وصف المؤرخ الإسرائيلي عاموس غولدبرغ، الأستاذ المشارك في قسم التاريخ اليهودي واليهودية المعاصرة في الجامعة العبرية بالقدس، التصرفات الإسرائيلية في قطاع غزة بأنها "إبادة جماعية".
وأكد أن الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس، والتي بدأت بهجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023، أسفرت عن مقتل أكثر من ألف إسرائيلي، تسببت أيضًا في مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، أغلبهم من المدنيين.
تحليل الوضع في غزة
اعتبر غولدبرغ أن الحرب الحالية، التي تشنها إسرائيل تحت مسمى القضاء على حماس، حولت جزءًا كبيرًا من قطاع غزة إلى أنقاض، مما يجعل العودة إلى الحياة الطبيعية أمرًا مستحيلًا لسنوات قادمة. ورأى أن تصرفات إسرائيل تتماشى مع تعريف الإبادة الجماعية كما حدده القانون الدولي، حيث يُشدد على نية تدمير مجموعة قومية أو عرقية.
الإبادة الجماعية كفكرة
ويرى غولدبرغ أن استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" أمر مهم لوصف ما يحدث في قطاع غزة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنه على الرغم من الصعوبات المرتبطة بالحديث عن هذا الموضوع، فإن حجم الفظائع المرتكبة في غزة يجعل السكوت عنها غير ممكن.
ولفت إلى وجود حالة من نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين في الخطاب الإسرائيلي، مما يسهل تصرفات قاسية تجاههم. وأوضح أن التعريف القانوني للإبادة الجماعية الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1948 لا يتطلب أن تكون الأفعال المرتكبة إبادة كاملة، بل يمكن أن تشمل تدميرًا جزئيًا، مشددًا على أن وجود نية للقتل والإيذاء الممنهج تُعتبر من العوامل الأساسية في تقييم الوضع عند الحديث عن "الإبادة الجماعية".
الانتقادات والتحديات الأكاديمية
غولدبرغ قال إنه واجه ردود فعل متباينة، حيث انتقده بعض طلابه بينما شكره آخرون، مؤكدًا أن الجامعات الإسرائيلية تمثل معاقل للمعارضة، لكن تظل هناك ضغوط قوية على الأساتذة والطلاب لالتزام الصمت أو التراجع عن انتقاداتهم.
في هذا السياق، أشار غولدبرغ إلى حادثة الأستاذة الفلسطينية نادرة شلهوب كيفوركيان، التي تعرضت للمضايقة والاعتقال بسبب آراءها حول الإبادة الجماعية والصهيونية، مؤكدًا أنها تعكس مناخ الخوف والقمع الذي يسود الجامعات، مما يجعل حرية التعبير مهددة، خاصة أنها تنتظر الآن لترى ما إذا كان سيتم توجيه اتهامات لها بـ "التحريض" استنادًا أيضًا إلى مقالاتها الأكاديمية.
الوضع في الضفة الغربية
كما تناول غولدبرغ الوضع في الضفة الغربية، مشيرًا إلى وجود مخاطر كبيرة مع تصاعد الهجمات على الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات. ورأى أن الحكومة الإسرائيلية تعتبر الحرب فرصة للاستيلاء على المزيد من الأراضي وطرد الفلسطينيين من أراضيهم، لافتًا إلى الدعم الكبير من قوات الجيش والشرطة لتصرفات المستوطنين.
الدعم الدولي وموقف ألمانيا
غولدبرغ انتقد الحكومة الألمانية لدعمها غير المشروط لإسرائيل، معتبرًا أن هذا الموقف يتعارض مع القيم الإنسانية، ورأى أن مثل هذا الدعم يسهل على إسرائيل ارتكاب جرائم ويمنع محاسبتها على تصرفاتها.
الرؤية المستقبلية
عبر غولدبرغ عن تشاؤمه حيال نتائج الحرب الحالية، مؤكدًا أن الحل ثنائي القومية القائم على المساواة أصبح بعيد المنال، كما أن فكرة حل الدولتين مجرد وهم، بعدما قضى توسيع المستوطنات بالفعل على أي إمكانية لحصول الفلسطينيين على حقوقهم.
وأكد أن المجتمع الإسرائيلي يميل نحو العنصرية والعنف، مما يمنع أي دعم لحلول سلمية، الأمر الذي يثير القلق من فقدان الديمقراطية في إسرائيل، حيث يعيش 7.5 مليون يهودي و7.5 مليون فلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية، مع حقوق غير متساوية.
وشدد على أن ألمانيا والولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية ساهموا بشكل كبير في الوصول إلى الطريق المسدود الحالي، معبرًا عن تشاؤمه بشأن المستقبل، مشيرًا إلى أن تغيير الأمور للأفضل يتطلب ممارسة ضغوط دولية هائلة.