في أعقاب العدوان الإسرائيلي على قطر في 9 سبتمبر 2025، انعقدت القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة التي خرجت بقرار يدعو إلى مراجعة العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع إسرائيل. يمثل هذا القرار نقطة تحول محتملة في المشهد الاقتصادي والسياسي الإقليمي، خاصة مع تزامنه مع العدوان الواسع على مدينة غزة.
ما هو القرار؟
القرار لا يفرض قطعاً فورياً موحداً للعلاقات، بل يدعو إلى "مراجعة" تتيح مساحة للتدرج في الإجراءات بين الدول المختلفة. تتراوح هذه الإجراءات من:
خطوات رمزية: استدعاء السفراء وتعليق الزيارات الرسمية
خطوات عملية: فرض قيود تجارية وإلغاء اتفاقيات اقتصادية
التحديات التنفيذية
يواجه القرار عدة تحديات جوهرية:
- عدم بلورة آليات تنفيذ واضحة في البيان الختامي
- غياب بعض القادة للدول ذات العلاقات التجارية القوية مع إسرائيل
- عدم وجود خطة تكامل عربية إسلامية واضحة المعالم
خريطة العلاقات الاقتصادية الحالية
علاقات قوية (التكلفة العالية للقطع)
دولة الإمارات العربية المتحدة
حجم التجارة الثنائية: 3.2 مليار دولار (2024)
- نمو بنسبة 11% عن العام السابق
- صادرات إماراتية: 1.65 مليار دولار
- إلغاء 96% من الرسوم الجمركية
- هدف الوصول لـ 10 مليارات دولار بحلول 2030
علاقات متوسطة (التأثير المتدرج)
المغرب
- صادرات: 61 مليون دولار
- استثمارات إسرائيلية: 637 مليون دولار
- سياحة: 200 ألف زائر إسرائيلي (2022)
- اتفاقيات طاقة وتنقيب عن الغاز
الأردن
- صادرات: 143 مليون دولار (ارتفاع من 84.1 مليون في 2020)
- اتفاقية تعاون تجاري واقتصادي
البحرين
- التبادل التجاري: 16.8 مليون دولار (يونيو 2024)
- إجمالي التبادل 2021-2024: 50.36 مليون دولار
- علاقات ضعيفة (تكلفة منخفضة للقطع)
- لبنان، ليبيا، الجزائر، العراق، السعودية، الكويت
- لا توجد علاقات اقتصادية كبيرة مع إسرائيل
السيناريوهات المحتملة وتقييمها
السيناريو الأول: الاستجابة الكاملة والالتزام الجماعي
الاحتمالية: منخفضة جداً
المزايا المحتملة:
- ضغوط اقتصادية قوية على إسرائيل
- رسالة سياسية موحدة قوية
- تعزيز التضامن العربي الإسلامي
التحديات والمخاطر:
- خسائر اقتصادية مباشرة كبيرة لبعض الدول
- احتمالية فرض عقوبات أمريكية
- غياب آليات التعويض والبدائل
السيناريو الثاني: الاستجابة الجزئية والانتقائية
الاحتمالية: عالية (السيناريو الأرجح)
المتوقع:
- التزام فوري من الدول ذات العلاقات الضعيفة
- تنفيذ تدريجي من الدول ذات العلاقات المتوسطة
- إجراءات رمزية من الدول ذات العلاقات القوية
- تجميد للمشروعات الجديدة مع الحفاظ على العقود الكبرى
السيناريو الثالث: التراجع عن التنفيذ
الاحتمالية: متوسطة
المخاطر:
- فقدان المصداقية للقرارات الجماعية العربية
- تآكل الثقة الشعبية
- ضعف الموقف التفاوضي العربي
التداعيات المتوقعة
الآثار الاقتصادية
على إسرائيل:
- تأثير محدود في المدى القصير
- ضغوط في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا
- تراجع في الاستثمارات طويلة المدى
على الدول العربية:
- خسائر متفاوتة حسب مستوى الارتباط
- ضرورة إيجاد أسواق وشركاء بديلين
- إعادة توجيه التجارة البينية العربية
- الآثار السياسية والاستراتيجية
- رسالة قوية للرأي العام العربي والإسلامي
- إرسال إشارة للإدارة الأمريكية حول الحدود الحمراء
- تعزيز التضامن مع القضية الفلسطينية وقطر
التوصيات
على المدى القصير
- تطوير آليات تنفيذ واضحة مع جدول زمني محدد
- إنشاء صندوق تعويضي لدعم الدول المتضررة اقتصادياً
- تعزيز التجارة البينية العربية كبديل للأسواق الإسرائيلية
- التنسيق مع القوى الدولية لتجنب العقوبات المضادة
على المدى المتوسط
- بناء شبكة اقتصادية عربية إسلامية متكاملة
- تطوير قطاعات استراتيجية بديلة خاصة في التكنولوجيا والطاقة
- تعزيز الاستثمار في البنية التحتية للتجارة البينية
- إنشاء مؤسسات مالية إقليمية لدعم التبادل التجاري
الخلاصة
يمثل قرار قمة الدوحة خطوة مهمة في مسار المقاومة الاقتصادية للسياسات الإسرائيلية، لكن نجاحه يتوقف على عوامل عدة أبرزها الإرادة السياسية الموحدة ووجود البدائل الاقتصادية. السيناريو الأرجح هو التنفيذ الجزئي والتدريجي، مما سيحقق تأثيراً سياسياً ومعنوياً مهماً رغم محدودية الأثر الاقتصادي المباشر.
النجاح الحقيقي لهذا القرار يتطلب تحولاً جذرياً نحو التكامل الاقتصادي العربي الإسلامي، وهو ما يحتاج لرؤية استراتيجية طويلة المدى وإرادة سياسية حقيقية للتغيير. المرحلة الحالية تمثل اختباراً مهماً لقدرة العالم العربي والإسلامي على ترجمة المواقف السياسية إلى إجراءات اقتصادية فعالة.
