حذر كتاب ومحللون سياسيون فلسطينيون من خطورة المخططات الأمريكية والإسرائيلية التي تهدف إلى تهجير أهالي قطاع غزة، معتبرين أن هذه الخطوة تمثل تهديدًا وجوديًا للشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني.
التحذيرات جاءت ردا على تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي طرح فكرة تهجير جزء كبير من سكان غزة كحل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تزامنا مع خطط إسرائيلية لتحقيقها على الأرض من خلال شن حرب إبادة على قطاع غزة.
الخطوة قوبلت برفض قوي من الفلسطينيين والدول العربية، خاصة مصر والأردن، اللتين اعتبرتا هذه الخطوة تهددا لأمنهما القومي وتتعارض مع المبادئ العربية المشتركة.
مخطط التهجير
الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله، قال إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ينحدر من أصول مهاجرة، يعمل الآن على تهجير الفلسطينيين من أرضهم الأصلية.
وأضاف أن ترامب يتحدث عن تهجير 60% من سكان قطاع غزة، وهو ما يرتبط بشكل وثيق بالفعل الإسرائيلي على الأرض، مشيرا إلى أن إسرائيل اختبرت بالفعل هذا النموذج من خلال تدمير البنية التحتية في غزة، وجعلت الحياة هناك مستحيلة بالنسبة للكثيرين، في تطبيق عملي لخطة الجنرالات الإسرائيلية، التي جرى طرحها في تقرير استخباراتي، بهدف تهجير الفلسطينيين إلى دول مثل مصر والأردن، وهو ما قوبل بالرفض من قبل هذه الدول.
وأكد عطا الله أن التهجير ليس مجرد فكرة عابرة، بل هو جزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى إزاحة الفلسطينيين من أرضهم، من خلال تحويل غزة إلى بيئة طاردة للحياة من خلال تدمير البنية التحتية وحرمان السكان من أبسط مقومات العيش، وإجبار الفلسطينيين على الرحيل "طوعيًا".
رفض فلسطيني وعربي للتهجير
الفكرة ذاتها تناولها الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل الذي أكد أن "ترامب" يتبنى موقفًا متغطرسًا ومرفوضًا من قبل الفلسطينيين والعرب، ويواصل إصدار القرارات التي تهدف إلى تحويل غزة إلى نقطة استيطانية لإسرائيل.
وأوضح أن هذه الخطط تأتي ضمن سياسته العامة في الشرق الأوسط، التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر تدمير قطاع غزة بشكل كامل، ثم محاولة تهجير سكانه إلى دول أخرى مثل مصر والأردن.
"عوكل" اعتبر أن هذا المخطط يشكل تهديدًا واضحًا للأمن القومي العربي، خاصة المصري والأردني، حيث أكدت القاهرة وعمان مرارًا رفضهما لهذا المشروع، معتبرين أن التهجير إلى سيناء أو إلى مناطق أخرى يشكل تهديدًا للأمن الوطني.
كما أشار عوكل إلى أن رفض مصر والأردن لهذا المخطط يمثل نقطة فارقة، لأنهما يعتبران أن تهجير الفلسطينيين يشكل جزءًا من رؤية إسرائيلية أوسع نحو "الوطن البديل"، وهو أمر يتعارض مع حقوق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم.
وأوضح "عوكل" أن ترامب يتعامل مع القضية الفلسطينية بعنجهية، معتقدًا أنه قادر على إجبار الدول العربية على قبول مخططاته، لكنه يغفل عن إرادة الشعب الفلسطيني في الصمود والبقاء على أرضه، وأنهم لن يقبلوا بالرحيل، حتى لو كانت الظروف المعيشية في غزة صعبة للغاية. وأضاف أن التهجير لن يحل الصراع، بل سيزيد من تعقيداته ويؤجج المشاعر المعادية لإسرائيل في المنطقة.
خطورة مخطط التهجير واستراتيجية المواجهة
أما الكاتب عاطف أبو سيف فحذر من الاستخفاف بمخطط ترامب ونتنياهو لتهجير أهالي قطاع غزة، مشيرًا إلى أن ترامب شخص عنيد ويؤمن بالإنجاز، مما يجعل من المهم التعامل مع أفكاره بجدية.
وأضاف أن فكرة التهجير من قطاع غزة، التي يروج لها ترامب، تمثل جزءًا من مخطط أكبر يمتد لتحقيق أهداف سياسية استراتيجية.
وأوضح أن ترامب يطرح ثلاثة عوامل رئيسية تدفعه نحو دعم تهجير سكان غزة: أولاً، أن غزة تشكل مصدرًا مستمرًا للصراعات مع إسرائيل. ثانيًا، أن وجود غزة يعيق الحل السياسي ويُفشل فكرة إقامة دولة فلسطينية. ثالثًا، أن إسرائيل بحاجة إلى المزيد من الأراضي لتوسيع نطاقها.
وأشار أبو سيف إلى أن ترامب يراهن على دعم من حزبه وبعض فئات الحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى دعم اللوبي الصهيوني، لتنفيذ هذه الفكرة التي تعد جزءًا من المشروع الصهيوني الأوسع.
ولفت إلى أن العالم قد يتعاطف مع الفلسطينيين، لكنه لديه أولوياته الخاصة، مما يجعل من الضروري أن يعتمد الفلسطينيون على أنفسهم في مواجهة هذا المخطط.
وفيما يتعلق بالموقف العربي، أشار الكاتب إلى أن هذه القضية تمثل تهديدًا مصيريًا ويجب أن يكون موقف الدول العربية حاسمًا ضد هذا المخطط، حتى وإن كان تحت مسمى الحلول الطوعية أو الترتيبات الاقتصادية.
تهديد وجودي
حذر الكتاب الثلاث من خطورة مخطط "ترامب ونتنياهو" لتهجير أهالي قطاع غزة، مؤكدين أنه يمثل تهديدًا وجوديًا للشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني.
وأكدوا أنه بينما يرى ترامب أن التهجير هو حل "عملي" للصراع، يعتبره الفلسطينيون والعرب جزءًا من استراتيجية إسرائيلية لإنهاء القضية الفلسطينية، لافتين إلى أن الرفض العربي، خاصة من مصر والأردن، يعكس إدراكًا عميقًا لخطورة هذا المخطط على الأمن القومي للدول العربية وعلى مستقبل القضية الفلسطينية.
في النهاية، يؤكد الكتاب على ضرورة توحيد الجهود الفلسطينية والعربية لمواجهة هذا التحدي، مع التركيز على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في أرضه.