مدخل
تبنت الهند موقفًا دبلوماسيًا ظاهريًا يقوم على ما يسمى "التوازن الصحيح" تجاه حرب غزة، مستندةً إلى سياسة عدم الانحياز التقليدية التي تعزز الاستقلالية في اتخاذ القرارات. ومع ذلك، يكشف التحليل العميق عن تعاون أمني وعسكري غير معلن مع إسرائيل، مما يشير إلى انحياز استراتيجي خفي يتناقض مع الخطاب الرسمي.
أبرز مظاهر الموقف الهندي
1- خطاب منافق
- الإدانة الانتقائية: أدانت الهند الهجمات على إسرائيل في 7 أكتوبر ووصفتها بـ"العمل الإرهابي"، لكنها تجنبت إدانة صريحة لحركة حماس في البداية، ثم أشارت إليها لاحقًا كـ"طرف في الصراع".
- الدعوة إلى حل الدولتين: أكدت الهند على ضرورة تحقيق حل تفاوضي لدولة فلسطينية، لكن دون الإشارة صراحة إلى القرارات الأممية التي تدعم حقوق الفلسطينيين، مما يتوافق مع الرواية الإسرائيلية.
- التركيز على القانون الإنساني: طالبت الهند باحترام القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين، لكنها لم تُدين بشكل واضح الانتهاكات الإسرائيلية، مثل استهداف المستشفيات.
2. الدعم العسكري غير المعلن لإسرائيل:
- التعاون الدفاعي: توجد شراكات استراتيجية بين الهند وإسرائيل في تصنيع الأسلحة (مثل الطائرات المسيرة "هرمس 900")، مع تقارير عن استمرار توريد أسلحة هندية لإسرائيل خلال الحرب.
- الدعم اللوجستي: استخدمت إسرائيل ميناء "حيفا" (الذي تشارك فيه شركة "أداني" الهندية) لاستقبال شحنات عسكرية، بما في ذلك معدات صنعت في الهند.
- المشاركة غير المباشرة: تقارير عن متطوعين هنود يقاتلون ضمن الجيش الإسرائيلي، رغم إنكار الحكومة الهندية.
3. أدوية واسلحة:
- قدمت الهند مساعدات إنسانية (مثل الأدوية والتمويل للأونروا)، لكنها كانت محدودة مقارنةً بحجم الدعم العسكري لإسرائيل، وتمت في إطار "الاستجابة للكوارث" دون انتقاد للحصار أو الحرب.
3- تحليل الموقف الهندي:
- الأبعاد الاستراتيجية: تعتمد الهند على إسرائيل في التكنولوجيا العسكرية ومكافحة الإرهاب، مما يفسر الدعم غير المعلن رغم الخطاب المحايد.
- الاعتبارات السياسية: تجنب الهند مواقف صريحة ضد إسرائيل لحماية مصالحها مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة، مع الحفاظ على علاقاتها مع الدول العربية لأسباب اقتصادية (مثل النفط).
- التناقض الظاهري: بينما صوتت الهند لصالح قرارات أممية تدعو لوقف إطلاق النار، امتنعت عن التصويت على قرارات تدين إسرائيل صراحةً، مما يعكس "توازنًا مصطنعًا".
4- التقييم النهائي:
- المصالح أولا: حافظت الهند على صورتها كدولة محايدة عبر خطاب دبلوماسي مرن، مع تعظيم مصالحها الأمنية والاقتصادية.
- نفاق دبلوماسي: انكشاف التناقض بين سياستها المعلنة والممارسات الفعلية، مما قد يضعف مصداقيتها لدى العرب
نصائح:
- على الفلسطينيين تعزيز الضغط الدبلوماسي لكشف التناقض الهندي في المحافل الدولية.
- مراقبة تدفق الأسلحة الهندية لإسرائيل ومحاسبتها عبر قنوات حقوق الإنسان.
- استغلال المساعدات الإنسانية الهندية لدعم القضية الفلسطينية إعلاميًا.
ملخص:
الهند تتبع إستراتيجية توازن شكلي مع انحياز عملي لإسرائيل — انطلاقًا من حسابات مصلحية صرفة، مما يجعل موقفها أداةً في الصراع بدلاً أن تكون وسيطًا نزيهًا.