بارقة أمل واختبار مواقف

قمة الرياض.. "حل الدولتين" مفتاح التطبيع والاستقرار

المشاركون في قمة الرياض
المشاركون في قمة الرياض

في سياق الأزمات المتفاقمة في الشرق الأوسط وتحديداً في فلسطين ولبنان، انعقدت قمة الرياض العربية الإسلامية لتوحيد المواقف الإقليمية حول قضايا الأمن والاستقرار، وبحث حلول مشتركة للأزمات الإنسانية والسياسية، خاصة بما يتعلق بمصير الفلسطينيين وسبل تحقيق حل الدولتين، كم اتفق قادة الدول المشاركة على التركيز على منع مزيد من التصعيد وحماية السيادة الفلسطينية كجزء من الحل النهائي للقضية الفلسطينية.

قمة استثنائية لوقف التصعيد في المنطقة

الكاتب والإعلامي السعودي عبد الرحمن الراشد، أكد أن قمة الرياض جاءت كخطوة استباقية بهدف تهدئة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط المضطربة بفعل ثلاث أزمات رئيسية، هي النزاع في غزة، التصعيد في لبنان، والدور الإيراني في المنطقة.

وأوضح الراشد أن القمة لم تكن مجرد لقاء عابر، بل هي بمثابة جبهة موحدة من دول متعددة، من إندونيسيا إلى المغرب، تعمل على خلق توافق حول قضايا تتجاوز الانقسامات المعتادة بين الدول العربية، مشيرا إلى أن التركيز الرئيسي للقمة انصب حول كيفية منع تهجير سكان غزة، ومواجهة خطط إسرائيل لإضعاف السلطة الفلسطينية، ودعم جهود تثبيت سيادة الدول ومنع التدخلات الخارجية، وذلك عبر دور قيادي تقوم به السلطة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة.

وأشار إلى الدعم الذي توليه السعودية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، للحقوق الفلسطينية وضرورة توفير الحماية للفلسطينيين من التداعيات العسكرية، ومطالبتها بالاعتراف الدولي الكامل بدولة فلسطين، ودعوتها لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة.

قمة الرياض وحل الدولتين

أما الكاتبة البحرينية سوسن الشاعر، فترى أن قمة الرياض مهدت الطريق لتحقيق حل الدولتين، معتبرة أن الظروف السياسية الحالية، بما في ذلك التغيرات في الموقف الإيراني، تشكل فرصة تاريخية يجب اغتنامها لتحقيق تقدم في الملف الفلسطيني.

وتشير الشاعر إلى أن القمة تتيح فرصة لدور سعودي قوي يقود المبادرات الدولية لحل النزاع العربي الإسرائيلي، داعية إلى تثبيت القيادة السعودية كوسيط رئيسي في هذا الملف ومنحها الثقة لإدارة المسارات المعقدة للصراع بما يضمن استبعاد الشخصيات غير المقبولة من الأطراف الفلسطينية واللبنانية، والتي ترتبط بمرحلة مضت ولم تعد مناسبة للتعامل مع التغيرات الدولية.

تستعرض الشاعر أن المجتمع الدولي بما في ذلك قوى كبرى ومجلس الأمن، بات أكثر استعدادا لدعم حل الدولتين، الأمر الذي يعزز من فرص التوصل لتسوية مقبولة.

بالإضافة إلى ذلك، ترى الكاتبة أن تحولات الرأي العام العالمي والإسرائيلي نفسه باتت أكثر قبولاً لفكرة حل الدولتين، خاصة مع ازدياد الضغوط الغربية لصالح هذا الخيار.

فرصة لتعزيز التضامن العربي

الناطق باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، شدد على أهمية القمة باعتبارها فرصة لتعزيز التضامن العربي والعمل المشترك، في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تواجه المنطقة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تحتاج لدعم عربي للوصول لحل عادل ودائم وفق مبادئ القانون الدولي.

التطبيع مقابل إقامة الدولة الفلسطينية

أما الكاتب الجزائري محمد سليم قلالة، فيري ضرورة الالتزام العربي بحل الدولتين كوسيلة لاستعادة الموقف العربي المشترك في مواجهة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي.

ويستعرض قلالة الجوانب المختلفة من القرار رقم 23 الصادر عن قمة الرياض، والذي يشدد على ضرورة تحقيق الاستقلال الفلسطيني وفق حدود 1967، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من الالتزامات التي أُقرت منذ مبادرة السلام العربية لعام 2002، والتي تربط التطبيع مع إسرائيل بإقامة الدولة الفلسطينية.

ووجه قلالة انتقادات واضحة للدول العربية التي سارعت إلى التطبيع مع إسرائيل قبل تحقق هذا الشرط، ويرى أن التزام المملكة العربية السعودية بحل الدولتين دون الانزلاق إلى التطبيع الكامل قد يكون عاملاً مهماً في كبح المساعي الإسرائيلية لتوسيع الاستيطان.

يشير الكاتب إلى أن تبني موقف عربي صلب يطالب بتطبيق قرارات القمة، بما في ذلك حقوق اللاجئين ورفض التهديدات الإنسانية ضد الفلسطينيين، يمكن أن يشكل تحولاً في ميزان القوى الإقليمي، ويحث الدول العربية المتبقية على عدم التعجل في التطبيع قبل تحقيق هذه الشروط.

تمثل قمة الرياض العربية الإسلامية نقطة انعطاف جديدة في مسار القضايا الرئيسية التي تواجه الشرق الأوسط، وخاصة القضية الفلسطينية.

ورغم تعدد الآراء حول أهم مخرجات القمة، إلا أن هناك إجماعاً على أن هذه القمة تعكس رغبة حقيقية في إحياء حل الدولتين كوسيلة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، من خلال دعم الحقوق الفلسطينية وتعزيز وحدة الصف العربي في مواجهة الضغوط الخارجية، مع دعم جهود المجتمع الدولي لإيجاد حل دائم للقضية.

القمة يمكن اعتبارها بارقة أمل لتحقيق تقدم ملموس في القضية الفلسطينية وإنهاء النزاع، خاصة في ظل الظروف الدولية والإقليمية التي تبدو مهيأة لاستقبال هذا الحل، إذا ما التزمت الدول العربية ً بإعادة تفعيل الدور السياسي الإقليمي والدولي لصالح القضية الفلسطينية، وحماية الاستقرار في المنطقة من تداعيات الحروب المتكررة والنزاعات المسلحة.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo