فضيحة وعقاب

لا تستهينوا بها.. العدالة القانونية تطرق على رأس الاحتلال

جانب من جلسات محكمة العدل الدولية
جانب من جلسات محكمة العدل الدولية

عقدت محكمة العدل الدولية في الفترة من 28 أبريل إلى 2 مايو 2025 جلسات استماع مهمة حول التزامات إسرائيل فيما يتعلق بوجود وأنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

جاءت هذه الجلسات بناءً على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على رأي استشاري، وشهدت مشاركة 39 دولة، إضافة إلى منظمات دولية كالأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي.

يأتي هذا الرأي الاستشاري بعد أقل من عام من فتوى المحكمة السابقة التي أقرت بأن استمرار وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وألزمتها بإنهاء هذا الوجود في أسرع وقت ممكن مع تقديم التعويضات عن الأضرار الناجمة.

الالتزامات القانونية لإسرائيل: إطار متعدد الأبعاد

أولاً: الالتزامات بموجب ميثاق الأمم المتحدة

تنتهك إسرائيل التزاماتها كعضو في الأمم المتحدة في عدة محاور أساسية:

  • انتهاك المادة (1/2): من خلال إنكار حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وهو مبدأ أساسي في ميثاق الأمم المتحدة.
  • انتهاك المادة (2/4): باستخدام القوة ضد سلامة الأراضي الفلسطينية بشكل يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة.
  • انتهاك المادة (2/5): بتقييد عمل وكالة الأونروا وإصدار تشريعات تحظر نشاطها وتصنفها كمنظمة إرهابية، مما يتناقض مع التزام الدول الأعضاء بتقديم العون للأمم المتحدة.

ثانياً: الالتزامات بموجب القانون الدولي الإنساني

تخرق إسرائيل قواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، من خلال:

انتهاك المادة (49): بسعيها للنقل القسري لسكان قطاع غزة، وهو ما يحظره القانون الدولي بشكل قاطع.

انتهاك المادتين (55 و59): بمنع دخول المساعدات الإنسانية وإغلاق المعابر وتقييد وسائل الإغاثة التي تقدمها الوكالات الدولية مثل الأونروا والصليب الأحمر.

ثالثاً: الالتزامات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان

تمثل ممارسات إسرائيل انتهاكاً مزدوجاً:

  • قمع الشعب الفلسطيني من خلال حرمانه من الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية والمساعدات الغذائية.
  • عرقلة عمل المنظمات الدولية ومنعها من تنفيذ واجباتها الإنسانية والقانونية، مما يشكل تهديداً للحق الأساسي في الحياة.

رابعاً: انتهاك قرارات مجلس الأمن

تجاهلت إسرائيل قرار مجلس الأمن رقم (2735) لسنة 2024 الخاص بوقف إطلاق النار، ورفض أي تغيير ديموغرافي أو إقليمي في قطاع غزة، والالتزام برؤية حل الدولتين.

الانتهاكات الإسرائيلية: وقائع على الأرض

الانتهاكات ضد المدنيين والبنية التحتية

وثقت البيانات المقدمة للمحكمة أن إسرائيل:

  • قتلت ما يقرب من 52 ألف مدني.
  • استهدفت البنية التحتية والعاملين في المجال الطبي.
  • قامت بعمليات إخلاء قسري للسكان.
  • أنشأت وكالة تشجع على ترحيل الفلسطينيين من غزة.
  • الانتهاكات ضد منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية
  • تقويض عمل وكالة الأونروا عبر تصنيفها كمنظمة إرهابية وتجريد موظفيها من حصاناتهم.
  • إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
  • قصف معبر رفح من الجانب الفلسطيني لمنع دخول المساعدات.
  • عدم احترام حرمة مباني الأمم المتحدة وممتلكاتها وأصولها.

المسؤولية الدولية والتعويض: مبدأ راسخ

من المبادئ المستقرة في القانون الدولي أن كل إخلال بتعهد دولي يستتبع الالتزام بالتعويض الملائم. وبناءً على ذلك:

  • إسرائيل ملزمة بإعادة إعمار غزة باعتبارها المسؤولة عن الدمار.
  • التعويض كجزاء على الدولة المخالفة لالتزاماتها الدولية.
  • الحق في جبر الضرر كحق أساسي لتعويض الضحايا الفلسطينيين.

العواقب القانونية المتوقعة

رغم أن الرأي الاستشاري للمحكمة غير ملزم، إلا أنه سيشكل:

  • إدانة أخلاقية وسياسية لإسرائيل وتعزيز الضغط الدولي لإنهاء الاحتلال.
  • سابقة قانونية تُستخدم في المحافل الدولية لمحاسبة إسرائيل.
  • تأكيد التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين وفقاً لحدود 1967.

خاتمة: نحو عدالة دولية

إن الرأي الاستشاري المرتقب سيكون بمثابة مقياس لتوازن العدالة الدولية، ويسلط الضوء على بعد جديد من مساءلة إسرائيل، لا يتعلق فقط بحقوق الفلسطينيين، بل أيضاً باحترامها للمنظومة الدولية برمتها، وتأكيداً على أن احترام محكمة العدل الدولية ومهامها أمر أساسي لا غنى عنه لسيادة القانون وتغليب العقل والمنطق في الشؤون الدولية.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo