زوجة رئيس الشاباك المُعيّن: “تدمير البيوت في غزة هو فريضة، نحن نخوض حروب الرب”
في كتابها الذي يجمع أحاديثها مع زوجات الجنود الذين يقاتلون في غزة، فصلت نعومي زيني رؤيتها للحرب في غزة، ولـ”الفكر التقدمي”، ولعلاقات النساء بأزواجهن. وكتبت: “نحن نعيش حالياً ولادة وطنية، وربما ولادة عالمية. شعب إسرائيل يُولد من جديد”.
وفي ظل غياب تصريحات علنية كثيرة من دافيد زيني نفسه، قد تعكس أقوالها المناخ الفكري الذي يسود.
على الجندي الذي يقاتل أن يوجّه نيّته إلى أنه ينفذ وصية من وصايا الرب، إنه يفعل مشيئة الله… تدمير البيوت في غزة هو فريضة، وتصـفية ‘المخربين’ في غزة فريضة. هل هذه هي كل الفريضة؟ لا، ليست كذلك. يجب أيضًا الاستيطان ووراثة الأرض. الشعب لم يوجّه بعد نيّته إلى الفريضة الكاملة، فلنقم بما في وسعنا لنربي الشعب ونرفعه”، هكذا كتبت نعومي زيني، زوجة رئيس الشاباك المعيّن، اللواء دافيد زيني، في كتابها الذي يجمع أحاديث لزوجات الجنود الذين يقاتلون في غزة.
الكتاب، الذي صدر في عام 2024، يسلّط الضوء على رؤية زيني تجاه الحرب في غزة. ويتضمن إشارات قليلة فقط إلى زوجها، الذي يُشار إليه غالبًا بعبارة “رَجُلي”.
ومع غياب التصريحات العلنية الكثيرة من دافيد زيني نفسه، قد تعكس أقوال زوجته أجواء الفكر السائد في دائرته القريبة.
في الشهر الماضي، كشف تقرير في صحيفة “هآرتس” أن زيني قال أيضًا إن “الجهاز القضائي هو دكتاتورية تسيطر على الدولة كلها”. كما نُشر في يناير أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عارض ترقية اللواء دافيد زيني إلى منصب سكرتيره العسكري، قائلاً لمقرّبيه إنه “مسيحاني أكثر من اللازم”.
في السنوات الأخيرة، كانت نعومي زيني ناشطة في أنشطة زوجها، الذي شارك في تجنيد الحريديم (اليهود المتشددين)، وقد ألقت خطابًا في عام 2024 أمام زوجات جنود لواء الحشمونائيم.
أحد المحاور المركزية في الكتاب، الذي يحمل عنوان “بَنوتكوما – أحاديث إلى زوجة الجندي في وقت الحرب”، هو الانتقاد للفكر “التقدّمي” داخل الجيش الإسرائيلي، والذي تقول زيني إنه يتسرّب إلى المستويات الميدانية. وتكتب:
“كان لدينا خيال بأن جيشنا قوي، ويمكننا تمامًا الاعتماد عليه والاتكاء عليه، وبالفعل لدينا جيش عظيم، لكننا نرى أيضًا الكثير من التصورات المربكة جدًا، والعديد من المفاهيم المشوَّشة”.
يبدو أن فكر نعومي زيني متأثر بأيديولوجيا المدرسة الدينية الحريدية-القومية “هار همور”، وبشكل خاص بأقوال حنة طاو، زوجة رئيس المدرسة الحاخام تسفي طاو، الذي يُعد الزعيم الروحي لحزب “نوعم”.
زيني تقتبس مرارًا من أقوال حنة طاو، وتشير إلى كتب الحاخام طاو، والتي تقول إنها وزوجها “ندرسها معًا ومنفصلين منذ ما يقرب من 30 عامًا، بمواظبة”.
وكان دافيد زيني قد صرّح مؤخرًا بأن “المسيحانية ليست شتيمة”، ويُظهر كتاب زوجته، واعتمادها على أقوال عائلة طاو، أنها تشارك زوجها هذا التوجه الأيديولوجي.
الرهائن لا يكاد يُذكرون في كتاب نعومي زيني، باستثناء إشارة واحدة عندما تنتقد أولئك الذين يرغبون بإنهاء الحرب.
تكتب زيني:
“لسنا مستعدات للانجرار وراء النظرة السائدة في العالم، والتي تسيطر أيضًا على جزء من شعبنا”، وتوضح:
“صفقة لإطلاق سراح الرهائن الآن، وأن يعود الجنود إلى بيوتهم، ولا شيء أكثر. هذه نظرة تهزّ كل العمود الفقري”.
وتُضيف:
“بالتأكيد نحن نتوق إلى تحرير الرهائن وإنهاء آلام الحرب، فاليهودية كلّها حياة نعيم ولسنا نقدّس المعاناة، لكننا… نريد أن نُبرز هنا أن ما نمرّ به هو جزء من مخطّط كبير”.
بحسب نعومي زيني، فإن للحرب دور في فداء إسرائيل وخلاصها. جاء في كتابها:
“كل حرب خضناها حتى الآن جاءت لتُظهر مستوى جديدًا في واقع شعب إسرائيل، وفي مسيرة الفداء”.
وترى أن هناك مسارين مهمين يحدثان في هذه الحرب الحالية:
1. “التقدم الأول” يتمثل في أن “أمام الشر والخبث، يجب استخدام القوة. من المهم أن نعلم أن سياسة استخدام القوة لدى الجيش الإسرائيلي اليوم، ربما أصبحت أقوى من أي وقت مضى”.
2. “التقدم الثاني” كما تقول، هو “صحوة الشعب في هذه الحرب للنطق باسم الرب… كيف تتقدم عملية الفداء داخل الشعب نفسه، ولا يوجد أحد ليس جزءًا منها… إن القوة التي نراها على الأرض، من جنودنا الذين يتحدثون باسم الرب، وينادون باسم الرب ويخرجون إلى المعركة، لا توصف”.
وترى زيني أن هذه الحرب، كما سبق وأوضحت، هي “حرب فريضة” و”إرادة إلهية”. وتشرح في كتابها:
“حرب الفريضة التي نحن منغمسون فيها، والتي تحدثنا كثيرًا عن عظمتها، هي ما يُمكّن شعب إسرائيل من العودة والعيش في أرضه حياة التوراة والوصايا”.
ويُكتب أيضًا:
“من خلال شراكتنا في هذه الحرب، نحن نُحقق غاية حياتنا بشكل أسمى وأرفع. نحن الآن نعيش ولادة وطنية، وربما ولادة عالمية. شعب إسرائيل يولد من جديد”.
زيني تتناول في كتابها مطولًا قضية الثقة بقيادة الجيش وقيادة الدولة، لكنها لا تذكر إطلاقًا إخفاق الهجوم في 7 أكتوبر.
بدلاً من ذلك، تعود إلى مهاجمة الأفكار التقدمية، والتي ترى أنها تسببت – بحسب تعبيرها – بـ”ضعف في إدارة الحرب”.
وتكتب:
“هذه أسئلة بدأت قبل قيام الدولة وما زال كثيرون في حيرة منها حتى اليوم: كيف يمكن أن تكون هناك دولة لا تسير وفقًا للتوراة؟ كيف يمكننا أن نكون شركاء فيها؟ وهذه الأسئلة تتصاعد وتبرز أكثر في هذه الأيام، حين نواجه النتائج الكارثية لتلك الأفكار التقدمية المشوَّشة وندرك إلى أي حدّ يمكن أن تكون مدمّرة. إنها تمسّ بحياة البشر فعليًا”.
مع ذلك، تضيف:
“سيد هذا العالم يريد هذا الشعب كما هو. يريدنا أن نمر بالتحولات من إرادتنا ومن اختيارنا”.
ومن المواضيع المتكررة في الكتاب أيضًا، دعوة زيني للنساء إلى دعم أزواجهن الموجودين على الجبهة.
ورغم إدراكها لصعوبة وضع المرأة التي أُرسل زوجها إلى المعركة، إلا أنها تطلب منها أن تُفكر باحتياجات الأمة.
وتكتب:
“في وقت الحرب، فإن المخطط الإلهي لحياة الجماعة هو ما يحترق في القلب، وهو يهز أيضًا الحياة الفردية للإنسان”.
وتُضيف:
“إذا كنتِ فعلًا ترغبين في أن تُسهمي بحماية زوجك في المعركة، فاحذري من كل شيء قد يُضعفه”.
وفي موضع آخر، تُحذّر من طرح أسئلة قد تُثير الخوف والمشاعر السلبية لدى الزوج.
وتكتب:
**“امرأة تتحدث مع زوجها وتقول له: ‘قل لي، هل خرجت؟ هل دخلت؟
التراتبية الجندرية بين المرأة وزوجها تظهر بوضوح في أقوال نعومي زيني.
وتقول في إحدى المقاطع:
“خلال حياتي كنتُ أرى زوجي كأنه أسد قبل خروجه إلى الحرب”، وتُضيف: “أما أنا، فلم أكن أتحمس كثيرًا لخروجه للقتال. هناك بدأت تتضح لي الفكرة أن لديّ عملًا وهو أن أرتقي من خلاله” (وقد أكّدت على عبارة “من خلاله” بخط غامق في الأصل).
زيني توصي النساء بأن يدعمن أزواجهن في ساحة القتال، عبر إدارة شؤون البيت والحياة العائلية كما ينبغي.
وتكتب:
“عندما يرى أن لديه امرأة قوية ومتينة وبيتًا يُدار – ليس بيتًا مثاليًا، ولكن بيتًا فيه من يُمسكه – عندها يستطيع هو أيضًا أن يتقوّى ويقاتل كما يجب”.
النساء اللواتي يخدمن في الجيش في مواقع قتالية لا يُذكرن إطلاقًا في كتابها.
وترتبط رؤية زيني حول دعم المرأة لزوجها ارتباطًا وثيقًا برؤيتها التي تمزج الحرب بالعقيدة الميسيانية.
وتكتب:
“نحن نُتيح لأزواجنا الخروج والانشغال بشؤون الحرب، لأننا نعلم أن هذه هي طريقتنا في جلب الخير”.
وتُضيف:
“الحروب التي نخوضها هي حروب الرب، ومن خلالها يظهر الخير الإلهي في العالم”.