تقرير العنف في جامعات الضفة.. تصاعد مخيف وأسباب متعددة

جامعات الضفة الغربية
جامعات الضفة الغربية

أعادت حادثة مقتل الطالب مهران خليلية وإصابة 3 من زملائه قرب حرم الجامعة العربية الأمريكية في جنين، الأسبوع الماضي، على يد أحد زملائه الطلبة إثر خلافات اندلعت بينهم، ظاهرة العنف في الجامعات الفلسطينية إلى الواجهة.

وقبل هذه الحادثة الأليمة بأيام اعتدى ملثمون على منسق كتلة الوحدة الطلابية في جامعة بيرزيت وليد حرازمة في السكن الجامعي، مما دفع  إدارة الجامعة إلى تعليق الدوام الوجاهي لأيام، منعا لأي توتر بين الطلبة، وقد أصدرت الكتل الطلابية في جامعة بيرزيت، باستثناء شبيبة "فتح"، بيانا أدانت الاعتداء والملاحقة التي يتعرض لها نشطاء الكتل الطلابية.

وخلال الشهر الماضي تعرضت جامعة القدس عدة مرات لإطلاق نار كثيف ليلا من قبل مجهولين، مما دفع إدارة الجامعة لتعليق الدوام.ش

عقوبات تصل الى الفصل

تكرار مظاهر العنف في جامعات الضفة الغربية خلال فترات متقاربة، دفع مجلس التعليم العالي للاجتماع بشكل طارئ، واتخاذ عدة قرارات وتشديد العقوبات التي وصلت حد الفصل النهائي من الجامعة بحق مخالفي القوانين ومرتكبي التجاوزات والاعتداءات الجسدية واللفظية بكافة أشكالها في مؤسسات التعليم العالي.

وأقر المجلس تعزيز دور الأجهزة الأمنية في مساندة الأمن الجامعي، والتشديد على منع حمل الأسلحة النارية أو البيضاء منعاً باتاً بكافة أشكالها، ومن يُضبط بحوزته سلاحاً يتم فصله بشكل نهائي، وأن أية مخالفات أخرى يتم التعامل معها حسب النظام، مشددا المجلس على منع التدخل الخارجي في مؤسسات التعليم العالي.

وقرّر المجلس إعادة النظر في أنظمة مجالس الطلبة والعقوبات في مؤسسات التعليم العالي، والعمل على إعداد نظام أساسي موحد لها من خلال إشراك عمداء شؤون الطلبة مع الوزارة ومجالس الطلبة في لقاءات لهذا الغرض، وتنظيم ورش عمل وندوات تثقيفية وتوعوية لتعزيز نهج الحوار وتقبل الآخر، والعمل على طرح مساق جامعي يحمل هذه المضامين.

اقرأ أيضاً: جدار الاحتلال حول غزة.. دوافع أمنية وكوارث بيئية

ولمعالجة الظاهرة، قرّر المجلس تشكيل لجنة لإعداد دراسة حول ظاهرة العنف في مؤسسات التعليم العالي من حيث الأسباب وطُرق التعامل معها ومعالجتها.

ودعا مجلس التعليم العالي مرجعيات الأطر الطلابية إلى تقديم التوجيهات لنبذ العنف وإذكاء روح الحوار البنّاء لما فيه خير ومصلحة الوطن، داعياً في الوقت ذاته عمداء شؤون الطلبة ورؤساء المجالس الطلابية لعقد اجتماعات دورية لمنع تكرار أحداث العنف.

وأوصى المجلس باعتماد مدونة للسلوك الطلابي، واشتراط موافقة الطالب عليها قبل التحاقه بالجامعة.

ويوم الإثنين (6/12/2021)، أصدرت جامعة بيرزيت بيانا، قالت فيه إن لجنة النظام بالجامعة، بحثت خلال ثلاث عشرة جلسة، عدة أحداث أعنف وقعت في الجامعة، وهي أحداث: "محطة القبول" خلال التسجيل الأولي للطلبة المقبولين، وخلال انتخابات أندية كلية الأعمال والاقتصاد، وخلال إحياء ذكرى استشهاد ياسر عرفات، وخلال تقديم الامتحانات في مختبر "رتاج".

وأخذت الجامعة قرارات وأوقعت عقوبات مختلفة بحق طلبة خالفوا الأنظمة، بما فيها إيقاع عقوبة الإنذار الأول والنهائي بحق ثمانية طلبة، وتوصية بالفصل بحق طالب واحد حتى الآن، علاوة على تعليق وضع عدد من الطلبة حسب المادة 25 من نظام اللجنة، بما يعني منع هؤلاء الطلبة من دخول الجامعة إلى حين البتّ في قضاياهم من قبل اللجنة.

خلافات حزبية في الجامعات

غسان الخطيب، نائب رئيس جامعة بيرزيت للتنمية والاتصال، قال لـ"زوايا" إن القرارات التي اتخذها مجلس التعليم العالي، كانت شافية وشاملة، لأنها تضمنت عقوبات وإجراءات تعالج العنف، مثل تشديد العقوبات الرادعة، وزيادة الوعي والتثقيف، وضرورة قيام الجهات المجتمعية ومنها الفصائل بالأخذ بعين الاعتبار مصالح الجامعات، لان الشجارات التي تندلع بين الطلبة والعنف، تكون خلفيتها سياسية وامتداد للخلافات بين الفصائل، لذلك على الفصائل ألا تصفي حساباتها السياسية داخل ساحات الجامعات، وفق الخطيب

وردا على سؤال لـ"زوايا" حول إمكانية اتخاذ قرارات بتجميد نشاطات الكتل التي يتورط أعضائها بأحداث عنف، قال الخطيب إنه لا يوجد حاجة لتجميد نشاطات الكتل الطلابية، بل سيكون هناك مزيد من الإجراءات والعقوبات التي تتمثل في إيقاع عقوبات على أي طلبة يثبت تورطهم في صراعات عنيفة داخل الجامعة.

وأوضح أن لجنة النظام في الجامعة لها صلاحية باتخاذ قرارات معينة مثل الإنذار، لكن فصل الطالب يصدر كتوصية من اللجنة، على أن ينظر فيها مجلس الجامعة وقد يقرها أو يعدلها إلى عقوبة أخرى.

غياب البرامج التوعوية

وحول أسباب انتشار ظاهرة العنف في الجامعات، قال د. عماد اشتية رئيس نقابة الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين فرع نابلس، لـ"زوايا" إن غياب البرامج التوعوية الهادفة لإشغال أوقات الفراغ لدى الطلبة تدفعهم لأعمال عنف في المجتمع.

وللحد من هذه الظاهرة، رأى اشتية ضرورة أن تقوم إدارات الجامعات ومجالس الطلبة ونقابات العاملين فيها، بالإضافة إلى المسؤولية المجتمعية والرسمية بتبني برامج توعوية وتثقيفية، تعمّق الحس الوطني والإنساني لدى الشباب، إلى جانب برامج تطوعية لتفريغ طاقات الشباب وحثهم على تحمل المسؤولية.

كما تحتاج إلى تدخلات وجهود مهنية يقودها أخصائيون اجتماعيون ونفسيون لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع الطلبة وبناء برامج توعويه تتناسب مع احتياجاتهم وتطلعاتهم، وتنسجم مع المرحلة العمرية التي يعيشونها.

واعتبر أن ديمومة العملية الانتخابية، ومراعاة الحريات داخل الجامعات، تضمن تدافعا سلسا وايجابيا للأجيال بعيدا عن الصراعات التي تقود إلى العنف بين الطلبة.

حصر العنف في الجامعات خطيئة

من جانبه، قال د. محمد بريغيث، الأخصائي النفسي الاكلينيكي، لـ"زوايا" إن حصر العنف في الجامعات خطيئة، لأن الجامعة هي جزء من بنية المجتمع، والعنف موجود في كل المجتمعات بشكل متفاوت.

وأضاف: "هناك أسباب عديدة أساسها قادم من المجتمع، فهناك تغيرات سيكولوجية واجتماعية على الصعيد النفسي والبنية الاجتماعية للمواطن الفلسطيني، زادت معها عملية العنف".

وأوضح أن العنف ناتج عن الإحساس بالقهر والخنوع لدى الفلسطيني، بالتالي نقاش العنف كظاهرة يجب أن يتم في السياق الكلي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في المجتمع الفلسطيني والبنى التي تغيرت.

اقرأ أيضاً: بطالة متصاعدة بين خريجي الجامعات.. ماذا يحتاج سوق العمل؟

وقال: "في آخر 25 عاما تغيرت كثير من منظومات القيم لدينا بفعل تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية، ورأس المال الذي لعب دورا كبيرا، حيث أصبح المجتمع طبقتين واحدة دنيا وأخرى تمثل رأس المال الجشع، بينما انصهرت الطبقة الوسطى في الدنيا بما فيها طبقة المتعلمين والمثقفين الموظفين".

وأضاف بريغيث أن غياب الرؤيا والهدف والبوصلة والأفق لدى المواطن الفلسطيني خاصة الشباب، وزيادة غلاء المعيشة أصبح يشكل عبئا نفسيا قاهرا جدا على المواطن، وبالتالي أصبح تفريغ هذا العبء في الأسرة أو المجتمع أو الجامعة.

وأكد أن التمترس حول الحمايات والنفوذ سواء كانت العشيرة أو الحزب أو السلطة، هو أحد أسباب العنف، فمهما كان العنف الذي يقوم به الشخص لديه من يحميه، ويأتي الحل "بفنجان قهوة"، في ظل غياب القانون وغياب نزاهة القضاء.

ولحل تلك الظاهرة، رأى الأكاديمي الجامعي أن الفلسطينيين بحاجة لمراجعة المنظومة الكاملة والتربية المنزلية والحوار والمفهوم المشوه للاختلاف الذي يتحول إلى خلاف، منوها أن المطلوب إجراء مراجعة شاملة من قمة الهرم في هذا البلد، لأن الكل يتحمل المسؤولية فالجامعة جزء من المجتمع، ويجب مراجعة الفكر الذي نضخه في أبنائنا والمنهج الذي ندرسه لهم.

وشدد بريغيث على "ضرورة مراجعة الخطاب الذي من خلاله نربي به الأجيال، فمقاومة الاحتلال كانت هدفا لنا، لكن اليوم أصبحنا نقارع أنفسنا"

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo