بعيون إسرائيلية.. تقرير أمنيستي الذي وصف الاحتلال بالأبرتهايد

تقرير أمنستي
تقرير أمنستي

شغل تقرير منظمة العفو الدولية (أمنيستي) الذي وصف "إسرائيل" بأنها دولة تمييز عنصري في ممارساتها ضد الفلسطينيين، وسائل الإعلام العبرية، التي أفردت مساحات واسعة للتعليق على الحدث الذي رفضه المسؤولين الإسرائيليين قبل أن يرى النور ووصفوه بأبشع الكلمات ومعادي للسامية، في المقابل وجه كتاب إسرائيليون انتقادات حادة للمسؤولين الإسرائيليين وتوافقوا مع ما جاء في التقرير بأن الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين تتوافق تماماً مع تعريف التمييز العنصري الدولي، وأن التقرير لابد أن يدفع المسؤولين الإسرائيليين إلى إعادة النظر في سلوكها تجاه الفلسطينيين، خاصة أن مثل هذا التقرير يسيء لسمعة "إسرائيل".

تهكم برفض المسؤولين الاسرائيليين للأبرتهايد

الكاتب الإسرائيلي في صحيفة هآرتس جدعون ليفي، تهكم من الرفض الإسرائيلي للتقرير في مقالٍ بعنوان "ما هو غير الصحيح في تقرير "الأبرتهايد"؟، والذي وصفت على أثره "إسرائيل" مؤسسة أمنستي بأنها لاسامية، وتقريرها كاذب. واضعاً جملة من التساؤلات التي تؤكد على صحة وصف المنظمة للممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

ووجه ليفي تساؤلاته للمسؤولين الإسرائيليين، ما هو بالضبط غير الصحيح في تقرير "الأبرتهايد"؟ ألم يتم تأسيس "إسرائيل" على سياسة صريحة من الحفاظ على هيمنة ديمغرافية يهودية، من خلال تقليص عدد الفلسطينيين داخلها؟ نعم أم لا؟ هل هذه حقيقة أم كذب؟ هل هذه السياسة غير قائمة حتى الآن؟ نعم أم لا؟ حقيقة أم كذب؟ وهل "إسرائيل" لا تقيم نظام قمع وسيطرة على الفلسطينيين في "إسرائيل" وفي "المناطق" المحتلة من أجل مكافأة اليهود الإسرائيليين؟ نعم أم لا؟ هل هذا حقيقي أم كذب؟ هل أوامر فتح النار ضد الفلسطينيين لا تعكس سياسة إطلاق النار من أجل القتل أو التسبب بإعاقة؟ نعم أم لا؟ حقيقي أم كذب؟ هل إخلاء الفلسطينيين من بيوتهم وعدم إعطاء تراخيص بناء ليست جزءا من سياسة "إسرائيل"؟ نعم أم لا؟ حقيقة أم كذب؟ أليس قانون القومية أبرتهايد؟ ومنع لم شمل العائلات؟ والقرى غير المعترف بها؟ والتهويد؟ هل يوجد مجال واحد في إسرائيل وفي "المناطق" فيه مساواة حقيقية، مطلقة، سوى تلك الرسمية؟

وأشار إلى أن معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية قامت كالعادة بالإخفاء والطمس. وجوقة الدعاية قامت بصد الهجوم. وزير الدعاية، يئير لبيد، تلاه بل إنه هاجمه قبل نشره. وزير الشتات، نحمان شاي، هو الآخر جاء بعده. لم يولد بعد التقرير الدولي الذي لم تهاجمه "إسرائيل"، ودون أن ترد ولو على ادعاء واحد.

اقرأ أيضاً: بروفيسور يكشف عن وثائق سرية تؤكد ملكية النقب لسكانها

وأضاف أن منظمة تلو الأخرى، بعضها مهمة ونزيهة، تقول أبرتهايد، في حين أن "إسرائيل" تقول "لاسامية".

وتابع ليفي، متهكماً أن المسؤولين الإسرائيليين لقد أثبتوا أن "أمنستي" تكذب، وأنه لا يوجد منظومتان للقضاء في "إسرائيل" ومنظومتان للحقوق ومنظومتان لتوزيع الموارد (للتمييز بين اليهود والعرب). وأن شرعنة أفيتار ليست أبرتهايد. وأن اليهود يمكنهم العودة إلى أملاكهم قبل العام 1948 في حين يمنع الفلسطينيون من ذلك – هذا ليس أبرتهايد. وأن مستوطنة مزدهرة توجد قرب تجمع للرعاة دون كهرباء ومياه، هذا ليس أبرتهايد. وأن "عرب إسرائيل" غير مضطهدين مؤسسيا ومنهجيا، وأن الخط الأخضر لم يتم محوه. ما هو غير الصحيح في ذلك؟

وأشار إلى أنه منذ 74 سنة (منذ احتلال فلسطين عام 48)، و"إسرائيل" دون أي مدينة عربية جديدة أو جامعة عربية أو محطة قطارات في مدينة عربية، كل ذلك يتقزم أمام كبير مشرعني الاحتلال، المحكمة العليا، وشريك عربي صغير، يعتبر غير شرعي.

وخلص الكاتب ليفي، إلى أن العالم سيواصل البصق في وجه إسرائيل، والأخيرة ستواصل التجاهل، والعالم سيقول "أبرتهايد" وستقول "إسرائيل" لاسامية.

وأكد أن ما جاء في تقرير أمنيستي لا ينبع من اللاسامية، لكنه يسهم في تعزيزها، و"إسرائيل" هي الآن المحفز الأكبر لغرائز اللاسامية في العالم.

إعادة النظر في الماضي"إسرائيل" أن تنظر إلى ماضيها وواقعها بشجاعة

في ذات السياق، رأى الكاتب الإسرائيلي كارين هابر في مقالً له نشرته صحيفة هآرتس العبرية، أن السياسة الاسرائيلية المتبعة بعد تقرير أمنستي أعطت انطباعاً بأنه ليس لديها سياسة أُخرى غير تلك السياسة التي تم وصفها بالابرتهايد، متوقعاً أن استخدام المجتمع الدولي، وأيضاً الخطاب السياسي في "إسرائيل" لكلمة "أبرتهايد" في وصف الحكم الإسرائيلي في "المناطق"، سيزداد ويتسع.

وأكد أن هذا الواقع الذي ستزداد فيه مساحة وصف "إسرائيل" بالأبرتهايد خاصة أن هذا الوصف توسع ليشمل الفلسطينيين داخل "إسرائيل" بعد أن كانت كلمة "أبرتهايد" تُستخدم في وصف السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين في "المناطق" المحتلة من طرف عدد قليل من المنظمات الفلسطينية والدولية التي تُعتبر راديكالية، مستشهداً بتحذير وزير الخارجية يئير لابيد قبل بضعة أسابيع. ليس لأن المصطلح أصبح رائجاً، بل لأنه يعكس واقعاً.

ولفت الكاتب الإسرائيلي، إلى أنه إذا جرت مقارنة تفكيك الديمقراطية بما فعلته ألمانيا النازية في الثلاثينيات، تُطرح فوراً مسألة المحرقة وينتهي النقاش من دون التطرق إلى الخطوات. وعندما يتحدثون عن "الأبارتهايد"، تُطرح فوراً فكرة العنصرية وينتهي النقاش من دون التطرق إلى نظام الفصل، أو ممارسات الفصل التي تمارسها "إسرائيل" والتي هي المشكلة. مشدداً على أنه لا وجود هنا لمشكلة العداء للسامية، بل هناك دولة (إسرائيل) ترفض النقد بحجة أن ما يبدو كأنه أبارتهايد، أو يُسمى أبارتهايد، تسمّيه هي عداء للسامية.

مفهوم الأبرتهايد أصبح قائماً

وأوضح أنه وبخلاف الاعتقاد السائد في "إسرائيل"، فإن مفهوم الأبرتهايد أصبح قائماً بحد ذاته، ولم يعد فقط صورة حكم. وأصبح اليوم له مفهوماً قانونياً مستقلاً، ويُعتبر جريمة ضد الإنسانية، ولم يعد وجوده مرتبطاً بأيديولوجيا عنصرية. لافتاً إلى أن عدم الاستعداد الإسرائيلي للعمل بجدية من أجل تغيير هذه الاتهامات المهمة والوخيمة العواقب يدل على أن "إسرائيل" غير قادرة على الرد على هذه الادعاءات، وفي نهاية الأمر هي صحيحة.

اقرأ أيضاً: لماذا تغيب فلسطين عن تقرير "مدركات الفساد العالمي"؟

وقال الكاتب الإسرائيلي كارين هابر:" من الأفضل ألّا نكون دولة أبرتهايد، ويتعين على "إسرائيل" أن تنظر بشجاعة إلى ماضيها وواقعها، وأن تعترف بأنها ارتكبت وترتكب جرائم ضد سكان مدنيين، وأن ذلك لا يمكن أن يستمر.

أمنستي تعلن الحرب على الصهيونية

هذا واعتبرت الكاتبة في صحيفة "إسرائيل اليوم" ومدير دائرة البحوث يونا شفميلر، أن تقرير أمنيستي الذي ادعى أن "إسرائيل" هي دولة "أبرتهايد" في كل حدودها وترتكب جرائم ضد الإنسانية، هو بمثابة إعلان حرباً على المبدأ الأساس للصهيونية. 

وادعت شفميلر أن "أمنستي" ترفض بشكل صريح حق "إسرائيل" في الوجود كدولة يهودية، في ظل استخدام تعابير تصدح بلغة لاسامية مثل "سيطرة يهودية" و "تفوق يهودي". بالإضافة إلى أن التقرير زعم أن هدف إقامةدولة "إسرائيل" كان السيطرة اليهودية على المنطقة، وان "نظام الأبرتهايد بدأ في 1948". في اللحظة الأخيرة،

وفقط بعد تسريب مسودة التقرير والشجب من أرجاء العالم، أزالت "أمنستي" القول الأخير من التقرير النهائي. على حد قولها.

وأوضحت شفميلر، أن أهمية التقرير تنبع من عدة أسباب، ولكن الأول في درجته هو حقيقة أنه يكشف ويصف بالشكل الأكثر دقة هدف حركة نزع الشرعية ضد "إسرائيل"، والتي تقودها منظمات "حقوق إنسان". وأن هدف النشر هو الإيضاح بأن إقامة الدولة اليهودية كانت جريمة، وفقط بحلها سيكون ممكناً إحقاق العدل. 

وقالت الكاتبة :" مثلما في منشورات مشابهة لمنظمة بيسيلم الإسرائيلية و"هيومان رايتس ووتش"، يحدد هذا التقرير قوانين تعطي تعبيراً عن الدور الخاص لإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي تعتبرها جرائم خطيرة.

هكذا مثلا، قانون العودة، الذي يسمح ليهود الشتات بنيل المواطنة الإسرائيلية في إجراء سريع – مثل القوانين القائمة في دول ديمقراطية أخرى، يعرف كقانون عنصري.

وأشارت الكاتبة إلى أن منظمة أمنيستي تعمل أيضاً مع محكمة الجنايات الدولية في لاهاي كي تفتح تحقيقاً ضد مسؤولين إسرائيليين، وتدير موقع "70 سنة على خناق النكبة"، وتروج لجملة من حملات الـ BDS كالمطالبة بفرض الحظر على "إسرائيل" وحملات ضد شركات سياحية تعمل في "إسرائيل".

ورأت الكاتبة أن توقيت بيان "أمنستي" يدل أيضاً على حملة أوسع – تشارك فيها أكثر من دزينة منظمات غير حكومية – لإقناع العالم بأن "إسرائيل" دولة غير شرعية. سلسلة المنشورات، التي تسمي إسرائيل "ابرتهايد" – والتي تقوم على أساس تشويهات القانون الدولي وقوانين الدولة وسياستها – تشق الطريق لعدة محافل أممية تعمل، الآن، على تقارير من المتوقع أن تصم إسرائيل بهذا التعبير.

وأشارت إلى أن الحملة ترمي إلى التأثير على المدعي العام في المحكمة الدولية، في محاولة لدفعه لرفع لوائح اتهام ضد مسؤولين "إسرائيليين" على ارتكاب جريمة "الأبرتهايد". مذكرة بأن الكثير من المنظمات الحقوقية التي تدعي بأن "إسرائيل" هي دولة أبرتهايد" – وبينها منظمات إسرائيلية، فلسطينية، ودولية – التقت بالمدعية العامة السابقة للمحكمة، وتضخ تقارير ومنشورات إلى لاهاي.

وزعمت الكاتبة الاسرائيلية أن معهد "NGO Monitor" أصدر مؤخرا تقريرا يفحص عمق تعريف اصطلاح أبرتهايد وفقا للقانون الدولي، وظهر من خلال التحليل أن امنستي تستخدم تعريفاً و"هيومان رايتس ووتش"، "بتسليم" وغيرها عديم الأساس القانوني.

وادعت الكاتبة أن حملة أمنستي تحركها الكراهية لفكرة دولة يهودية ولحق الشعب اليهودي في تقرير المصير. مطالبة الأسرة الدولية أن تشجب بصوت واضح هذه الهجمة اللاسامية وأن تشجب أولئك الذين يقودونها ويمولونها.

وحظي التقرير بترحيب فلسطيني واسع، وأكد مدير مؤسسة الحق لحقوق الإنسان شعوان جبارين في حديث لـ "زوايا"، أن تقرير أمنستي يعد إضافة لمواقف مؤسسات حقوق الإنسان التي وصفت إسرائيل بالابرتهايد.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo