بين رفض وصمت عالمي

"صندوق المساعدات" الأمريكي-الإسرائيلي معالجة حربية بغلاف انساني

من عملية اسقاط المساعدات الانسانية جواً على قطاع غزة
من عملية اسقاط المساعدات الانسانية جواً على قطاع غزة

بعيداً عن الأمم المتحدة

أعلن "صندوق المساعدات لغزة"، المدعوم من الولايات المتحدة وإسرائيل، عن بدء عملية توزيع المساعدات الإنسانية قبل نهاية شهر مايو الجاري. وتعهد الصندوق بتوفير ما يقارب 300 مليون وجبة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من انطلاق المبادرة.

لكن اللافت في هذا الإعلان هو موقف الأمم المتحدة الرافض للمشاركة في هذه المبادرة، حيث اعتبرتها المنظمة الدولية بأنها "تفتقر إلى الحياد والنزاهة، ولا تتماشى مع مبادئها"، وهو موقف يعكس انقساماً عميقاً في رؤية كيفية التعامل مع الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.

كارثة إنسانية متفاقمة 

تكشف البيانات الصادرة عن لجان الأمم المتحدة المختصة صورة مأساوية للوضع الإنساني في غزة، حيث يواجه نصف سكان القطاع مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي. 

وفي مؤشر خطير على تدهور الأوضاع، كشفت تقارير إعلامية أن ضباطاً إسرائيليين رفعوا تحذيرات إلى القيادة العسكرية من خطر نفاد الإمدادات الغذائية وعدم كفايتها لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.

وعلى الصعيد الصحي، لا تبدو الصورة أقل قتامة، حيث حذرت منظمة الصحة العالمية من احتمال انهيار كامل للنظام الصحي في غزة، في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية.

صراع الرؤى والمصالح

شككت العديد من وكالات الإغاثة الدولية في جدوى الخطط الإسرائيلية لتوزيع المساعدات، محذرة من أنها "قد تعرض المدنيين للخطر وتشجع على نزوحهم القسري". 

بالمقابل، تتهم إسرائيل منظمات عدة، بما فيها هيئات تابعة للأمم المتحدة، بغض الطرف عن استيلاء حركة حماس على المساعدات وتحويلها لصالح أنشطتها.

ويبرز الانقسام الداخلي في المؤسسة الإسرائيلية حول آلية توزيع المساعدات، حيث طالب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإدخال تعديلات على خطة توزيع المساعدات بحيث يتم توزيعها في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، وهو المقترح الذي عارضه رئيس الأركان بسبب الموقف القانوني للجيش.

يعكس رفض الأمم المتحدة المشاركة في مبادرة "صندوق المساعدات لغزة" حجم الفجوة المتسعة بين المبادئ التي تلتزم بها منظمات الإغاثة الدولية من جهة، والاعتبارات السياسية والأمنية للأطراف المنخرطة في إدارة الصراع من جهة أخرى.

ويبدو أن استمرار الخلافات بين القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل حول آليات توزيع المساعدات يعكس تبايناً في المقاربات، مما قد يؤدي إلى تعقيد الوضع الميداني ويزيد من تحديات العملية العسكرية في القطاع.

وفي ظل هذه التعقيدات المتشابكة، تبقى احتياجات المدنيين في غزة مهددة بين مطرقة الاعتبارات السياسية وسندان الظروف الميدانية الصعبة، في وقت تحذر فيه المنظمات الدولية من كارثة إنسانية غير مسبوقة تلوح في الأفق.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo