هل يحتاج الفلسطيني لصفقة واحدة ؟

إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليون
إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليون

1. الإبادة المُبرَّرة بحجة أسطورة نووية

من أكبر الأكاذيب التي روجتها أمريكا وإسرائيل: أن غزة تخبّئ من وراء كل خيمة "قاعة عمليات" ومن خلف كل طفل "تهديد نووي". هذه الرواية الساخرة تُستخدم لتصوير المنطقة كمسرح حقيقي مسرح الإبادة حتى نهاية يوليو 2025، أصيب أكثر من 136,000 فلسطيني، وقُتل بين 58,500 و57,600 حسب تقارير وزارة الصحة في غزة، لكن العدد الحقيقي يُحتمل أن يكون أكبر من ذلك بمقاييس مستقلة

في ظل هذا الكم من الدم، تستمر آلة الدعاية في صنع عدو وهمي، بينما تُترك غزة لموتها تحت أسطورة "حفظ امن دول الاحتلال اسرائيلي "

ترامب الذي يرفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية حتى قبل وقف النار، يصطدم اليوم بـمبادرة سعودية‑فرنسية تُتبنّى مشروع دولة فلسطينية مع حل الدولتين مع تهديد علني من بريطانيا وفرنسا وكندا باعتراف رسمي في سبتمبر إذا أخفقت إسرائيل في اتخاذ خطوات جادة لوقف الحرب وإعادة إطلاق عملية سلام جدية

ترامب، الذي لطالما باع وعد "السلام أولًا، ثم الاعتراف"، يجد طموحه يتهاوى أمام معادلة أخلاقية واضحة: الاعتراف لم يعد رفاهية سياسية، بل ضغطٌ دولي لكبح الإبادة

ترامب: حين يُصبح الكذب عقيدة، والمجزرة رأيًا سياسيًا

في الوقت الذي غاصت فيه غواصة أمريكية نووية في مياه الخليج لردع إيران لم تنقذ غزة يوماً من سجونها المدمرة. المساعدات الإنسانية التي تصلها غالبًا ما تُحوّل إلى مشاهد موت: حتى 798 قتيلًا تم تسجيلهم قرب مراكز توزيع الغذاء وحدها

المأساة هنا: أن الطبق الذي يُلقى من السماء على جثث لا يمثل وقفًا للمجزرة، بل "تهدئة دعائية" تجعل من قنابل الإعلام أداة أكثر ديمومة من المدفعية

نتنياهو وحماس: خصمان أم شريكان في لعبة البقاء؟

في قلب الكارثة، يهمس السؤال الأخطر في صالونات التحليل لا في نشرات الأخبار: هل أصبح بقاء حماس ضرورة استراتيجية لبقاء نتنياهو؟ في المشهد، يبدو أن كليهما يتغذّى على الآخر: حماس تبقى "المقاومة الوحيدة" في ظل غياب أي بديل سياسي شرعي مقبول وفاعل، ونتنياهو يبقى "رجل الأمن الأبدي" في ظل استمرار "التهديد".

لكنّ ما أربك هذا التوازن الملتبس مؤخرًا، هو أن حماس عرضت إطلاق جميع الرهائن دفعة واحدة في سياق وقف شامل لإطلاق النار، فرفضت إسرائيل، وأصيب ويتكوف بالصمم المؤقت. فالرجل الذي يُفترض أن يكون مبعوثًا للسلام، لا يتعامل إلا مع طرف واحد، ويرى القضية من عين تل أبيب فقط. زار "مؤسسة غزة الإنسانية" – وهي بالمناسبة مؤسسة أمريكية‑إسرائيلية بامتياز – لكنه لم يزر غزة نفسها، لم ير الشوارع، لم يسمع نبض الجوع، ولا بكاء الطفل المعاق الذي ينتظر جرعة دواء غير متوفرة في البازار الإنساني.

هندسة الجوع

التي تديرها واشنطن تحت اسم "الدعم الإنساني" ليست إلا عبثًا بلون أخلاقي باهت. لا توجد سياسة أمريكية واضحة لإنهاء الحرب بل سياسة إدارة مجزرة بمؤقت إنساني.

فهل تحوّلت القيم الدولية إلى بازار تفاوضي؟ وهل أصبح الرغيف وكيس الطحين أداة مساومة على بقاء شعب بأكمله؟

أما السلطة الوطنية الفلسطينية – بكل ملاحظاتنا عليها فهيا على الأقل ما تبقّى من هيكل سياسي تبقى المظلة التي ممكن ان تجمع الكل تحت اطار منظمة التحرير الفلسطينية والتحرر من عقد الاقلية والاكثرية السياسية .

خاتمة حادة

وسؤال يلدغ في الظل

أمام هذا الفشل الدولي الفاخر وهذا الانحياز الأميركي المصقول بدهان "الوساطة"، نسأل:

إذا تم التوصل إلى صفقة تبادل شاملة " بيان نيويورك " وأطلقت حماس كل الرهائن دفعة واحدة وسلمت السلاح الى سلطة الوطنية فلسطنينة فهل هناك ضامن – غير النوايا الحسنة وبيانات الخارجية الأميركية – يمنع إسرائيل من أن تعيد الكرة؟

هل هناك من يضمن أن لا تقوم تل أبيب بعد أن تهدئ شارعها الداخلي بـ"الانتصار المعنوي" باجتياح شامل يشبه خُطة طرد جماعي مقنّعة بـ"أمن قومي"؟

وهل سنجد أنفسنا أمام تكرار ناعم للنكبة حيث لا كاميرات توثق ولا لاجئين يعودون بل فقط صور بالأقمار الصناعية لمخيمات جديدة تُقام على عجل في جنوب سيناء؟

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo