كشف تحليل لاستراتيجية الأمن القومي الأميركي الصادرة في نوفمبر 2025 عن تحول جذري في التعامل الأميركي مع القضية الفلسطينية، حيث تراجعت من كونها "ضرورة استراتيجية" إلى مجرد "هامش إنساني" في أولويات واشنطن.
إغلاق الملف الفلسطيني استراتيجياً
وفقاً لتحليل وزير الخارجية المصري السابق نبيل فهمي، فإن الوثيقة الاستراتيجية لم تتضمن أي ذكر لنشر الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو حتى عبارة "حل الدولتين" التي ظلت لعقود محوراً في الخطاب الأميركي.
مشيرا إلى أن الملف الفلسطيني أصبح "مغلقاً عملياً كقضية استراتيجية"، مع تحديد مصير واضح لكل من غزة والضفة الغربية.
مستقبل غزة: إعادة إعمار مشروطة
بالنسبة لغزة، تنص الاستراتيجية على أن إعادة البناء ستتم بشرط واحد صارم: نزع السلاح الكامل. هذا يعني أن أي جهود لإعادة إعمار القطاع المدمر ستكون مرهونة بضمانات أمنية مشددة تضمن عدم عودة أي قدرات عسكرية.
الضفة الغربية: الضم الفعلي بلا اعتراض
أما الضفة الغربية، فوفقاً لفهمي، ستتجه نحو "ضم فعلي دون اعتراض أميركي"، في تحول دراماتيكي عن السياسات الأميركية السابقة التي كانت تعارض، ولو شكلياً، التوسع الاستيطاني.
إلغاء القيود على إسرائيل
يكشف التحليل أن الإدارة الأميركية ألغت كافة القيود السابقة على إسرائيل، بما في ذلك:
- الدعوات العلنية لضبط النفس في غزة أو لبنان
- الضغط على المستوطنات
- ربط مبيعات الأسلحة بتقدم على مسار الدولة الفلسطينية
وللمرة الأولى منذ عام 1967، تتمتع إسرائيل بحرية استراتيجية غير محدودة مدعومة بتأييد أميركي واضح وبلا قيود.
تفويض مطلق ضمن محور إقليمي جديد
تُعتبر القدس المحتلة، وفق الاستراتيجية الجديدة، "الركيزة الشرقية" لتحالف إقليمي جديد موجه ضد إيران. وستحصل إسرائيل على كميات ضخمة من الأسلحة المتقدمة والغطاء الأمني مقابل التطبيع الكامل مع الدول العربية.
والأهم من ذلك، أن واشنطن لن تعلق على كيفية استخدام الأسلحة التي تبيعها لإسرائيل، طالما وُجهت ضد إيران أو وكلائها.
نهاية حقبة
يمثل هذا التحول نهاية حقبة امتدت لعقود كانت فيها القضية الفلسطينية تحتل موقعاً مركزياً في السياسة الأميركية بالشرق الأوسط، لتصبح الآن مجرد قضية هامشية في استراتيجية أوسع تركز على مواجهة إيران والصين وتأمين مصالح الطاقة الأميركية بأقل تكلفة ممكنة.
