جرد حساب فلسطيني

جرد حساب فلسطيني
جرد حساب فلسطيني

غزة… ما قبل 7 أكتوبر وما بعده

قبل السابع من أكتوبر كانت غزة تحيا بعناد يدهش الموت نفسه.

مدارسها تفتح رغم الحصار وجامعاتها تضج بالحلم ومستشفياتها تقاتل بما تبقى من أمل وكهرباء.كانت الحياة هشة لكنها كانت حياة.

ثم جاء السابع من أكتوبر فانكسر الإيقاع.تحول الدرس إلى ركام والمقاعد إلى قبور صغيرة.بحسب تقارير الأمم المتحدة أكثر من 65 ألف شهيد و167 ألف جريح منذ بدء الحرب أرقام لا تحصي الموت بل توثق تفكيك مجتمع كامل.

المدارس نحو 95% منها إما دمرت أو تحولت إلى ملاجئ.الطفل الذي كان يكتب درسه صار يكتب اسمه على كيس طحين.والجامعة التي خرّجت الأطباء تحولت إلى خيمة إسعاف.لم تكن حربا على الجغرافيا بل حربا على الوجود نفسه.

الانقسام الفلسطيني… عجز وطن او عجز محاور

بعد عامين من حرب متواصلة تكشف العُرى الفلسطيني بلا أقنعة.

الانقسام بين غزة والضفة لم يعد خلافا سياسيا بل شللا وطنيا عطل القرار وأفقد القضية بوصلتها.الإصلاح لم يعد ترفا إداريا بل معركة وجود.

إما تجديد شامل لمؤسسات السلطة ومحاسبة الفاسدين.

أو ضياع ما تبقى من الوطن بين رماد الحرب وموائد المساعدات.

الدولة الفلسطينية… من الفكرة إلى الواقع

لن يعترف بدولة منقسمة على ذاتها.فشرعية فلسطين تبدأ من وحدتها.

أكثر من 140 دولة تعترف باسمها.لكن العالم ينتظر وجها واحدا وصوتا واحدا يعبر عن شعب واحد.

اليوم لم يعد الطريق إلى الدولة يمر عبر قرارات الأمم المتحدة.

بل عبر قرار فلسطيني موحد يعيد بناء السلطة كإطار وطني جامع.

فالوحدة ليست شعارا بل شرط بقاء.

إن إنهاء الانقسام ليس خيارا سياسيا بل شرط وجود وشرط اعتراف.

فالعالم لا يعترف بدولة تتنازعها رايتان ولا يحترم سلطة مقسومة على نفسها.

أكثر من مئة وأربعين دولة تقول نعم لفلسطين.

لكن هذه الـ"نعم" تبقى ناقصة ما دامت القيادة منقسمة والقرار متنازعا عليه.

الاعتراف لا ينتزع من المنابر بل من وحدة تعيد للدولة ملامحها وللشعب صوته.الحديث عن "حل الدولتين" لن يثمر ما لم يكن الفلسطينيون دولة أولا في قرارهم.وما لم تتحول دماء غزة إلى خاتم ميلاد جديد للدولة لا مرثية لها.

بلا أسماء… عدالة العار

إسرائيل سلمت مئة وخمسة وثلاثين جثمانا لشهداء من غزة.

جثامين بلا أسماء بلا وجوه بلا هوية.وفي المقابل يطلب من الفلسطيني أن يثبت هوية كل قتيل إسرائيلي بالحمض النووي.تلك هي العدالة حين تدار بميزان أعوج.يمنح القاتل اسما ويسلب الضحية حتى رقمها الأخير.

تحول الموت إلى سياسة والجثة إلى وثيقة تفاوض.الاحتلال لا يقتل الجسد فحسب بل يمحو الاسم ويطمس الذاكرة.في عرفه الفلسطيني لا يولد ليُذكر بل ليموت ويُحصى أي قانون هذا الذي يراهن على المختبر وينسى الإنسان.

وأي عالم يكتب شهادات الوفاة بيد ويوقع اتفاقيات السلاح باليد الأخرى.

135 جثمانا.لكن خلف كل رقم وطن يحاول أن يتذكر قبل أن يُمحى.

أخيرا نسأل

هل صرنا أرقاما حتى في الموت.

ومن لا يملك اسما في موته هل سيعترف به العالم في حياته.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo