تحول أم مناورة

أولويات تل أبيب الجديدة: هل نقترب من هدنة أم تسوية أم تصعيد؟

مواطنون ينزحون تحت القصف بغزة
مواطنون ينزحون تحت القصف بغزة

أولا: المؤشرات الرئيسة للتحول الاستراتيجي

تغيير الأولويات الإسرائيلية

يشهد الخطاب الإسرائيلي الرسمي تحولاً جوهرياً في ترتيب الأولويات، حيث أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن تحرير المحتجزين في غزة بات يتقدم على هدف "القضاء على حماس" الذي كان يتصدر الأجندة الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب. هذا التحول يعكس تأثير عوامل داخلية وخارجية متعددة، أبرزها الضغوط الأمريكية المتزايدة وتراجع الدعم الشعبي لاستمرار العمليات العسكرية.

الضغط الأمريكي المتصاعد

تشير المعطيات إلى أن إدارة ترمب تمارس ضغطاً مباشراً على إسرائيل لإنهاء الحرب، وهو ما تجلى في دعوة الرئيس الأمريكي المباشرة عبر منصته الإعلامية والضغوط التي تعرض لها الوزير الإسرائيلي رون ديرمر خلال زيارته لواشنطن. هذا الضغط يأتي في سياق رغبة أمريكية لإعادة ترتيب المشهد الإقليمي بعد وقف الحرب مع إيران.

التحديات والعقبات الماثلة

العقبات التفاوضية المستمرة

رغم التحول في الخطاب الإسرائيلي، تبقى العقبات التفاوضية قائمة، حيث تصر حماس على إنهاء دائم للحرب كشرط لأي اتفاق، بينما تسعى إسرائيل لضمان وقف إطلاق نار مؤقت يترك خيار استئناف القتال مفتوحاً. كما تستمر الخلافات حول آليات توزيع المساعدات الإنسانية وتموضع القوات الإسرائيلية.

استراتيجية حماس التفاوضية

تتبع حماس استراتيجية الاحتفاظ بالمحتجزين كورقة تفاوض رئيسية حتى اللحظة الأخيرة، مما يعقد جهود التوصل لاتفاق سريع. هذه الاستراتيجية تتصادم مع الرغبة الإسرائيلية في حل جزئي لا يتضمن الإفراج عن جميع المحتجزين مقابل وقف شامل للحرب.

ثانيا: المؤشرات الميدانية والسياسية

استنفاد الخيارات العسكرية

تشير التقارير العسكرية الإسرائيلية إلى أن العمليات البرية في غزة اقتربت من الاستنفاد، حيث لم تعد هناك أهداف كبيرة قابلة للتحقيق دون تهديد حياة المحتجزين الإسرائيليين. هذا المؤشر الميداني يدعم التوجه نحو الحل التفاوضي.

النافذة الزمنية الحرجة

يؤكد مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى أن "الأيام المقبلة دراماتيكية، ونافذة فرص لمرة واحدة"، مما يشير إلى إدراك إسرائيلي بأهمية اللحظة الراهنة لإنجاز تسوية قبل تعقد الظروف الإقليمية أكثر.

ثالثا: التقدير الاستراتيجي

احتمالية التوصل لاتفاق

رغم التفاؤل الأمريكي الظاهر، تشير المعطيات الميدانية إلى أن حديث ترمب "لا يستند إلى معطيات استخباراتية دقيقة" وأنه يعبر عن "رغبة شخصية أكثر من كونه تقييماً واقعياً للوضع". العقبات الجوهرية لا تزال قائمة، وحماس لم ترد بعد على المقترح الإسرائيلي المعروف بـ"مخطط ويتكوف".

الدوافع الحقيقية للتحول الإسرائيلي

يبدو أن التحول في الخطاب الإسرائيلي يهدف إلى تهيئة الرأي العام لإنهاء الحرب تحت ضغط الظروف الموضوعية: الضغط الأمريكي، استنفاد الخيارات العسكرية، وتراجع الدعم الشعبي. استخدام نتنياهو لمصطلح "إنقاذ" بدلاً من "إطلاق سراح" وتجنبه كلمة "صفقة" يعكس محاولة لتجنب الإيحاء بوجود اتفاق تبادل مع حماس.

رابعا: السيناريوهات المحتملة

السيناريوهات المحتملة

السيناريو الأول: اتفاق جزئي على مرحلتين

إطلاق 10 رهائن و15 جثمانًا مقابل هدنة 60 يومًا.

يُترك الخلاف حول مستقبل الحرب ونزع سلاح غزة للمرحلة التالية.

فرص التحقق: متوسطة
العقبات: غياب ضمانات حقيقية لحماس.

السيناريو الثاني: استمرار الجمود التفاوضي

استمرار تمسك الطرفين بشروطهما القصوى.

احتمال تصعيد محدود، أو تجميد طويل.

فرص التحقق: مرتفعة مؤقتًا

العقبات: تعقّد الملفات الإقليمية وانفجار الوضع في أي لحظة.

السيناريو الثالث: تدخل أميركي حاسم

ضغوط مباشرة من ترامب على الطرفين لإبرام صفقة برعاية أميركية.

قد تترافق مع إعلان رئاسي أميركي بـ"ضمانات لوقف القتال" دون التزام إسرائيلي مباشر.

فرص التحقق: تعتمد على زيارة نتنياهو القادمة إلى واشنطن.

العقبات: رفض المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لأي اتفاق يحد من حرية التحرك العسكري.

الخلاصة

التحول في الأولويات الإسرائيلية المعلنة يعكس تأثير الضغوط الخارجية والمعطيات الميدانية أكثر من كونه تغييراً استراتيجياً حقيقياً. النجاح في التوصل لاتفاق يبقى مرهوناً بقدرة الوسطاء على إيجاد صيغ إبداعية تلبي الحد الأدنى من مطالب الطرفين، خاصة فيما يتعلق بضمانات استمرار وقف النار وآليات تنفيذ أي اتفاق مستقبلي.

المصادر والاقتباسات

نتنياهو حول الأولويات الجديدة: "أريد أن أزفّ إليكم أن العديد من الفرص قد فُتحت الآن، أولها تحرير الرهائن.. بالطبع علينا أيضاً حسم مسألة غزة والقضاء على حماس، لكنني أقدّر أننا سننجز المهمتين"

دعوة ترمب المباشرة: "أبرموا الصفقة في غزة، أعيدوا الرهائن!!!"

تقييم المسؤولين الإسرائيليين لتصريحات ترمب: "ترمب يعبر عن رغبة شخصية أكثر من كونه تقييماً واقعياً للوضع" و"حديثه لا يستند إلى معطيات استخباراتية دقيقة"

موقف منتدى عائلات الرهائن: "الطريقة الوحيدة لإطلاق سراح الجميع هي من خلال اتفاق شامل وإنهاء القتال، وليس عبر عمليات عسكرية تعرض حياة المحتجزين وجنود الجيش للخطر"

تقييم الوضع العسكري: "العمليات البرية في غزة اقتربت من الاستنفاد... لم تعد هناك أهداف كبيرة قابلة للتحقيق بدون تهديد حياة المحتجزين الإسرائيليين" - القناة الإسرائيلية 13

تقييم المسؤولين الإسرائيليين للمرحلة الحالية: "الأيام المقبلة دراماتيكية، ونافذة فرص لمرة واحدة"

حالة المفاوضات: "حماس لم ترد بعد على المقترح الإسرائيلي المعروف بـ'مخطط ويتكوف'" - صحيفة "يديعوت أحرونوت"

موقف حماس: "حماس لا تزال تصر على إنهاء الحرب كشرط لأي اتفاق"

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo