بين "الرهائن" و"الرهن" كيف نُباع بالتقسيط؟

تسليم الأسرى الاسرائيليين بغزة
تسليم الأسرى الاسرائيليين بغزة

في الحرب لا أحد يعترف بالهزيمة بصوت عالٍ. الجميع يختبئ خلف العناوين. التهدئة الإنسانية. الرهائن ومن أبرع من واشنطن وتل أبيب في كتابة سيناريوهات الهدن المسمومة.

ها نحن بعد عشرين شهراً من 7 أكتوبر 2023 أمام مشروع جديد بمساحيق قديمة. تسريب لا مبادرة اقتراح لا اتفاق. صفقة من إنتاج ستيف ويتكوف بتوزيع أمريكي إسرائيلي. عشرة رهائن أحياء وثمانية عشر جثة مقابل ستين يوماً من الهدوء المعلب وبضعة آلاف من الشاحنات ومئة وعشرة أسرى فلسطينيين خرجوا بشروط العودة لاحقاً للزنازين.

هل هو وقف إطلاق نار. أم وقف مؤقت للنار حتى تنضج بقية الخطة. من يضمن أن اليوم الحادي والستين لن يحمل توقيت الاجتياح الكامل. من يضمن أن ما يحدث ليس إلا شراء وقت لإفراغ ما تبقى من غزة تحت عنوان الإنقاذ الإنساني.

الضامن كما يدعون هو السيد الأمريكي. لكن ألم يقسم هذا السيد يوماً أنه يحمي السلام في العراق. في فيتنام. في أفغانستان. في أوكرانيا. الآن يريدنا أن نؤمن أنه سيتحول فجأة إلى حمامة بيضاء في سماء غزة.

أما عن إسرائيل فهي لا تحتاج إلى ضامن. لأنها الضامن الوحيد لمشروعها. مشروع ليس جديداً بل مستنسخ عن التجربة الأمريكية ذاتها. أمة قامت على اقتلاع السكان الأصليين. إحالتهم إلى مجرد قضية. وتحويل أرضهم إلى مشروع استيطاني عالمي.

أمريكا أبادت الهنود الحمر ثم اعتذرت لهم بعد مئتي عام. إسرائيل تجهز على غزة على أمل أن تعتذر مستقبلاً للفلسطينيين من متحف تل أبيب للشعوب المنقرضة.

لكن ما الفرق أمريكا قتلت سكانها الأصليين قبل اختراع تويتر. إسرائيل تفعلها مباشرة على الهواء.

وهنا تأتي مأساة الرهائن يعيد الفلسطيني ما بيده من أسرى أحياء وجثامين لكن لا مقابل نهاية الحرب بل مقابل هدنة تجريبية. تراقب إسرائيل خلالها نبض غزة. هل استنزفت بما فيه الكفاية لتقبل بالتهجير.

كل ما يجري هو اختبار لحصار المعنويات. هل نرهق فنقبل بالخروج هل تتحول العودة إلى المغادرة. هل يصبح التهجير خياراً طوعياً. وتصبح المأساة إعادة تموضع ديموغرافي.

لا غرابة أن نرى مصر وقطر تصران على استئناف المفاوضات تحت أي ظرف. ذلك أن الظرف الحقيقي ليس ميدان القتال بل ميدان الشرعية الدولية التي لن تأتي إلا عبر بوابة أمريكية مهترئة لا تعترف حتى الآن بجرائم إسرائيل كإبادة.

وأما نتنياهو فيقف أمام جمهور أهالي المختطفين كالساحر المفلس يعدهم كل يوم بمفاجأة جديدة. حتى ترامب دخل المشهد وقال يوم 26 مايو خلال 24 ساعة لدي مفاجأة لإنهاء مأساة غزة. وكأن الرجل لم يعد قبل سنوات بجعل إيران تحت الأرض ثم عاد إلى تويتر ليحذف تغريدته.

ترامب استعراضي لا مفاوض. نتنياهو لا يضمن أحداً. وأمريكا تضمن فقط ما يخص أمن إسرائيل. فمن يضمن الفلسطيني. لا أحد سوى الفلسطيني.

لهذا فإن هذا الحل الأمريكي ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل مستمر من تحويل الدم إلى صفقة فهل نبيع دماءنا لأجل شحنة دواء أم نواصل الرفض.

إسرائيل استعادت رهائنها. دمرت المقابر والمستشفيات والمساجد. والغرب منحها جائزة التدمير الكاملة. فما الذي تبقى.

تبقى غزة لمن بقي فيها. تبقى فلسطين ما دام هناك من لا يزال يقول أنا هنا ولن أرحل. ويبقى الزمن لا إلى جانب الأقوى بل إلى جانب الأصدق.

زواية حادة تترك لنا السؤال الاتي ٫٫٫؟

ستيف ويتكوف" قدم اقتراح لا اتفاق. صفقة من إنتاج "بتوزيع أمريكي إسرائيلي 10 رهائن أحياء، و18 جثة، مقابل 60 يوماً من الهدوء المُعلّب، وبضعة من الشاحنات، و110 أسرى فلسطينيين سوف يخرجوا بشروط العودة لاحقاً للزنازين.

هل هو وقف إطلاق نار؟ أم وقف مؤقت للنار حتى تنضج بقية الخطة؟ من يضمن أن اليوم الـ61 سيكون الاجتياح الكامل للقطاع غزة بينما قوارب الصياد تنتظر سكانه لنقلهم الى معسكرات نكبة جديدة تحت مسمى الحماية

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo