تصاعدت التوترات بين إسرائيل وحركة حماس مع استمرار العمليات العسكرية وتعثر المفاوضات حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
كتاب إسرائيليون طرحوا رؤى وتحليلات معمقة حول الأهداف الإستراتيجية للحملة العسكرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى الانتقادات الموجهة لحكومة بنيامين نتنياهو ودورها في تعقيد الأوضاع الداخلية والخارجية.
غموض إستراتيجي للعدوان على غزة
الكاتب الإسرائيلي ميخائيل ميلشتاين، أكد أن الحملة العسكرية الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة تثير تساؤلات كبيرة حول أهدافها الإستراتيجية.
وأشار إلى أن العملية بدأت بضربة استباقية مكثفة استمرت عشر دقائق فقط، لكنها أسفرت عن مقتل مئات النشطاء، بما في ذلك قيادات بارزة في حركة "حماس"، مثل عصام الدعاليس، رئيس الحكومة الفعلي في غزة، وعدد من أعضاء المكتب السياسي للحركة.
وأضاف ميلشتاين أن هذه الضربة كانت مؤلمة لـ"حماس"، لكنها لم تهدد سيطرة الحركة على القطاع بشكل جوهري.
وأكد ميلشتاين أن إسرائيل ربما تسعى إلى ممارسة ضغط على "حماس" لتحرير الأسرى المخطوفين الإسرائيليين، لكنها لا تبدو مستعدة لخوض حرب شاملة تهدف إلى إسقاط حكم الحركة في غزة.
وشدد على أن "حماس" مستعدة لتحمل خسائر كبيرة، بل إنها قد تصل إلى حد "الانتحار الجماعي"، لكنها ترفض تقديم تنازلات جوهرية دون ضمانات بإنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل الكامل من القطاع.
وأشار إلى أن الحركة تعتبر أن الضغط العسكري الإسرائيلي هو "وهم" ولن يؤدي إلى تحقيق أهداف إسرائيل.
نتنياهو وحكومته: إدارة الأزمات والانزلاق نحو الكارثة
أما الكاتب عاموس هرئيل فيرى أن حكومة نتنياهو تقود إسرائيل نحو كارثة أخرى، مشيراً إلى أن التحذيرات الاستخبارية التي سبقت حرب غزة 2023 تم تجاهلها بشكل كامل.
وأضاف هرئيل أن نتنياهو، بدلاً من الاستماع إلى هذه التحذيرات، استخف بالأخطار وادعى أن إسرائيل أقوى من أي وقت مضى تحت قيادته، مشيرا إلى أنه وبعد مرور أشهر على تلك الحرب، تبين أن قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" كان على حق في تحذيراته.
وأشار هرئيل إلى أن نتنياهو يواصل سياساته المثيرة للجدل، بما في ذلك إقالة رئيس "الشاباك" وتعيين وزير أمن وطني متطرف مثل إيتمار بن غفير، مما يهدد الاستقرار الداخلي.
وشدد على أن هذه الخطوات تأتي في سياق محاولات نتنياهو تعزيز سلطته وتجنب المساءلة عن فشله في إدارة الأزمات السابقة، خاصة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر.
وأضاف أن سياسات الحكومة الحالية، بما في ذلك التعديلات القضائية والميزانية المتطرفة، تزيد من الانقسامات الداخلية وتضعف المؤسسات الديمقراطية.
وأكد هرئيل أن نتنياهو يعمل على إزالة آخر "حراس العتبة" الذين يقفون في وجه سياسته، مثل رئيس "الشاباك" والمستشارة القانونية للحكومة.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى مواجهة مباشرة بين الحكومة والمحكمة العليا، مما يعرض النظام "الديمقراطي" في إسرائيل لخطر الانهيار.
نتنياهو: تهديد وجودي لإسرائيل
من جانيها قال الكاتب الإسرائيلي، تسفي برئيل إن بنيامين نتنياهو أصبح تهديداً وجودياً لإسرائيل، مشيراً إلى أن سياساته تزيد من الانقسامات الداخلية.
وأضاف برئيل أن إقالة رئيس "الشاباك" ليست مجرد خطوة إدارية، بل جزء من مسار أوسع يهدف إلى تقويض المؤسسات الديمقراطية وتعزيز سلطة الائتلاف الحاكم.
وشدد على أن الاحتجاجات الشعبية الأخيرة تعكس غضباً متصاعداً من سياسات الحكومة، التي تهدد مستقبل إسرائيل كدولة ديمقراطية.
وأشار "برئيل" إلى أن التهديد الحقيقي لا يأتي فقط من الخارج، بل من الداخل أيضاً، حيث تسعى الحكومة إلى إعادة تشكيل النظام السياسي لصالحها، مؤكدا أن نتنياهو يستغل الأزمات الأمنية، مثل الحرب في غزة، لتبرير سياساته الداخلية وتجنب المساءلة عن فشله في إدارة الأزمات السابقة.
وأضاف أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية في إسرائيل، مما يعرض البلاد لخطر الانهيار الداخلي.
من خلال تحليل الكتاب الإسرائيليين، يتضح أن عودة الحرب على غزة تفتقر إلى هدف إستراتيجي واضح، في وقت تواجه إسرائيل تحديات داخلية خطيرة بسبب سياسات حكومة نتنياهو.
الانتقادات الموجهة للحكومة تشمل إدارة الأزمات الأمنية، وتقويض المؤسسات الديمقراطية، وتعريض الاستقرار الداخلي للخطر.
في ظل هذه الظروف، يبدو أن إسرائيل تقف على مفترق طرق، حيث تتطلب الأوضاع الحالية إعادة تقييم جذرية للسياسات الداخلية والخارجية لضمان مستقبل آمن ومستقر.
كما يسلط الكتاب الضوء على الدور السلبي لنتنياهو في تعقيد الأوضاع، سواء من خلال إدارته الفاشلة للأزمات الأمنية أو سعيه إلى تعزيز سلطته على حساب المؤسسات "الديمقراطية".
في النهاية، يبدو أن مستقبل إسرائيل يعتمد على قدرة الشارع والمؤسسات على مواجهة هذه التحديات وفرض تغييرات جذرية تعيد البلاد إلى مسار الاستقرار والديمقراطية.