في تصريحاته المستفزة وغير إنسانية ، أثار الرئيس الأمريكي ’القديم الجديد‘ دونالد ترامب ، موجة من الغضب والاستنكار، والتي اقترح فيها ترحيل فلسطينيي غزة إلى دول الجوار العربي ، وتحويل القطاع إلى "ريفيرا الشرق الأوسط". هذه التصريحات، التي تُعتبر دعوة علنية وغير مسؤولة، تلامس خطاباً خطيراً من الكراهية يصل إلى حد الدعوة للتطهير العرقي، وهو ما يعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي.
فمن الناحية القانونية، تقع تصريحات ترامب تحت طائلة التجريم، حيث تنتهك مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكد على حق كل فرد في العيش بكرامة وأمان دون تعرضه للتهجير القسري أو التمييز العرقي. كما أن هذه التصريحات تتناقض مع المنظومة القانونية الدولية التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تحظر التطهير العرقي وتعده جريمة ضد الإنسانية.
ومن الناحية النفسية والاجتماعية، أثارت هذه التصريحات قلقًا عميقًا بين الجاليات الفلسطينية في المهجر، حيث شعر الكثيرون بالإهانة والتهميش، كما زادت من حدة الشعور بالاغتراب وانعدام الأمان. فهي تعيد إلى الأذهان ذكريات النكبة وعمليات التهجير القسري التي عانى منها الشعب الفلسطيني منذ عام 1948. ويشعر العديد من الفلسطينيين في المهجر بالقلق على مصير أهاليهم في غزة، ويخشون من تكرار سيناريوهات التهجير وفقدان الهوية الوطنية. ففلسطينيو الشتات الذين لا يزالون يحلمون بالعودة إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم الأصلية التي هُجروا منها قسرا قبل عقود ، وجدوا أنفسهم أمام خطاب يهدد هويتهم ووجودهم، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات النفسية مثل القلق والاكتئاب بين أفراد هذه الجاليات.
في هذا السياق، تبرز أهمية الدور السياسي والقانوني المرجو لفلسطينيي الشتات في مواجهة مثل هذه التصريحات. على المستوى السياسي، يتعين عليهم تعزيز التضامن الدولي وحشد الدعم للقضية الفلسطينية، بينما على المستوى القانوني، يمكنهم العمل على رفع قضايا ضد مثل هذه التصريحات عبر المنظمات الدولية والمحاكم المختصة. وفي مواجهة هذه التحديات، يُنتظر من الجاليات الفلسطينية في المهجر أن تلعب دورًا محوريًا يمكن تلخيصه في التالي :
التوعية والتواصل: تعزيز الوعي الدولي حول مخاطر هذه التصريحات من خلال التواصل مع وسائل الإعلام العالمية، وتنظيم حملات توعوية تسلط الضوء على حقوق الشعب الفلسطيني ومعاناته.
الضغط السياسي: التواصل مع صناع القرار في الدول المضيفة لحثهم على اتخاذ مواقف رافضة لهذه المخططات، والعمل على بناء تحالفات سياسية تدعم الحقوق الفلسطينية.
التحرك القانوني: اللجوء إلى المحاكم الدولية والمؤسسات الحقوقية لرفع قضايا ضد أي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريًا، استنادًا إلى القوانين الدولية التي تجرّم التهجير القسري وتضمن حق الشعوب في البقاء بأراضيها.
تعزيز الوحدة والتضامن: تعزيز الروابط بين الجاليات الفلسطينية في مختلف الدول، وتوحيد الجهود لمواجهة هذه التحديات بروح من التضامن والوحدة.
وعليه، فإن تصريحات الرئيس ترامب تشكل تحديًا جديدًا للشعب الفلسطيني، سواء في الداخل أو في المهجر. إلا أن التاريخ أثبت مرة تلو الأخرى قدرة الفلسطينيين على الصمود ومواجهة التحديات بإرادة قوية وعزيمة لا تلين. كما أنها تُظهر مدى خطورة الخطاب السياسي المنفلت والذي يهدد السلم العالمي ويُعيق تحقيق العدالة. وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في مواجهة مثل هذه الدعوات التي تهدد حقوق الإنسان وتقوض أسس القانون الدولي والسلم العالمي .