تقرير ما الذي يثير غضب السلطة من توريد مصر سيارات لغزة؟

سيارات
سيارات

 

أثارت أنباء تداولتها وسائل إعلام عديدة، حول سماح للجنة متابعة العمل الحكومي في قطاع غزة، لمستوردي السيارات باستيراد مركبات حديثة وقديمة من مصر، غضب السلطة الفلسطينية في رام الله.

واعتبرت السلطة، أن تحويل استيراد السيارات من معبر بيت حانون شمال قطاع غزة الى معبر رفح البري "جزء من خطة لانفصال" قطاع غزة عن الضفة الغربية، كما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" على لسان مصدر مسؤول فيها.

وسمحت السلطات المصرية في السابق، عدة مرات، بتوريد السيارات لقطاع غزة، كما تسمح بإدخال كميات كبيرة من الغاز والبنزين والسولار للاستخدام الخاص، إضافة إلى كميات من الإسمنت الخاص بالبناء وأدوية وبضائع بشكل شبه يومي.

المركبات لم تدخل منذ شهرين

ولم يسمح الاحتلال الإسرائيلي بإدخال المركبات إلى قطاع غزة منذ أكثر من شهرين، أي منذ شن الاحتلال عدوانه الأخير على القطاع في العاشر من مايو الماضي من العام الجاري 2021.

ووفقاً لإحصاءات رسمية حصلت عليها "زوايا" من وزارة النقل والمواصلات في حكومة غزة، فإن عدد المركبات المستوردة عبر المعابر التي يتحكم بها الاحتلال الإسرائيلي مع قطاع غزة، بلغت خلال العام الجاري 2021 (1150 مركبة ملاكي وتجاري) في حين أن عدد المركبات المستوردة خلال العام الماضي 2020 بلغت (2781 مركبة ملاكي وتجاري).

علماً أن مجموع ما تم استيراده من المركبات لقطاع غزة خلال العشرة أعوام الماضية بلغ (30565) من مختلف التصنيفات.

وتشير الإحصاءات إلى أن إجمالي المركبات الملاكي في قطاع غزة عددها (47219) حيث أن المرخص منها (20141) بنسبة 42.7%.

اقرأ أيضاً: هل نشهد تغييراً وشيكاً لحكومة اشتية؟

 

أما إجمالي عدد المركبات التجاري في القطاع هو (14927) والمرخص منها 30.2%، بينما إجمالي عدد مركبات العمومي والباصات هو (12224) والمرخص منها (1192) بنسبة 9.8% فقط.

 أضرار وجمارك وغلاء

وشكل المنع الإسرائيلي لإدخال المركبات إلى قطاع غزة، أضراراً وخسائر للتجار ومستوردي السيارات، فضلاً عن عزوف الراغبين باقتناء السيارات الحديثة عن الشراء، بسبب غلاء أسعارها.

فمن جملة المتضررين الذين تحدثوا لـ"زوايا"، وائل الهليس صاحب شركة تجارة سيارات، الذي ذكر أنه نتيجة لعدم دخول المركبات لقطاع غزة من المعابر الإسرائيلية، فإن سوق السيارات تأثر بشكل كبير جداً، حيث زاد الطلب وقل العرض، وبالتالي انعكس على أسعار المركبات فأصبحت مرتفعة.

ويؤكد الهليس، أن هناك حاجة طبيعية لاستخدام المركبات وذلك لأن الطلب كثير جداً، ولكن العرض قليل جداً، مشيراً إلى أن معدل بيع المركبات انخفض هذا العام عن الأعوام السابقة بمعدل 50%.

وكمن سبقه، فقد أكد تاجر السيارات حسام بدوان، وجود عجز كبير في سوق السيارات بقطاع غزة، وذلك بسبب عدم إدخال المركبات من قبل الاحتلال عبر المعابر التي تربط القطاع بالداخل المحتل.

وأشار إلى أن أضراراً وخسائر كبيرة تكبدها تجار السيارات، تتمثل في ما أسماها "دفع أرضية وأموال راكدة لم تتحرك".

ولفت إلى أن السوق المحلي للسيارات في القطاع، يشهد أسعاراً مرتفعة جداً نتيجة عدم إدخال المركبات، منوهاً إلى أن جائجة كورونا التي ضربت قطاع غزة والمناطق المحيطة به "كانت سببا بارزا لارتفاع أسعار السيارات عالمياً"، على حد تعبيره.

بدوره، أكد إسماعيل حسونة نقيب جمعية مستوردي السيارات في قطاع غزة، أنه منذ شهرين لم يتم إدخال أي مركبة سواء ملاكي أو تجاري إلى قطاع غزة، مشيراً إلى أن نحو 500 مركبة مدفوعة جماركها موجودة الآن في الموانئ الإسرائيلية، وبانتظار السماح لها بالدخول إلى قطاع غزة في حال فتح الاحتلال المعابر.

وعبر عن أسفه لعدم وجود تقدير محدد لديهم حول عدد السيارات المطلوب إدخالها إلى قطاع غزة، مُرجعاً السبب "لأن قطاع غزة مُشبع بالمركبات قديمة الموديل (المتهالكة)، ولا يمكنهم التقدير بدون تكهين هذه المركبات التي ليس بها عوامل ووسائل أمان لركابها".

وأوضح حسونة في حديثه لـ"زوايا" بأن تقدير الأعداد المطلوبة مرتبط بعدد السيارات التي من المفترض أن يتم تكهينها، حتى يكون هناك شاغر واحتياج معروف ودقيق، مشدداً على أهمية أن يتم إعداد خطة من قبل الجهات الرسمية في القطاع بالتعاون مع نقابته، من أجل إتلاف السيارات القديمة واستيراد الحديثة منها.

وأشار إلى أن قطاع غزة مزدحم بالسيارات القديمة، بما يعادل نصف مجمل عدد السيارات الموجودة في القطاع، مشدداً على الحاجة الملحة لإدخال السيارات الحديثة للراغبين باقتنائها، حيث الطلب لم يتوقف من الكثيرين في القطاعين الخاص والعام لمواكبة الحداثة والتطور التكنولوجي في السيارات.

ونفى حسونة أن يكون لديهم أي معلومات رسمية حول القرار المصري بالسماح بتوريد السيارات لقطاع غزة، وأن ما سمعوه بالخصوص كان من الإعلام فقط، مردفاً أن وزارة النقل والمواصلات في عزة نفت أن أي يكون هنالك قرار أو اتفاق حول تغيير مسار إدخال السيارات عبر المعابر المصرية بدلاً من المعابر التي يسيطر عليها الاحتلال.

ونوه في السياق، إلى أن السيارات المصرية كانت تعبر في السابق "بعدد ضئيل جداً بواسطة تجار معدودين وبطرق شخصية وبدون أي قناة رسمية".

وفيما يتعلق بالقيمة الجمركية المفروضة على إدخال السيارات من حكومتي غزة والضفة، فقد نفى حسونة أن يكون هناك "فرض جمارك أو ضرائب على السيارات من قبل الحكومة في غزة"، لكنه بالمقابل أكد على "أن الجمارك والضرائب تفرضها فقط الحكومة في الضفة، حيث تختلف قيمتها من سيارة لأخرى ومن موديل إلى آخر".

وللتأكد من حديث حسونة الأخير، تواصلت "زوايا" مع إياد بكرون مدير عام الجمارك والمكوس بوزارة المالية في حكومة غزة، والذي أكد بدوره عدم فرض وزارته لأي جمارك أو ضرائب على إدخال المركبات إلى قطاع غزة.

وقال بكرون في حديثه المقتضب "إن الجهة الوحيدة التي تفرض الجمارك والضرائب على السيارات الواردة إلى غزة هي وزارة المالية في حكومة رام الله"، حسب تعبيره.

وتجدر الإشارة إلى أن إدارة الجمارك في غزة، كانت قد فرضت في العام 2017 ضريبة شراء إضافية بقيمة 25% على شركات استيراد السيارات في القطاع، حيث لم يدم العمل بالقرار طويلاً، في حين كانت تفرض حكومة رام الله ضريبة بقيمة 50%، وبذلك تصبح قيمة الضريبة على السيارة الواحدة التي تدخل القطاع 75% آنذاك.

وحول الحالة التسويقية للسيارات في القطاع بالنسبة للطلب والتصريف والأسعار، فوصفها نقيب جمعية مستوردي السيارات في قطاع غزة بـ"الضئيلة جداً"، بسبب الحصار والاحتلال، وربطها بالحالة السياسية والأمنية في القطاع، مشيراً إلى تضرر عدد كبير من المركبات خلال العدوان الإسرائيلي الأخير في مايو من العام الجاري.

كما أرجع حسونة ارتفاع أسعار المركبات في القطاع من وجهة نظر المستهلكين، إلى ارتفاع الأسعار من "بلاد المنشأ، مثل كوريا وألمانيا"، حيث تشهد البلاد التي يتم الاستيراد منها غلاءً عالمياً، إضافة إلى ارتفاع أسعار الجمارك من قبل السلطة برام الله، فضلاً عن الحالة الاقتصادية، التي لا تسمح للمواطن باقتناء مركبة بسعر طبيعي، نتيجة لقلة الرواتب وخلافه.

وعبر حسونة عن سعيهم في نقابة مستوردي السيارات في القطاع، إلى تحسين "إسطول المركبات"، ومواكبة العصرية والحداثة العالمية، وتتماشى مع المواصفات الدولية.

كما أعرب عن أملهم في النقابة أن يتم تخفيض الجمارك على استيراد السيارات من قبل السلطة برام الله، وأن يكون هناك إعفاءات في ظل الحصار والحروب التي تعرض لها القطاع، داعياً إلى أن يكون هناك تسهيلات في هذا المضمار، من قبل الجهات الحكومية المختصة سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

"السلطة شريكة في الحصار"

من جانبه، أكد خليل الزيان مدير عام النقل والمواصلات في حكومة غزة والمتحدث باسمها، أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع إدخال المركبات إلى قطاع غزة منذ نحو شهرين، أي مع بداية عدوانه على قطاع غزة في مايو 2021 الجاري وحتى الآن.

وذكر الزيان لـ"زوايا" أن المنع الإسرائيلي تسبب في ارتفاع أسعار المركبات بشكل كبير، مما أثر بشكل ملحوظ على الاقتصاد الفلسطيني، حيث كان يدخل للقطاع أسبوعياً أكثر من 40 مركبة.

وأوضح أن منع إدخال المركبات، تسبب بخسارة فادحة للتجار في قطاعي استيراد المركبات وقطع غيار السيارات ، لافتاً إلى أن أكثر من 500 مركبة محجوزة في ميناء "إسدود" في الداخل المحتل لم يسمح الاحتلال بعبورها للقطاع.

وشدد الزيان على ضرورة تفكيك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وأن لا يبقى الاحتلال يتحكم في إدخال المركبات وغيرها من المواد الأساسية للقطاع، مؤكداً أن الحكومة في غزة لا تعترض على استيراد المركبات من الجانب المصري، وأن وزارته تُشجِع التجار على إدخالها لأنه سيساهم في كسر الحصار وتفكيكه.

وقال: "عمقنا العربي أولى من الاحتلال في استيراد المركبات، فأسعارها تكون أفضل بكثير من استيرادها من الجانب الإسرائيلي"، مشدداً على أن تكون المركبات ضمن المواصفات والمعايير الدولية، وأن تكون مزودة بوسائل السلامة المرورية.

وأضاف: "لن نقبل إدخال أي نوع من المركبات تتسبب بحوادث مرورية، نتيجة إشكاليات فنية وعدم خضوعها للمعايير الدولية لصناعة وإنتاج السيارات".

وأشار الزيان إلى محددات وزارته في غزة لإدخال المركبات عبر المعابر الإسرائيلية، بحيث لا يزيد عمر المركبة عن أربعة أعوام، أي فوق موديل 2017 فما فوق "ثلاث سنوات مع سنة الإنتاج"، وفقاً للنظام المعمول به لديهم.

وعند سؤاله، حول ما أثير مؤخراً عن غضب السلطة برام الله لسماح مصر بتوريد السيارات الحديثة والقديمة لغزة؟، فقد اعتبر هذا الغضب ناتج عن "عدم رغبة السلطة في فكفكة الحصار عن القطاع، بل إنها شريكة في الحصار مع الاحتلال"، على حد تعبيره.

ويرى أن السلطة برام الله لا يروق لها عدم التحكم في جباية الجمارك والضرائب نتيجة دخول السيارات عبر منفذ رفح البري الفاصل بين قطاع غزة ومصر، عاداً أن ذلك يأتي ذلك في إطار المناكفات مع خصومها السياسيين، مما يدفعها لمحاولة الضغط على الجانب المصري بشكل مباشر أو من خلال الاحتلال لقطع الطريق على أي قرار مصري يمكن أن يصدر بالخصوص.

وفي الإطار، فقد أكد الزيان أنه حتى اللحظة لم يتم إدخال أي مركبة من قبل الجانب المصري، غير أنه شدد على أنهم في حكومة غزة يعززون من هذا الجانب، حيث يتم الدفع بأهمية بإدخال السيارات من مصر، لأن ذلك يساعد في تفكيك الحصار ويعزز التوريد العربي وخاصة المصري.

اقرأ أيضاً: حي البستان .. تهجير قسري ومخطط للانقضاض على الأقصى

وحول ما إذا كان لوزارته خطة لتوازن سوق السيارات في المرحلة المقبلة أو إجراءات محددة لمنع الغلاء والاحتكار؟، فقد اكتفى الزيان بالقول: "أن وزارته لا تتدخل بشكل مباشر في تحديد الأسعار"، ولكنه اعتبر أنه عندما تتوفر المركبات بشكل طبيعي ويتوازن العرض والطلب عليها، فإن السوق سوف يضبط نفسه تلقائياً ولن يكون هناك مجال للاحتكار.

واقع النقل والمواصلات في فلسطين

ورغم المحاولات المتكررة، فلم يتسنَ لـ"زوايا" الحصول على معلومات أو تعقيب رسمي من وزارة النقل والمواصلات أو أيِ من مفاصل الحكومة في رام الله، حول مجمل القضايا سالفة الذكر، وخاصة فيما يتعلق بالموقف الرسمي من إدخال المركبات إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري.

غير أن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ووزارة النقل والمواصلات في الضفة، أصدرا تقريراً مشتركاً في مارس من العام الماضي 2020 حول واقع قطاع النقل والمواصلات في فلسطين.

وأظهرت نتائج مسح النقل خارج المنشآت 2019 أن عدد المركبات العاملة في هذا القطاع بلغ 10,979مركبة في فلسطين، منها 8,367 مركبة في الضفة الغربية و2,612 مركبة في قطاع غزة.

وبلغ عدد العاملين في قطاع النقل خارج المنشآت في فلسطين 11,587 عاملاً، منهم 8,873 عاملاً في الضفة الغربية، و2,714 عاملاً في قطاع غزة.

كما بلغت قيمة إجمالي تعويضات العاملين بأجر لقطاع النقل خارج المنشآت في فلسطين 41 مليون دولار أمريكي منها 38 مليون دولار أمريكي في الضفة الغربية و3 مليون دولار أمريكي في قطاع غزة، وفقاً لما جاء في التقرير المذكور.

خاص: زوايا

 

 

المصدر : زوايا
atyaf logo