زخما لملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين في محكمة الجنايات الدولية، التي لها اختصاص على جريمة (الأبرتهايد) لا تستطيع الهروب منه، إضافة إلى إطلاق حملة دولية واسعة تشارك فيها كل المؤسسات التي تلتقي حول وصف "إسرائيل" بالابرتهايد على المستوى العالمي لدفع الدول لاتخاذ إجراءات وفرض عقوبات على دولة الاحتلال كما حصل في جنوب أفريقيا.

كما شدد على ضرورة استخدام خطاب "التمييز العنصري" لإسرائيل في كل المحافل والأماكن على مستوى المؤسسات والشعوب، بما في ذلك مشاركة الفلسطينيين أينما وجدوا في توعية شعوب العالم بحقيقة "اسرائيل" وأنها دولة تمييز عنصري، وإجرام، وارتكبت جرائم حرب دولية، متخذين من تقرير المنظمة دليلاً لإقناع الشعوب التي تنظر باحترام لهذه المؤسسة لمهنيتها واستقلاليتها وحياديتها، إضافة إلى أنها تصدر تقاريرها بعد بحث ومناقشة وتدقيق وموافقة جميع مكاتبها الـ 70 المنتشرة في العالم ومن بينها "اسرائيل". لافتاً إلى أن تقاعس أي طرف فلسطيني لا يعني بالضرورة التعطيل على طرف آخر يسير في نفس المسار، وأن الأمر لم يعد بيد السلطة الفلسطينية وحدها.

اقرأ أيضاً: بعيون إسرائيلية.. تقرير أمنيستي الذي وصف الاحتلال بالأبرتهايد

من جهته شدد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل في حديث لـ "زوايا" على ضرورة توحيد الموقف والخطاب السياسي الفلسطيني في مخاطبة العالم، وأن لا يؤثر الانقسام الداخلي سلباً على ذلك كما حصل في قرارات سابقة. واتفق عوكل مع الحقوقي جبارين في ضرورة استخدام خطاب التمييز العنصري لإسرائيل في كل المحافل الدولية لفضح "إسرائيل" بين الشعوب عالمياً.

بدوره رأى كلا من الخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، والحقوقي مصطفى ابراهيم، أن استثمار التقرير يتطلب من السلطة قطع علاقتها مع الاحتلال والتنسيق الامني، لأن الاحتلال يتخذ من هذه العلاقة غطاءً لممارساتها العنصرية، إضافة إلى ضرورة إنهاء الانقسام، والعمل على التوافق على مظلة سياسية واستراتيجية موحدة.

ونوه إبراهيم إلى أنه يجب عدم تحميل منظمات حقوق الإنسان الدولية والفلسطينية أكثر من دورها واختصاصها، فهي تنجح في تحشيد ومناصرة قضايا حقوق الإنسان وفضح الانتهاكات التي ترتكب من قبل الانظمة والدول.

أهمية تقرير أمنستي

وأجمع الخبراء على أن أبرز النقاط المهمة في التقرير، تعرضه لما يجري في الأراضي المحتلة عام 48، إلى جانب موضوع حصار غزة وما يجري في شرقي القدس والضفة والشتات، وصادر عن مؤسسة دولية غاية في الأهمية تحظى باحترام وتقدير العالم، ولا تصدر كلمات على عواهنها وإنما بعد تدقيق.

الحقوقي ابراهيم نوه إلى أن التقرير أعاد إلى الأذهان حقيقة دولة الاحتلال والحركة الصهيونية بأنها عنصرية إرهابية، إضافة إلى أنه يدعم القضية والرواية الفلسطينية، وفضح دولة الاستعمار الاستيطاني في ممارساته منذ النكبة وحتى الان.

بدوره يرى المحلل السياسي عوكل، أن تقرير المنظمة يعتبر تطورا كبيرا في سياق الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لأن ممارسات "إسرائيل" كانت تدل على أنها تمارس الابرتهايد منذ عام 48 على الارض، قبل أن يتطور الامر ويصبح قانونياً في "الكنيست" عندما عرفت نفسها كدولة يهودية، وهو ما يعد تغولا في ممارسة العنصرية ضد الفلسطينيين. كما أن التقرير سيجعل العالم أمام أزمة أخلاقية، وسيتساءلون، كيف يمكن لأمريكا والغرب دعم دولة عنصرية؟، إلى جانب أن التقرير وجه صفعة وحرجاً شديداً للمطبعين العرب.
كم جانبه، اعتبر منصور، أن التقرير مهم ويبنى عليه ويصلح لبرنامج عمل للفلسطينيين، ويتطلب تطوير الخطاب الدعائي للعالم، لأن لغة الحقوق والتمييز العنصري، قادرة على توصيل حجم معاناة الفلسطينيين، وهي اللغة التي يفهمها العالم.

ألغام أمام الاستفادة من التقرير لصالح الفلسطينيين

وحول المعيقات التي قد تؤثر سلباً على الاستفادة من التقرير لصالح القضية الفلسطينية على كل الأصعدة، أجمع الخبراء، أن الانقسام، وحالة التشرذم الفلسطيني، وعدم وجود استيراتيجية تحت مظلة موحدة، هي من أبرز المعيقات والتي بدون تلاشيها ستكون بمثابة ألغام كبيرة في طريق ملاحقة دولة الاحتلال.

وأوضح المحلل عوكل، أن الفلسطينيين سيتعرضون لضغوط دولية خاصة من الدول الغربية بما فيها أمريكا التي رفضت تقرير "أمنيستي"، وستحاول هذه الدول تقديم الاغراءات للسلطة من جهة، والتصدي لها في المحافل الدولية من جهة أخرى. مستشهداً بالضغوط التي مورست على المدعية العام لمحكمة الجنايات الدولية فاتو بنسودا.

من جهته، اعتبر الحقوقي إبراهيم، أن الموقف الفلسطيني المرحب بالتقرير، لا يعدو كونه ترحيبا في الهواء لن يكون خلفه فعل من القيادة السياسة للسلطة، في ظل جملة من التحديات والتي أبرزها الإغراءات الاقتصادية والتسهيلات الاسرائيلية، واستمرار العلاقة الوطيدة بين السلطة و"اسرائيل" والتنسيق الامني، مشدداً على ضرورة قطع هذه العلاقة، مستبعداً في الوقت ذاته أن تستجيب لذلك.

فيما عد الخبير منصور، إلى جانب توافقه مع سابقيه، بأن مشاركة منصور عباس، في الحكومة الائتلافية الاسرائيلية، يشكل نقطة قوة لإسرائيل لمهاجمة التقرير.

وبعد اتخاذ المجلس المركزي للمنظمة 2022م قراراً جديداً بتوقيف الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني، وهو ما تطالب به الفصائل التي رفضت الاجتماع، يفترض أن يؤسس لوحدة في الموقف، يتطور لاستغلاله لصالح الضحايا الفلسطينيين.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo