تحليل إعلامي

مدريد تلاحق قادة إسرائيل جنائيًا... العدالة تتحرك من إسبانيا

آلاف المتظاهرين وسط العاصمة مدريد تضامناً مع الشعب الفلسطيني
آلاف المتظاهرين وسط العاصمة مدريد تضامناً مع الشعب الفلسطيني

الحدث

في 8 يوليو 2025، أعلنت المحكمة الوطنية الإسبانية فتح تحقيق أولي في دعوى جنائية ضد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، ووزير جيشه، وعدد من القادة العسكريين، استنادًا إلى مبدأ الاختصاص القضائي العالمي. الدعوى قدّمتها جهات حقوقية إسبانية، من ضمنها أحد المشاركين في "أسطول الحرية"، و"لجنة التضامن مع القضية العربية".

السياقات المرافقة

1 - توتر متصاعد بين مدريد وتل أبيب

تدهور العلاقات بين إسبانيا وإسرائيل منذ أشهر، إذ اقترحت مدريد في يونيو 2025 تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، إلى جانب حظر تجارة السلاح.

تحوّل عملي في السياسة الإسبانية تجاه إسرائيل.

إلغاء صفقة كبرى لشراء أنظمة صواريخ إسرائيلية "سبايك" بقيمة 325 مليون دولار، دليل على تحوّل عملي في السياسة الإسبانية تجاه إسرائيل.

الصادرات الإسبانية إلى إسرائيل انخفضت بنسبة 35.6% في 2024، ما يعكس بُعدًا اقتصاديًا في التوتر القائم.

2- مواقف أوروبية متنامية ضد إسرائيل

تتناغم الخطوة الإسبانية مع تصاعد انتقادات أوروبية ضد إسرائيل، من بينها:

فرنسا: منعت شركات أسلحة إسرائيلية من المشاركة في معرض باريس الجوي.

هولندا وبلجيكا: دعتا لمراجعة أو حظر اتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.

بريطانيا: أعلنت استعدادها لاتخاذ "تدابير" ضد إسرائيل.

التحليل والاستنتاجات الإعلامية

1- سابقة قانونية أوروبية ضد مسؤولين إسرائيليين

التحقيق الإسباني يشكّل أول محاولة أوروبية فعلية لتحريك ملف قانوني جنائي مباشر ضد قيادة إسرائيلية حالية، مما قد يفتح الباب لتحرّكات مشابهة في دول أخرى.

الاختصاص القضائي العالمي، وإن كان نادر التطبيق، يُستخدم هنا كسلاح قانوني لإيصال رسالة سياسية واضحة: لا أحد فوق القانون الدولي.

2- مدى تفاعل الرأي العام

82% من الإسبان يرون أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة، ما يمنح الحكومة الإسبانية غطاءً شعبياً واسعاً لمواقفها المتقدمة ضد إسرائيل.

هذا التوجه الشعبي يعزّز شرعية القرار القضائي ويُضعف الحرج السياسي، رغم الانقسامات الحزبية داخل إسبانيا.

3- ردود إسرائيلية محتملة

تجذّر التعاطف الشعبي والسياسي مع القضية الفلسطينية.

إسرائيل ترى أن الحالة الإسبانية تختلف عن بقية أوروبا بسبب تجذّر التعاطف الشعبي والسياسي مع القضية الفلسطينية.

من المرجّح أن ترد إسرائيل دبلوماسيًا أو من خلال تجميد تعاون أمني واستخباراتي مع مدريد، أو محاولة التأثير داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي لاحتواء التصعيد القانوني.

الخلاصة الإعلامية

تزايد الانقسام بين الأنظمة والشارع في الموقف من إسرائيل

التحقيق الإسباني ضد نتنياهو ليس مجرد تحرّك قضائي رمزي، بل يمثّل تطوّرًا استثنائيًا يُترجم الاحتقان السياسي والأخلاقي داخل أوروبا تجاه السياسات الإسرائيلية، خاصة في ظل الحرب على غزة. إسبانيا تمارس دور "الريادة الأخلاقية" في أوروبا، في مشهد يعيد طرح العلاقة بين القانون الدولي والعدالة السياسية على الطاولة، وسط تزايد الانقسام بين الأنظمة والشارع في الموقف من إسرائيل.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo