في ظل احتدام المواجهة الإسرائيلية مع حزب الله في لبنان، يبرز التساؤل حول موقف النظام السوري من هذا الصراع؟، لا سيما في ظل استراتيجية "وحدة الساحات" الإيرانية، التي تُنسّق بموجبها مختلف الفصائل المنضوية ضمن محور المقاومة الموالي لطهران عملياتها ضدّ "إسرائيل".
وفي تحليل نشره "مركز كارنيغي للسلام" رأى أن الأهداف التي يسعى الرئيس السوري "بشار الأسد" إلى تحقيقها في هذه الأزمة، هي ضمان بقائه في السلطة والتعامل بأقل الخسائر الممكنة، لا سيما بعد أن أدرك أن مقاربة "وحدة الساحات" عبارة عن رهانٍ لا ينطوي على فرص نجاحٍ تُذكَر.
وأشار إلى أن سورية أحجمت عن فتح جبهة فاعلة ضدّ "إسرائيل" عقب هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، وأبقت على موقفها هذا، سعيا منها إلى الانفصال عن وحدة الساحات، حتى بعد أن وجّهت "إسرائيل" ترسانتها الحربية ضدّ حزب الله.
وبحسب التحليل السياسي فإن الأسد سيكون مضطرًّا لمواصلة السير على حبل رفيع تُمسِك به قوى إقليمية متعدّدة لضمان حفاظه على السلطة، رغم صعوبة ذلك مع اقتراب نيران الحرب أكثر من دمشق.
وشدد على أن استراتيجية النظام السوري غير المتّسقة تجاه "وحدة الساحات" لن تكون كافية لحماية سورية من المخاطر في المستقبل، مذّكرا بتحذير حكومة نتنياهو، إلى سورية في حال استمرارها في توفير طريقٍ لإمداد حزب الله بالأسلحة والسماح له بتنفيذ هجمات ضدّ "إسرائيل" من أراضيها.
ورغم رغبة الرئيس السوري في تجنّب المواجهة مع "إسرائيل"، أوضح التحليل أن الطريق محفوفًا بالمخاطر نظرًا إلى روابط الأسد الوثيقة بإيران، ودور سورية بوصفها مركز عبورٍ للأسلحة من إيران إلى حزب الله على الطرف الآخر.
وكشف التحليل السياسي أن الضربات الإسرائيلية ضدّ حزب الله قد تؤدّي، إلى جانب تأثيرها العسكري، إلى إضعاف نفوذ النظام السوري في لبنان، كما أن فرار آلاف اللبنانيين والسوريين إلى سورية، يشكل عبءً لا يريده النظام ولا يستطيع تحمّله من دون مساعدة دولية، ولكنه مضطّر إلى قبوله.
وكانت "إسرائيل" قد صعّدت هجماتها في سورية لتشمل أصولًا تابعة لإيران وحزب الله، كما أشارت التقارير إلى أن جيش الاحتلال عزز قواته في مرتفعات الجولان، وأزال الألغام من بعض المناطق، ما قد يكون تمهيدًا لفتح جبهة جديدة.
ورأى تحليل مركز "كارنيغي" أن التهديدات الإسرائيلية ليست التهديدات الوحيدة التي تواجه نظام الأسد، وأن الأكثر مدعاةً للقلق في دمشق هو أن أطرافًا مثل هيئة تحرير الشام، والمعارضة السورية، وتركيا، والأكراد، قد تحاول استغلال مكامن ضعف النظام، ما يقوّض بشكلٍ أكبر وحدة الأراضي السورية.
وشهدت الجبهة مع تركيا في الشمال الغربي تطوّرات مهمّة، إذ عَمَد الأتراك إلى تعزيز مواقعهم، وأرسلوا تعزيزات عسكرية ضخمة وأسلحة كثيرة إلى إدلب ومنطقة درع الفرات، فيما تعمل هيئة تحرير الشام ومجموعات مسلّحة أخرى على حشد قواتها قرب الخطوط الأمامية في إدلب وحلب.
في المقابل يسود هدوءٌ مريبٌ في الشمال الشرقي الذي يهيمن عليه الأكراد حيال الصراع مع إسرائيل، وهو الأمر الذي يثير قلق دمشق أيضًا.