قال رئيس منظمة اللاجئين الدولية، جيريمي كونينديك، إن فشل إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في محاسبة إسرائيل على عرقلة المساعدات الإنسانية في قطاع غزة أسهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، ما يجعلها وصمة عار لا يمكن محوها من إرث بايدن.
وأوضح أن الإدارة الأميركية لم تستخدم نفوذها بشكل كافٍ للضغط على إسرائيل، مما أدى إلى تفاقم المعاناة الإنسانية للملايين في غزة.
رسالة أميركية تطالب بتخفيف المعاناة الإنسانية
وأشار "كونينديك" إلى رسالة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، لحكومة الاحتلال في أكتوبر 2023، والتي أعربا فيها عن قلقهما العميق حيال العراقيل التي تضعها إسرائيل أمام تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، مع المطالبة باتخاذ إجراءات فورية لتحسين الوضع الإنساني في غزة، بما في ذلك زيادة عدد شاحنات المساعدات وإلغاء أوامر الإخلاء التي أدت إلى نزوح الملايين، ووقف التشريعات التي تعيق عمل وكالة (أونروا).
وأشارت الرسالة إلى أن القانون الأميركي يفرض تعليق مبيعات الأسلحة وإيقاف التعاون الأمني مع الدول التي تعرقل تسليم المساعدات الإنسانية.
الاحتلال يرفض تنفيذ الشروط الأميركية
وأوضح كونينديك أن منظمة اللاجئين الدولية، إلى جانب سبع مجموعات إغاثية أخرى، قامت بإجراء تحليل مفصل بشأن الإجراءات الـ19 التي طالبت الولايات المتحدة إسرائيل باتخاذها لتخفيف حدة الأزمة في القطاع، ووجد التحليل أن إسرائيل لم تتخذ أي إجراءات عملية بشأن 15 من هذه الإجراءات، في حين تعاملت مع الأربع المتبقية بشكل جزئي فقط.
وأضاف أنه رغم ذلك، رفضت إدارة بايدن فرض أي عقوبات على إسرائيل، بحجة أن بعض الإجراءات لم تكتمل، وأن الوعود المبدئية تشكل استجابة كافية.
واعتبر "كونينديك" أن هذا الموقف يعكس فشلًا دبلوماسيًا ذريعًا من إدارة بايدن في محاسبة إسرائيل على عرقلة المساعدات الإنسانية.
كارثة إنسانية
وأشار "كونينديك" إلى أن الوضع الإنساني في غزة وصل إلى مستويات كارثية، حيث يعاني حوالي 50 ألف طفل من سوء التغذية، كما أن 95% من المدارس تضررت أو دُمرت، و4 فقط من أصل 19 مخبزًا تتلقى دعم برنامج الغذاء العالمي لا تزال تعمل، بينما تعمل 17 مستشفى فقط من أصل 36 كانت تعمل في غزة قبل الحرب.
وأضاف أن أكثر من 1.9 مليون شخص، أي نحو 90% من سكان غزة، شُردوا قسرًا بسبب العمليات العسكرية المستمرة، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني بشكل غير مسبوق.
خطأ استراتيجي
وانتقد "كونينديك" السياسة الأميركية التي ربطت بين تقديم المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار، موضحًا أن هذا الربط شكل خطأ استراتيجيًا، حيث تسبب في عرقلة وصول المساعدات إلى المدنيين في غزة الذين يعانون من أوضاع إنسانية صعبة.
وأكد أن القانون الدولي يفرض على الأطراف المتحاربة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وحمايتها، بغض النظر عن أي مفاوضات لوقف إطلاق النار، مشددًا على أن استخدام الإغاثة الإنسانية كأداة ضغط في المفاوضات السياسية أمر غير قانوني وأدى إلى زيادة تعقيد الوضع.
نفوذ أميركي مع وقف التنفيذ
"كونينديك" أكد أن الولايات المتحدة كان لديها القدرة على استخدام نفوذها لدى إسرائيل لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة دون الحاجة إلى ربط ذلك بوقف إطلاق النار وإعادة الأسرى المحتجزين في غزة، موضحًا أن زيادة الضغوط الأميركية على إسرائيل في الأشهر الأولى من العام 2024 أسفرت عن بعض التحسينات في وصول المساعدات الإنسانية، ولكنها كانت مؤقتة.
وأضاف أن تلك الضغوط تراجعت بشكل ملحوظ، ما أدى إلى تدهور الوضع مرة أخرى، خاصة بعد الهجوم المدمر الذي شنته إسرائيل على رفح في مايو 2024.
التعامل الأميركي مع الأزمة: فرصة ضائعة
واختتم كونينديك تصريحاته بالقول إن فشل إدارة بايدن في التعامل مع الأزمة الإنسانية في غزة كان بمثابة فرصة ضائعة، مشيرًا إلى أنه لو كانت الإدارة الأميركية قد اتبعت نصيحة العديد من المسؤولين الأميركيين في عام 2018، التي تدعو إلى تجميد الدعم العسكري لأي دولة تتعمد إعاقة المساعدات الإنسانية، لكان من الممكن إنقاذ العديد من الأرواح في غزة.
لكنه أضاف أن إدارة بايدن أهملت هذه الفرصة، مما أدى إلى استمرار المعاناة في القطاع، وضياع عام كامل منح إسرائيل حرية إعاقة تسليم المساعدات إلى غزة.
وحذر من أن الوضع قد يزداد سوءًا عند تولي الرئيس دونالد ترامب، زمام الأمور، حيث من المتوقع أن يمنح نتنياهو حرية أكبر في التصرف، مما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني في غزة.