تقدير موقف

خطة ترامب بشأن غزة فرصة ضعيفة لا تمنع تجدد الصراع

حرب غزة
حرب غزة

أولاً: تقييم الوضع الراهن

تمثل خطة الرئيس ترامب محاولة أمريكية لكسر حالة الجمود في قطاع غزة، لكنها تواجه تحديات عميقة تتعلق بالثقة المتبادلة وآليات التنفيذ. الخطة تحاول أن تعكس إدراكًا للتعقيدات الميدانية، لكنها تفتقر إلى ضمانات تنفيذية حاسمة قد تؤدي إلى فشلها على المدى المتوسط والبعيد.

ثانيًا: نقاط القوة في الخطة

  1. الإطار التدريجي
  • تركيز على المراحل الأولية القابلة للتحقيق (وقف إطلاق النار، تبادل الرهائن/الأسرى)
  • نهج واقعي يعترف بصعوبة حل جميع القضايا دفعة واحدة
  1. الدور الدولي المحتمل
  • طرح فكرة قوة دولية لما بعد الحرب قد يوفر حاجزًا أمنيًا
  • إشراك أطراف إقليمية في إدارة المرحلة الانتقالية

ثالثًا: مكامن الضعف الحرجة

  1. غياب الضمانات الأمنية

لحماس:

  • مطلوب منها نزع السلاح الكامل دون ضمانات لسلامة قياداتها
  • عدم وجود آليات حماية من الاغتيالات أو الملاحقة الإسرائيلية
  • هذا يجعل قبول الخطة انتحارًا سياسيًا وأمنيًا لقيادة الحركة

لإسرائيل:

  • غموض جدول الانسحاب ونطاقه الجغرافي
  • عدم وضوح الضمانات الأمنية البديلة بعد الانسحاب
  • التناقض بين رفض عودة السلطة الفلسطينية ورفض فكرة الدولة الفلسطينية

2- فجوة المصداقية الدولية

  • الاعتماد على "التحرك بقوة دبلوماسيًا" من أمريكا دون آليات إلزام قانوني
  • السجل التاريخي يشير إلى عدم قدرة أو رغبة أمريكا في الضغط الفعلي على إسرائيل
  • غياب عقوبات واضحة في حال عدم التزام أي طرف

3- معضلة الحوكمة المستقبلية

  • من سيحكم غزة بعد نزع سلاح حماس؟
  • السلطة الفلسطينية مرفوضة إسرائيليًا
  • القوة الدولية: من سيشارك فيها؟ ما صلاحياتها؟ كم ستبقى؟

رابعًا: سيناريوهات محتملة

السيناريو الأول: النجاح الجزئي

  • تحقيق المرحلة الأولى: وقف إطلاق نار مؤقت وتبادل محدود
  • تعثر المراحل اللاحقة وعودة التصعيد خلال 6-12 شهرًا
  • نتيجة: عودة إلى نقطة الصفر مع مزيد من الدمار

السيناريو الثاني: الفشل السريع

  • رفض حماس نزع السلاح دون ضمانات حقيقية
  • رفض إسرائيل الانسحاب الكامل أو قبول أي كيان فلسطيني
  • نتيجة: استمرار الحرب الاستنزافية

السيناريو الثالث: النجاح المشروط

  • تدخل أطراف إقليمية (مصر، قطر، السعودية، الإمارات) بضمانات حقيقية
  • توافق دولي على قوة حفظ سلام فعالة بولاية واضحة
  • ربط الخطة بحوافز اقتصادية وسياسية ضخمة
  • نتيجة: استقرار مؤقت قابل للبناء عليه

خامسًا: التوصيات

على المستوى الأمريكي

  1. تحويل الضمانات إلى التزامات قانونية مكتوبة وموقعة
  2. تحديد جدول زمني ملزم للانسحاب الإسرائيلي مع آليات مراقبة دولية
  3. ربط المساعدات الأمريكية لإسرائيل بالالتزام بمراحل الخطة

على المستوى الإقليمي

  1. تشكيل آلية إقليمية ضامنة (مصر-السعودية-الإمارات-قطر - تركيا) لتقديم ضمانات أمنية لحماس
  2. إعداد خطة حوكمة انتقالية بديلة عن حماس والسلطة الفلسطينية
  3. تأمين تمويل دولي ضخم لإعادة إعمار غزة كحافز للسلام

على المستوى الدولي

  1. تشكيل قوة دولية بولاية واضحة من مجلس الأمن (الفصل السابع إذا لزم)
  2. إشراك الاتحاد الأوروبي كضامن مستقل ومصدر تمويل
  3. إنشاء آلية تحكيم دولية للنزاعات حول تفسير بنود الاتفاق

سادسًا: الخلاصة

خطة ترامب تمثل فرصة ضعيفة لكنها ربما تكون الأخيرة لتجنب حرب استنزاف طويلة الأمد. نجاحها يتطلب:

  • إرادة سياسية أمريكية حقيقية للضغط على إسرائيل
  • ضمانات أمنية ملموسة لحماس تبرر تخليها عن السلاح
  • بديل حوكمة واضح يملأ الفراغ بعد نزع سلاح حماس
  • التزام دولي مالي وأمني طويل الأمد

التقييم النهائي: بدون معالجة الثغرات الثلاث الحرجة (الضمانات الأمنية، آليات التنفيذ، الحوكمة المستقبلية)، فإن الخطة ستتحول إلى "عملية سلام مجزأة ومدارة خارجيًا وغير ناجحة" كما حذر التحليل. الحاجة الملحة هي لتحويل الإطار العام إلى خارطة طريق تفصيلية مع ضمانات قابلة للتنفيذ وليس مجرد وعود دبلوماسية.

 

المصدر: عدد من نشرات مراكز الدارسات الدولية

المصدر : فريق زوايا
atyaf logo